باب الألف - أحمد ابن محمد الأبي، أبو العباس

أحمد ابن محمد الأبي، أبو العباس

كان من أهل أبة، من ناحية برقة، وسافر إلى اليمن تاجراً، واجتمع بأبي بكر السعدي بعدن وحدثني المولى المفضل، جمال الدين بقصته مع السعدي عنه، انه سمعها منه، ثم قدم الاسكندرية واقام بها، فجرى بينه وبين القاضي شرف الدين عبد الرحمن، ابن قاضى الاسكندرية ما احوجه الى قدومه الى القاهرة، وشكا منه إلى الصاحب صفى الدين شكر، فلم يشكه، فاقام بالقاهرة إلى ان مات، وكان شكواه من قطع رزقه، من مسجد كان يصلى فيه، او نحو ذلك، وكان قدومه إلى القاهرة، سنة ست وستين وخمسمائة ومات بعد ذلك في نحو سنة ثمان وتسعين وصنف كتاباً في النحو، رأيته بخطه، وهي مسائل منثورة حدثني المولى القاضي المفضل، جمال الدين قال: دخلت إلى الصاحب أبي بشر وهو في مجلسه، فجلست إلى جانبه فأنشدني متمثلاً:

إنك لاتشكـو إلـى مـصـمـت

 

فاصبر على الحمل الثقيل أو مت

اشارة الى انه لم يشكه قال أبو زياد الكلابي: ومثل من أمثال العرب: إنك لاتشكو الى مصمت، والتصميت: أن تقول المرآة إذا بكى صبيها الرضيع، وهي مشغولة عنه لبعض صبيانها، أو لزوجها: صمت هذا الصبي، فيأتيه فيحضنه بيده حتى يسكت قال: وحدثني قال: دخلت إلى مجلس الشيخ الموفق أبي الحجاج يوسف، المعروف بابن الخلال، كاتب الإنشاء فى ايام المصريين، وكان الموفق قد عمل معمى في المرآة نثرا، فقال لمن بحضرته: ماتقولون فى قولي: شيء شديد الباس، يغيره ضعيف الانفاس وذكر كلاما بعده، فاستدللت بهذه الفاتحة، على انه المرآة، لأن الشديد البأس، هو الحديد، ويغير صقالها النفس، فقلت له ذلك، فاستحسن حدة خاطري انشدني مولانا القاضي، الإمام جمال الدين، أبو الحجاج يوسف بن القاضي الأكرم، علم الدين، أبى طاهر اسماعيل بن عبد الجبار، بن ابى الحجاج، قال انشدنى أبو العباس، أحمد بن محمد الآبى، ممتدحاً لى، وكتبته أنا من خطه بيده:

ياخير من فاق الافـاضـل سـوددا

 

وامتاز خيماً في الفخار ومـحـتـدا

وسما لاعلام المعالـي فـاحـتـوى

 

فضلا به يهدي وفـضـلا يجـتـدا

واذا الرياسة لم تـزن بـمـعـارف

 

وعوارف يسدى بها كـانـت سـدا

لاتنس من لم ينس ذكـرك أحـمـدا

 

وافى جنابكم الـكـريم فـأحـمـدا

يهدى الى الأسماع من أوصـافـكـم

 

ملحاً كزهر الروض باكره الـنـدا

مستحسنات كـلـمـا كـررتـهـا

 

لم تسأم الاسماع مـنـهـا مـوردا

والفضل فيه لكم ومـنـكـم إنـمـا

 

يعزى المضاعف في الجميل لمن بدا

كالزهر يسقى الزهر صيب أفقـهـا

 

فيعود منه نـشـره مـتـصـعـدا

جاد الغمام على الـكـمـام بـمـائه

 

عذبا فنصر ما حـوتـه ونـضـدا

وإذا امرؤ أسـدى لـحـر نـعـمة

 

بدءا تملكـه بـهـا واسـتـبـعـدا

دعى المفضل إذ تسامى فـضـلـه

 

شرفا على نظرائه واسـتـجـمـد