باب الألف - أحمد بن محمد، ابن ابراهيم الميداني

أحمد بن محمد، ابن ابراهيم الميداني

أبو الفضل النيسابورى، والميدان محلة من محال نيسابور، كان يسكنها، فنسب اليها، ذكر ذلك عبد الغافر، وهو أديب فاضل، عالم نحوى لغوى مات فيما ذكره عبد الغافر بن اسماعيل الفارسى فى السياق، فى رمضان، سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ليلة القدر، ودفن بمقبرة الميدان، قرأ على ابى الحسن، على بن أحمد الواحدى، وعلى يعقوب بن أحمد النيسابورى، وله من التصانيف: كتاب جامع الأمثال، جيد بالغ، كتاب السامي في الأسامي، كتاب النموذج في النحو، كتاب الهادى للشادى، كتاب النحو الميداني، كتاب نزهة الطرف في علم الصرف، كتاب شرح المفضليات، كتاب منية الراضى فى رسائل القاضي، وفي كتاب السامي في الأسامي يقول أسعد بن محمد المرساني

هذا الكتاب الذى سماه بالسـامـى

 

درج من الدر بل كنز من السـام

ماصنفت مثله فـى فـنـه أبـداً

 

خواطر الناس من حام ومن سـام

فيه قـلائد ياقـوت مـفـصـلة

 

لكل أوع ماضى العـزم بـسـام

فكعب أحمد مولاي الإمام سـمـا

 

فوق السماكين من تصنيفه السامي

وسميت في المفاوضة ممن لا أحصى: أن الميداني لما صنف كتاب الجامع في الأمثال، وقف عليه أبو القاسم الزمخشري، فحسده على جودة تصنيفه، وأخذ القلم وزاد في لفظة الميداني نوناً، فصار النميداني، ومعناه بالفارسية: الذي لا يعرف شيئاً فلما وقف الميداني على ذلك، أخذ بعض تصانيف الزمخشرى، فصير ميم نسبته نوناً فصار الزنخشرى، معناه مشترى زوجته وذكر محمد بن أبى المعالي، بن الحسن الخواري في كتابه ضالة الأديب، من الصحاح والتهذيب، وقد ذكر الميداني فقال: وسمعت غير مرة من كتاب أصحابه يقولون: لو كان للذكاء، والشهامة، والفضل، صورة، لكان الميداني تلك الصورة، ومن تأمل كلامه، واقتفى اثره، علم صدق دعواه. وكان ممن قرأ عليه وتخرج به، الامام أبو جعفر أحمد ابن علي المقرئ البيهق، وابنه سعيد، وكان اماماً بعده. قال عبد الغافر ابن اسماعيل: ومن اشعاره:

تنفس صبح الشيب في ليل عارض

 

فقلت عساه يكتفـي بـعـذارى

فلما فشا عاتبتـه فـأجـابـنـي

 

ألا هل يرى صبح بغير نـهـار

 وذكره أبو الحسن البيهقي في ككتاب وشاح الدمية فقال: الامام استاذنا صدر الأفاضل، أبو الفضل، أحمد ابن محمد ابن أحمد الميدانى، صدر الادباء، وقدوة الفضلاء، قد صاحب الفضل في ايام نفذ زاده. وفني عتاده، وذهبت عدته، وبطلت اهبته، فقوم سناد العلوم، بعد ما غيرتها الايام بصروفها، ووضع انامل الافاضل، على خطوطها وحروفها، ولم يخلق الله تعالى فاضلا في عهده، إلا وهو في مائدة ادابه ضيف، وله بين بابه وداره شتاء وصيف، وما على من عام لجج البحر الخضم، واستنزف الدرر ظلم وحيف، وكان هذا الامام يأكل من كسب يده، وما انشدنى رحمة الله لنفسه:

حننت الـيهـم والـديار قـريبة

 

فكيف اذا سار المطي مراحـلا

وقد كنت قبل البين لا كان بينهـم

 

اعاين للهجـران فـيهـم دلائلا

وتحت سجوف الرقم اغيد ناعـم

 

ينيس كخوط الخـيزرانة مـائلاً

وينض علينا السيف من جفن مقلة

 

تريق دم الابفال في الحب باطلاً

وتسكرنا لحظ ولفـظ كـأنـمـا

 

بفيه وعينـيه سـلافة بـابـلاً

وله أيضاً:

شفة لـمـاهـا زاد فـي الامـي

 

في رشف ريقها شفـاء سـقـام

قد ضمنا جنح الدجى وللـثـمـنـا

 

صوت كقطك الـرؤوس الأقـلام

ثم ذكر البيتين اللذين أولهـمـا:

 

 

تنفس صبح الشيب في ليل عارض

 

وقد مر ذكرهما انفاً، ثم قال: وله:

ياكاذبـا اصـبـح فـي كـذبـه

 

اعـجـوبة اية اعــجـــوبة

وناطـق ينـطـق فـي لـفـظة

 

واحـدة سـبـعـين اكـــذوبة

شبهك النـاس بـعـرقـوبـهـم

 

لمـا رأوا اخـذك اسـلـــوب

فقـلـت: كـلا، انـه كـــاذب

 

عرقوب لا يبـلـغ عـرقـوبـه

ثم ذكر وفاته كما تقدم في رواية عبد الغافري، ثم ذكر ولده سعيد، وقد ذكرنهاه في بابه