باب الألف - أحمد بن يوسف، بن القاسم، بن صبيح

أحمد بن يوسف، بن القاسم، بن صبيح

الكاتب الكوفي أبو جعفر، من أهل الكوفة، كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون، وكان أخوه القاسم بن يوسف، يدعي أنه من بني عجل، ولم يدع أحمد ذلك، قال المرزباني: كان مولى لبني عجل، ومنازلهم بسواد الكوفة وزر أحمد للمأمون، بعد أحمد بن أبي خالد مات في قول الصولي في شهر رمضان، سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقال غيره: سنة اربع عشرة ومائتين، وكان أبوه يوسف يكنى أبا القاسم، وكان يكتب لعبد الله بن علي عم المنصور، وله شعر حسن وبلاغة، وكان أحمد وأخوه القاسم، شاعرين، أديبين، وأولادهما جميعا أهل أدب، يطلبون الشعر والبلاغة حكى عن المأمون وعبد الحميد بن يحيى الكاتب، وحكى عنه ابنه محمد بن أحمد، بن يوسف، وعلي بن سليمان الأخفش، وغيرهما قال الصولي: لما مات أحمد بن أبي خالد الأحول، شاور المأمون الحسن ابن سهل، فيمن يكتب له، ويقوم مقامه، فأشار عليه بأحمد بن يوسف، وبأبي عباد ثابت بن يحيى الرازي وقال: هما أعلم الناس بأخلاق أمير المؤمنين، وخدمته، وما يرضيه فقال له: إختر لي أحدهما، فقال الحسن: إن صبر أحمد على الخدمة، وجفا لذاته قليلا، فهو أحبهما إلي، لأنه أعرق في الكتابة، وأحسنهما بلاغة، وأكثر علما، فاستكتبه المأمون، وكان يعرض الكتب ويوقع، ويخلفه أبو عباد إذا غاب عن دار المأمون، مترفعا عن الحال التي كان عليها أيام أحمد بن أبي خالد، وكان ديوان الرسائل، وديوان الخاتم والتوقيع، والأزمة، إلى عمرو بن مسعدة، وكان أمر المأمون يدور على هؤلاء الثلاثة حدث الصولي عن أبي الحارث النوفلي قال: كنت أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه، وآلف أحمد بن يوسف الوزير، فلما مات أخوه الحسن، قلت على لسان ابن بسام:

قل لأبي القاسم المرجـى

 

قابللك الدهر بالعـجـائب

مات لك ابن وكـان زينـا

 

وعاش ذو الشين والمعايب

حياة هذا كـمـوت هـذا

 

فليس تخلو من المصائب

وانما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب، لبعض إخوانه من الكتاب، وقد مات له ببغا، وكان له أخ يضعف، فكتب إليه:

أنت تبقى ونحن طرا فداكـا

 

أحسن الله ذو الجلال عزاكا

فلقد جل خطب دهر أتانـا

 

بمقادير أتلفت ببـغـاكـا

عجبا للمنون كيف أتتـهـا

 

وتخطت عبد الحميد أخاكـا

كان عبد الحميد أصلح للمو

 

ت من الببغا وأولى بذاكـا

شملتنا المصيبتان جمـيعـا

 

فقدنـا هـذه ورؤية ذاكـا

 حدث أبو القاسم عبد الله بن محمد، بن باقيا الكاتب، في كتاب ملح الممالحة، قال: ولما خرج عبد الله بن طاهر من بغداد الى خراسان، قال لابنه محمد: إن عاشرت أحدا بمدينة السلام، فعليك بأحمد ابن يوسف الكاتب، فان له مروءة، فما عرج محمد حين انصرف من توديع أبيه على شيء، حتى هجم على أحمد، ابن يوسف في داره، فاطال عنده،ففطن له أحمد، فقال: يا جارية غدينا، فأحضرت طبقا وارغفة نقية، وقدمت الوانا يسيرة وحلاوة، وأعقب ذلك بأنواع من الأشربة في زجاج فاخر، وآلة حسنة، وقال: يتناول الأمير من أيها شاء، ثم قال له: إن رأى الأمير أن يشرف عبده ويجيئه في غد فانعم بذلك، فنهض وهو متعجب من وصف ابيه له، وأراد فضيحته، فلم يترك قائدا جليلا، ولا رجلا مذكورا من أصحابه، إلا عرفهم انه في دعوة أحمد بن يوسف، وأمرهم بالغدو معه، فلما أصبحوا قصدوا دار أحمد بن يوسف، وقد أخذ أهبته، وأظهر مروءته، فرآى محمد من النضائد والفرش والستور والغلمان والوصائف ما أدهشته، وكان قد نصب ثلاثمائة مائدة، وقد حفت بثلاثمائة وصيفة، ونقل الى كل مائدة ثلاثمائة لون في صحاف الذهب والفضة، ومثارد الصين، فلما رفعت الموائد، قال ابن طاهر: هل أكل من بالباب؟ فنظروا، فاذا جميع من بالباب قد نصبت لهم الموائد، فأكلوا، فقال: شتان بين يوميك يا أبا الحسن - كذا هذه الرواية، كناه بأبي الحسن - فقال أيها الأمير: ذاك قوتي وهذه مروءتي وحدث الصولي قال: كان من اول ما ارتفع به أحمد ابن يوسف، أن المخلوع لما قتل، أمر طاهر الكتاب أن يكتبوا إلى المأمون، فأطالوا، فقال طاهر، أريد أخصر من هذا، فوصف له أحمد بن يوسف، فأحضره لذلك، فكتب أما بعد: فان المخلوع وإن كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، فقد فرق حكم الكتاب بينه وبينه في الولاية والحرمة، لمفارقته عصمة الدين، وخروجه عن اجماع المسلمين، قال الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه: (يا نوح إنه ليس من أهلك، إنه عمل غير صالح) ولاصلة لأحد في معصية الله، ولاقطيعة ما كانت في ذات الله. وكتبت إلى أمير المؤمنين، وقد قتل الله المخلوع، وأحصد لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له وعده، فالارض باكنافها أوطأ مهاد لطاعته، واتبع شيء لمشيئته، وقد وجهت الى أمير المؤمنين بالدنيا، وهي رأس المخلوع، وبالاخرة وهي البردة والقضيب،والحمد لله الأخذ لأمير المؤمنين بحقه، والكائد له من خان عهده، ونكث عقده، حتى رد الالفة، وأقام به الشريعة والسلام على أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته، فرضى طاهر ذلك وأنفذه، ووصل أحمد بن يوسف وقدمه. وحدث محمد ابن عبدوس: انه لما حمل رأس المخلوع إليه وهو بمرو، أمر المأمون بانشاء كتاب عن طاهر ابن الحسين، ليقرأ على الناس، فكتبت عدة كتب لم يرضها المأمون، والفضل ابن سهل، فكتب أحمد بن يوسف هذا الكتاب، فلما عرضت النسخة على ذي الرياستين، رجع نظره فيها، ثم قال لأحمد ابن يوسف: ما أنصفناك، ودعا بقهر مانه، وأخذ القلم والقرطاس، وأقبل يكتب بما يفرغ له من المنازل، ويعد له فيها من الفرش والالات، والكسوة والكراع، وغير ذلك، ثم طرح الرقعة إلى أحمد ابن يوسف، وقال له: إذا كان في غد فاقعد في الديوان، وليقعد جميع الكتاب بين يديك، واكتب الى الآفاق. وحدث بما رفعه الى إبراهيم ابن إسماعيل قال: قال: كثر الطلاب للصلاة بباب المأمون، فكتب اليه أحمد بن يوسف: داعي نداك يا أمير المؤمنين، ومنادى جدواك، جمع الوفود ببابك، يرجون نائللك المعهود، فمن من يمت بحرمة، ومنهم من يدلى بخدمة، وقد أجحف بهم المقام، وطالت عليهم الايام، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشه بسيبه، ويحقق حسن ظنهم بطوله، فعل، إن شاء الله تعالى، فوقع المأمون: الخير منبع، وأبواب الملوك مغان لطالب الحاجات، ومواطن لهم، ولذلك قال الشاعر:

يسقط الطير حيث يلتقط الحبب

 

وتغشى منازل الـكـرمـاء

فاكتب اسماء من ببابنا منهم، وأحك مراتبهم، ليصل الى كل رجل قدر استحقاقه، ولاتكدر معروفنا عندهم بطول الحجاب، وتأخير الثواب، فقد قال الشاعر:

فإنك لن ترى طرد لحـر

 

كالصاق به طرف الهوان

 حدث أحمد ابن أبي طاهر قال: كتب صديق لأحمد ابن يوسف الكاتب في يوم دجن اليه: يومنا ظريف النواحي، رقيق الحواشي، قد رعدت سماءه، وبرقت وحنت وارجحنت، وانت قطب السرور، ونظام الأمور، فلا تفردن منك فنقل، ولا تنفرد عنا فنذل، فان المرء بأخيه كثير، وبمساعدته جدير. قال: فصار أحمد بن يوسف الى الرجل، وحضرهم من أرادوا ثم تغيمت السماء، فقال أحمد بن يوسف:

أرى غيم تؤلفه جـنـوب

 

وأحسب أن سياتينا بهطـل

فعين الرأي أن تدعو برطل

 

فتشربه وتدعو لي برطل

ونسقيه ندامانا جـمـيعـا

 

فيغرفون منهم بغير عقل

فيوم الغيم يوم الغم إن لـم

 

تبادر بالمدامة كل شغـل

ولاتكره محرمها علـيهـا

 

فإني لا أراه له بـأهـل

قال فغنى فيه عثعت اللحن المشهور: وأهدى أحمد بن يوسف هدية في يوم نوروز الى المأمون وكتب معها:

على المبدى حق فهو لا بد فاعله

 

وإن عظم المولى وجلت فضائله

ألم ترنا نهدي الى اللـه مـالـه

 

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للكريم بـقـدره

 

لقصر فضل المال عنه ونائلـه

ولكننا نهدي الى مـن نـعـزه

 

وإن لم يكن في وسعنا ما يعادله

وذكر الجهشاري قال:كان يكتب لعبد الله بن علي، يوسف بن صبيح، مولاى بني عجل، من ساكني سواد الكوفة، فذكر القاسم بن يوسف بن صبيح، أن أباه حدثه: أن عبد الله بن علي، لما استتر عند أخيه سليمان بالبصرة، علم أنه لاوزر له من أبي جعفر قال: فلما استتر، وقصدت اصحابنا الكتاب، فصرت في ديوان أبي جعفر، وأجرى لي في كل يوم عشرة دارهم، قال: فبكرت يوما الى الديوان قبل فتح بابه، ولم يحضر أحد من الكتاب، وإني لجالس عليه، إذا أنا بخادم لابي جعفر، قد جاء الى الباب فلم يد غيري، فقال لي: أجب أمير المؤمنين، فاسقط في يدي، وخشيت الموت، فقلت له: إن أمير المؤمنين لم يردني، فقال: وكيف؟ فقلت: لأني لست ممن يكتب بين يديه، فهم بالانصراف عني، ثم بدا له فأخذني وأدخلني، حتى اذا كنت دون الستر وكلا بي، ودخل ولم يلبث ان خرج، فقال لي: إدخل، فدخلت، فلما ضرب باب الايوان، قال لي الربيع:سلم على أمير المؤمنين، فشممت رائحة الحياة، فسلمت، فادناني وامرني بالجلوس، ثم رمى إلي بربع قرطاس وقال لي: اكتب وقارب بين الحروف، وفرج بين السطور، واجمع خطك ولاتسرف في القرطاس، وكانت معي دواة شامية، فتوقفت عن اخراجها، فقال لي يا يوسف: إنت تقول في نفسك، أنا بالأمس في ديوان الكوفة، اكتب لبني أمية، ثم مع عبد الله بن علي، وأخرج الساعة دواة شامية، إنك إنما كنت في الكوفة تحت يدي غيرك، وكنت مع عبد الله ابن علي، لي ومعي، والدوي الشامية أدب جميل، ومن أدوات الكتاب ونحن أحق بها. قال: فأخرجتها، وكتبت وهو يملي، فلما فرغت من الكتاب أمر به فأترب واصلح، وقال: دعه، وكل العناون الي، ثم قال لي: كم رزقك يايوسف في ديواننا؟ فقلت: عشرة دراهم، فقال: قد زادك أمير المؤمنين عشرة دراهم أخرى، رعاية لحرمتك بعبد الله ابن علي، ومثوبة لك على طاعتك، ونقاء ساحتك وأشهد أنك لو اختفيت باختفائه، لاخرجتك ولو كنت في حجرة النمل، ثم زايلت بين اعضائك، فدعوت له، وخرجت مسرورا بالسلامة. كان للمأمون جارية اسمها مؤنسة، وكانت تعني بأحمد ابن يوسف، وكان أحمد ابن يوسف يقوم بحوائجها، فأدلت على المأمون في بعض الأمور، فانكر عليها، وصار الى الشماسية ولم يحملها معه، فاستحضرت نصرة خاد أحمد بن يوسف، وحملته رسالة الى مولاه بخبرها، وسألته التلطف لاصلاح نية المأمون، فلم عرفه الخادم ذلك، دعا بدواته، وقصد الشماسية، فاستأذن على المأمون، فلما وصل اليه قال: أنا رسول، فاذن لي في تأدية الرسالة، فأنشده هذه الابيات:

قد كان عتبك مرة مكتـومـاً

 

فاليوم أصبح ظاهرا معلوما

نال الأعادي سؤلهم، لاهنئوا،

 

لما رأونا ظاعنا ومـقـيمـا

هبني أسأت فعادة لك أن ترى

 

متجاوزا متفضلا مظلومـا

 قال: قد فهمت الرسالة، فكن الرسول بالرضى، ووجه بياسر الخادم فحملها، وكان موسى بن عبد الملك، في ناحية أحمد بن يوسف وهو خرجه، وقدمه، قال الحسن بن مخلد: حدثني، موسى ابن عبد الملك، وكان يرمي بابنة قال: وهب لي أحمد بن يوسف، وكان يعبث بموسى بن عبد الملك ويتعشقه، الف الف درهم في مرات، وكان عاتبه فيه محمد بن الجهم البرمكي، فكتب اليه أحمد بن يوسف:

لاتعذلني يا أبا جعفـر

 

لوم الاخلاء من اللوم

إن أسته مشربة حمرة

 

كأنها وجنة مكلـوم

فتقدم محمد الى البجلى، وكان في ناحيته، فأجابه:

لست بلا حيك على حبه

 

ولست في ذاك بمذموم

لأنه في استه سـخـنة

 

كأنها سخنة محـمـوم

ذكر غرس النعمة في كتاب الهفوات: حدثني محمد بن علي، بن طاهر، بن الحسين قال: كان أحمد بن يوسف يسقط السقطة بعد السقطة، فيتلف نفسه في بعض سقطاته، وذلك أنه حكى علي ابن يحيى، ابن أبي منصور: أن المأمون كان إذا تبخر طرح له العود والعنبر، فإذا تبخر أمر باخراج المجمرة، ووضعها تحت الرجل من جلسائه إكراما له وحضر أحمد بن يوسف يوما، وتبخر المأمون على عادته، ثم أمر بوضع المجمرة تحت أحمد بن يوسف، فقال: هاتوا ذا المردود، فقال المأمون: ألنا يقال هذا، ونحن نصل رجلا واحدا من خدمنا بستة آلاف دينار، إنما قصدن إكرامك، وأن أكون أنا وأنت، قد اقتسمنا بخورا واحدا ثم قال: يحضر عنبر، فأحضر منه شيء في الغاية من الجودة، في كل قطعة ثلاثة مثاقيل، وأمر أن تطرح قطعة في المجمر، ويبخر بها أحمد، ويدخل رأسه في زيقه حتى ينفد بخورها، وفعل به ذلك بقطعة ثانية، وثالثة، وهو يستغيث ويصيح، وانصرف الى منزله، وقد احترق دماغه واعتل، ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: أربع عشرة ومائتين وكانت له جارية يقال لها نسيم، لها من قلبه مكان خطير، فقالت ترثيه:

ولو أن ميتا هابه الموت قبلـه

 

لما جاءه المقدار وهو هيوب

ولو أن حـيا جـازه الـردى

 

إذا لم يكن للأرض فيه نصيب

وقالت أيضا ترثيه:

نفسي فداؤك لو بالناس كلهـم

 

مابي عليك تمنوا أنهم ماتـوا

وللورى موتة في الدهر واحدة

 

ولي من الهم والأحزان موتات

ومن شعر أحمد بن يوسف كتب به إلى صديق له:

تطاول باللقاء العـهـد مـنـا

 

وطول العهد يقدح في القلوب

أراك وإن نأيت بعين قلـبـي

 

كأنك نصب عيني من قريب

فهل لك في الرواح إلى حبيب

 

يقر بعينه قرب الـحـبـيب

قال أحمد بن يوسف: وقد شتمه رجل بين يدي المأمون، للمأمون، قدو الله يا أمير المؤمنين، رأيته يستملي من عينيك ما يلقاني به.

وكتب الى إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وقد أراده إبراهيم بن المهدي: من حق من أنا عبده، وحجتنا عليك، إعلامنا إياك، والسلام.

عندي من تبهج العيون به

 

فإن تخلفت كنت مغبونا

وأهدى الى المأمون في يوم عيد هدية وكتب معها: هذا يوم جرت فيه العادة، بإهداء العبيد إلى السادة، وقد أهديت قليلا من كثير عندي، وقلت:

أهدي إلى سيده العبـد

 

ماناله الإمكان والوجد

وإنما أهدى له مالـه

 

يبدأ هـذا ولـذا رد

ومن شعره اللطيف:

إذا ما التقينا والعيون نواظـر

 

فألسننا حرب وأبصارنا سلـم

وتحت استراق اللحظ منا مودة

 

تطلع سرا حيث لايبلغ الوهم

وهو القائل في محمد بن سعيد، بن حماد الكاتب، وكان يميل إليه، وكان صبيا مليحا.

صد عني محمد بن سعيد

 

أحسن العالمين ثاني جيد

صد عني لغير جرم إلـيه

 

ليس إلا لحبه في الصدود

قال: وكان محمد بن سعيد يكتب بين يديه، فنظر إلى عارضه قد اختط في خده، فأخذ رقعة وكتب فيها:

لحاك الله من شعـر وزادا

 

كما ألبست عارضه الحدادا

أغرت على تورد وجنتـيه

 

فصيرت احمرارهما سوادا

ورمى بها إلى محمد بن سعيد، فكتب مجيبا: عظم الله أجرك فيى ياسيدي، وأحسن لك العوض منى.
ومن شعر أحمد بن يوسف:

كثير هموم النفس ختى كأنما

 

عليه كلام العالمين حـرام

إذا قيل ما أضناك أسبل دمعه

 

يبوح بما يخفي وليس كلام

وعاش القاسم أخوه بعده، فقال يرثيه:

رماك الدهر بالحدث الجـلـيل

 

فعز النفس بالصبر الجـمـيل

أترجو سـلـوة وأخـوك ثـاو

 

ببطن الأرض تحت ثرى مهيل

ولمثل أخيك فلتبك البـواكـي

 

لمعضلة من الخطب الجلـيل

زير الملك يرعى جـانـبـيه

 

بحسن تيقـظ وصـواب قـيل