باب الألف - أحمد بن محمد، بن أبي محمد اليزيدي

أبو جعفر، ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر، في تاريخ دمشق، فقال: أحمد بن محمد، بن يحيى المبارك، ابن المغيرة، أبو جعفر العدوي النحوي، المعروف أبوه باليزيدي، كان من ندماء المأمون، وقدم معه دمشق، وتوجه منها غازياً للروم، سمع جده أبا محمد يحيى، وأبا زيد الأنصاري، وكان مقرئاً، روى عنه أخواه، عبيد الله، والفضل ابنا محمد، وابن أخيه محمد بن العباس، ومحمد بن أبي محمد، وعون بن محمد الكندي، ومحمد بن عبد الملك الزيات، مات قبيل سنة ستين ومائتين. قرأت في كتاب أبي الفرج الأصبهاني، حدثنا محمد بن العباس، حدثني أبي، عن أخيه أبي جعفر قال: دخلت يوماً على المأمون بقارا، وهو يريد الغزو، فأنشدته شعراً مدحته به، أوله:

يا قصر ذا النخلات من بارا

 

إني حننت إليك من قـارا

أبصرت أشجاراً على نهـر

 

فذكرت أنهاراً وأشجـارا

لله ايام نـعـمـت بـهـا

 

في القفص أحياناً وفي بارا

إذ لا أزال أزور غـانـية

 

ألهو بها وأزور خـمـارا

لا أستجيب لمن دعا لهـدى

 

وأجيب شطـاراً ودعـارا

أعصى النصيح وكل عاذلة

 

وأطيع أوتاراً ومـزمـارا

قال: فغضب المأمون قوال: أنا في وجه عدو، وأحض الناس على الغزو، وأنت تذكرهم نزهة بغداد، قلت: الشيء بتمامه، ثم قلت:

وصحوت بالمأمون من سكري

 

ورأيت خير الأمر ما اختارا

ورأيت طـاعـتـه مـؤدية

 

للفرض إعلانـاً وإسـرارا

فخلعت ثوب الهزل من عنقي

 

ورضيت دار الخلد لـي دارا

وظللت معتصماً بطـاعـتـه

 

وجواره وكفـى بـه جـارا

إن حل أرضاً فهي لي وطـن

 

وأسير عنها حيثـمـا سـارا

فقال له يحيى بن أكثم: ما أحسن ما قال يا أمير المؤمنين! أخبر أنه كان في سكر وخسار، فترك ذلك وارعوى، وآثر طاعة خليفته، وعلم أن الرشد فيها، فسكن وأمسك، ولأحمد بن اليزيدي هذا، بيت جمع فيه حروف المعجم كلها وهو:

ولقد شجتني طفلة برزت ضحـى

 

كالشمس خثماء العظام بذي الغضا

وذكره أبو بكر الزبيدي فقال: هو أمثل أهل بيته في العلم.