باب الألف - أحمد بن موسى،بن مجاهد المقرئ

أحمد بن موسى،بن مجاهد المقرئ

بن العباس، بن مجاهد المقرئ، أبو بكر، قال الخطيب: كان شيخ القراء فى وقته، و المقدام منهم على أهل عصره، مات فيما ذكره الخطيب فى شعبان، سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ودفن فى مقبرة باب البستان، من الجانب الشرقى، في ربيع الآخر، سنة خمس وأربعين ومائتين، قال الخطيب: وحدث عن عبد الله بن أيوب المخزمى، ومحمد بن الجهم السمري،وخلق غيرهما. وحدث عنه الدار قطني، وأبو بكر الجعابي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وغيرهم.وكان ثقة مأموناً، يسكن بالجانب الغربي، نحو مربعة الخرسي. حدث أبو بكر الخطيب قال: قال ثعلب النحوى:في سنة ست وثمانين ومائتين: ما بقى من عصرنا هذا، أعلم بكتاب الله، من أبى بكر بن مجاهد. وحدث أبو بكر النحوى قال: صليت خلف أبى بكر ابن مجاهد صلاة الغداة، فاستفتح بقراءة الحمد، ثم سكت، ثم استفتح ثانية، ثم سكت، ثم ابتدأ بالقراءة،فقلت أيها الشيخ، رأيت اليوم منك عجيباً. فقال لي: شهدت المكان؟ فقلت: نعم، فقال: أشهدتك الله أن لا حدثت به عنى، إلى أن أوارى تحت أطباق الثرى، ثم قال يابنى: ما هو إلا أن كبرت تكبيرة الإحرام، حتى كأنى بالحجب قد انكشفت ما بينى وبين رب العزة تعالى سرابسر، ثم استفتحت بقراءة الحمد، فاستجمع كل حمد لله في كتابه مابين عيني، فلم أدرى بأى الحمدلة أبتدئ؟. وحدث عيسى بن علي، بن عيسي، الوزير قال: أنشدنى أبو بكر بن مجاهد، وقد جئته عائداً، وأطال عنده قوم، كانوا قد حضروا لعيادته، فقال لى يا ابا القاسم، عيادة ثم ماذا؟ فصرف من حضر، ثم هممت بالانصراف معهم، فامرنى بالرجوع إليه، ثم انشدنى عن على بن الجهم السمرى:

لاتضجرن مريضا جئت عائده

 

ان العيادة يوم اثـر يومـين

بل سله عن حاله وادع الاله له

 

واقعد بقدر فواق بين حلبـين

من زار غبا اخا دامت مودته

 

وكان ذاك صلاحا للنحليلـين.

وحدث الحسين بن محمد، بن خلف المقرئ، قال: سمعت ابا الفضل الزهرى يقول: انتبه أبى فى الليلة التى مات فيها أبو بكر بن مجاهد، فقال يابنى: ترى من مات الليلة؟ فانى قد رأيت في منامى، كأن قائلا يقول: قد مات الليلة مقوم وحى الله، منذ خمسين سنة، فلما اصبحنا إذا ابن مجاهد قد مات آخر مانقلناه من تاريخ الخطيب وذكره محمد بن إسحاق في كتابه، فقال: كان ابن مجاهد، مع ماعرف به من الفضل، واشتهر عنه من العلم والنبل، كثير المداعبة، طيب الخلق، وله من الكتب: كتاب القراءات الكبير، كتاب القراءات الصغير، كتاب الياءات، كتاب الهاءات، كتاب قراءة ابى عمرو، كتاب قراءة ابن كثير، كتاب قراءة عاصم، كتاب قراءة نافع كتاب قراءة حمزة كتاب قراءة الكسائى كتاب قراءة ابن عامر، كتاب قراءة النبى صلى الله عليه وسلم، كتاب السبعة كتاب انفرادات القراء السبعة كتاب قراءة على بن ابى طالب رضى الله عنه نقلت من خط أبى سعد السمعاني واختياره لتاريخ يحيى بن مندة سمعت الامام ابا المظفر عبد الله بن شيث المقرئ يقول: سمعت أحمد بن منصور المذكر يقول: سمعت ابا الحسن بن سالم البصري الصوفى يقول: وهو صاحب سهل بن عبد الله التسترى قال: سمعت ابا بكر محمد بن مجاهد المقرئ يقول: رأيت رب العزة في المنام؟ فتختمت عليه ختمتين، فلحنت فى موضعين، فاغتممت،فقال يابن مجاهد: الكمال لى، الكمال لى قرأت فى تاريخ خوارزم فى ترجمة ابى سعيد، أحمد بن محمد، ابن حمديج الحمد يجى قال: كنت اختلف إلى ابى بكر بن مجاهد، المقرئ البغدادى، فكان يكرمى لفقهى،فاشتهيت ات اقرأ عليه، لما رايت من ولوع الناس بالقراءة عليه، فقلت له: اني اريد أن اقرأ عليك القرآن، فقال: نعم، إن كنت تريد القراءة، فاجلس مجلس التلامذة، قال فتحولت من جنبه الى بين يديه، فلما افتتحت القراءة على رسم العامة، وقلت: "بسم الله الرحمن الرحيم" قال: أوكذا تقرأ؟ إذهب الى ذلك الفتى حتى يرشدك، ثم اقرأ علي، فخجلت من ذلك، وترك إكرامي، كما كان يكرمني قبل ذلك، لما عرف بضاعتي في القراءة وقال التنوحي: بلغني عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال: الناس أربعة: مليح يتبغض لملاحته فيحتمل، وبغيض يتملح، فذاك الحمى، والداء الذي لا دواء له، وبغيض يبغض، فيعذر لأنه طبعه، ومليح يتملح، فتلك الحياة الطيبة ومن تاريخ ابن بشران: كان ابن مجاهد كثيرا ما ينشد:

إذا عقد القضاء عليك أمرا

 

فليس يحله إلا القضـاء

قال: وذكر عن ابن مجاهد: انه حضر وجماعة من اهل العلم في بستان، وداعب وقال: وقد لاحظه بعضهم التعاقل في البستان، كالتخالع في المسجد وروى عن ابى طالب الهاشمى صهر ابى بكر بن مجاهد قال: كنت عند ابن مجاهد وقد حضرته الوفاة، فقال لي: اخرج من ههنا من اهلنا، قال: ففعلت ذلك، ثم قال لى: وتباعد انت ايضا، فوقفت عنه بعيدا، فاستقبل القبلة، واقبل يتلو آيات من القرآن، ثم خفت صوته، فلم يزل يتشاهد الى ان طفا قال: وكان له جاه عريض عند السلطان، وسأله بعض اصحابه كتابا الى هلال بن بدر فى حاجة له، فكتب إليه كتابا وختمه، ولم يقف عليه، فلما صار الى هلال وسلم اليه الكتاب، قضى حوائجه، وبلغ له فوق ما اراد، فلما اراد ان ينصرف، قال له: تدرى ما في كتابك؟ قال: فاخرجه وفيه: "بسم الله الرحمن الرحيم" حامل كتابي إليك، حامل كتاب الله عني والسلام وصلى الله على سيدنا محمد وآله اجمعين.