باب الألف - نسخة وصية أبو على المسكاوية

نسخة وصية أبو على المسكاوية

"بسم الله الرحن الرحيم": هذا ماعاهد عليه أحمد ابن محمد، وهو يومئذ آمن في سربه، معافى في جسمه عند قوت يومه،لا تدعه إلى هذه المعاهدة، ضرورة نفس ولا بدن، ولا يريد بها مراءاة مخلوق، ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة منهم، عاهد على أن يجاهد نفسه، ويتفقد أمره، فيعف، ويشجع، ويحكم. وعلامة عفته: أن يقتصد في مآرب بدنه، حتى لا يحمله الشره على ما يضر جسمه، أو يهتك مروءته. وعلامة شجاعته: أن يحارب دواعى نفسه الذميمة، حتى لا تقهره شهوة قبيحة، ولا غضب في غير موضعه. وعلامة حكمته: أن يستبصر في اعتقاداته حتى لايفوته بقدر طاقته شيء من العلوم والمعارف الصالحة، ليصلح أولاد نفسه ويهذبها، ويحصل له من هذه المجاهدة ثمراتها، التي هي العدالة، وعلى أن يتمسك لهذه التذكرة، ويجتهد في القيام بها، والعمل بموجبها، وهى خمسة عشرة باباً: إيثار الحق على الباطل في الاعتقادات، والصدق على الكذب في الأقوال، والخير على الشر في الأفعال، وكثرة الجهاد الدائم، لأجل الحرب الدائم، بين المرء ونفسه، والتمسك بالشريعة، ولزوم طائفها، وحفظ المواعيد حتى ينجزها. وأول ذلك، ما بين وبين الله جل وعز. وقلة الثقة بالناس بترك الاسترسال. ومحبة الجميل لأنه جميل لا لغير ذلك. والصمت في أوقات حركات النفس للكلام، حتى يستشار فيه العقل. وحفظ الحال التي تحصل في شيء حتى تصير ملكة، ولا تفسد بالاسترسال. والاقدام على كل ما كان صواباً. والإشفاق على الزمان الذى هو العمر ليستعمل في المهم دون غيره. وترك الخوف من الموت والفقر لعمل ما ينبغي. وترك التواني. وترك الاكتراث لأقوال أهل الشر والحسد، لئلا يشتغل بمقاتلتهم. وترك الانفعال لهم. وحسن احتمال الغنى والفقر، والكرامة والهوان بجهة وجهة. وذكر المرض وقت الصحة، والهم وقت السرور، والرضا عند الغضب، ليقل الطغى والبغى. وقوة الأمل، وحسن الرجاء. والثقة بالله عز وجل، وصرف جميع البال إليه.