باب الألف - أحمد بن علي الصفار، الخوارزمي أبو الفضل

أحمد بن علي الصفار، الخوارزمي أبو الفضل

قال محمد بن أرسلان: كان من فضلاء خوارزم، وبلغائهم، وكتابهم، وله أشعار مونقة لطيفة، ورسائل لبقة خفيفة، جمع رسائله أبو حفص، عمر بن الحسن، بن المظفر الأديبي، وجعلها على خمسة عشر باباً، وذكر في أول جمعه: وبعد، فإني رغبت في مطالعة رسائل، تكون إلى التخريج في البراعة وسائل، ثم تقلبت وتطلبت، فلم أر أعذب في السمع، وأعلق بالطبع، وأجرى في ميدان أهل الزمان، من غرر أبي الفضل الصفاري، ثم ذكرت ما كان بينه وبين والدي - رحمه الله - من المحبة المشتبكة اسشتباك الرحم، الجارية في عروقها مجرى الدم، والأخوة الصافية من الكدر، الباقية على الغير، فاقترحت عليه أن يلقي إلي ما حصل لديه، من رقاعه الصادرة إليه، فأجابني إلى ملتمسي، فدونت ما ألقاه إلي من إنشائه، وألحقت به ما وجدته عند غيره من أودائه، وهذا أنموذج من كلامه: كتب عن أبي سعيد، سهل بن أحمد السهلي، إلى عميد الملك أبي نصر الكندري، حين أنهض ولده إلى حضرته: كتابي - أطال الله بقاء الشيخ السيد - وأنا معترف برق ولائه، متصرف في شكر سوابق آلائه، حامد لله تعالى على تظاهر أسباب عزه وعلائه، ولم أزل منذ حرمت التشرف بخدمته، أنطوي على مبايعته، وأتلظى شوقاً ألى التسعد بخدمة حضرته، التي هي مجمع الوفود، ومطلع الجود، وعصره المحمود، وأتمنى على الله تعالى حالاً تدنيني من جنابه الرحب، ومشرعه العذب، ومتى تذكرت تلك الأيام، التي كانت تسعفني بالتمكن من خدمته، التي هي مادة الجمال، وغاية الآمال، انثنيت بحسرة مرة، وانطويت على غصة مستمرة، وكم كاتبت شريف حضرته، لازالت محسودة مأنوسة، فلم أؤهل لجواب، ولم أشرف بخطاب، فأمسكت عن العادة في المعاودة، جرياً على طريقة الأصاغر، في مراعاة حشمة الأكابر، ولو جريت في مكاتبة حضرته على حكم الاعتقاد، والنية الخالصة في الوداد، لأكثرت، حتى أضجرت، وهو بحمد الله أحسن أخلاقاً، وأوفر في الكرم والمجد خلاقاً، من أن يرى عن قدماء خدمه متجافياً، ولخواص أصاغره جافياً، ولو كان رحيلي ممكناً، لاستعملت في الخدمة قدمي، دون قلمي، وحين عجزت عن ذلك، لما أنا مدفوع إليه من اختلال الحال، وتضاعف الاعتلال، أنهضت ولدي أبا الحسين خادمه، وابن خادمه، نائباً عني في إقامة رسم حضرته، التي من فاز بها، فقد فاز وسعد، وعلا نجمه وصعد، فلا زال مولانا منيع الأركان، رفيع القدر ولا مكان، سابغ القدرة والإسكان، محروس العز والسلطان، تدين المقادير لأحكامه، وتجري السعود تحت راياته وأعلامه، آمين، إن شاء الله.