باب الألف - أسعد بن المهذب، بن أبي المليح

أسعد بن المهذب، بن أبي المليح

مماتي أحد الرؤساء الأعيان الجلة، والكتاب الكبراء المنزلة، ومن تصرف بالأعمال، وولى رياسة الديوان، وله أدب بارع، وخاطر وقاد مسارع، وقد صنف في الأدب وعرف، ومات بمدينة حلب فى الثامن عشر من جمادى الأولى، سنة ست وستمائة، على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وأصله من نصارى أسيوط، بليدة بصعيد مصر، قدموا مصر، وخدموا وتقدموا، وولوا الولايات، وهو مع ذلك، من أهل بيت فى الكتابة عريق، وهو كالمستولى على الديار المصرية، ليس على يده يد، والمسمون بالخلافة، محجوبون ليس لهم غير السكة والخطبة، وكان إلي مماتى كثير من الأعمال، فحدثني الصاحب الكبير، الوزير الجليل، جمال الدين الأكرم، أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي، - حرس الله علاه - بمدينة حلب قال: بلغني أن بعض تجار الهند، قدم إلى مصر، ومعه سمكة مصنوعة من عنبر، قد تنوق فيها وأجيدت، وطيبت ورصعت بالجواهر، فعرضها على بدر الجمالي ليبيعها منه، فسامها من صاحبها، فقال: لا أنقصها عن ألف دينار شيئا، فأعيدت إليه، فخرج بها من دار بدر، فقال له أبو المليح: أرنى هذه السمكة، فاراه إياها، فقال له كم سمت فيها؟ فأخذ بيده، وقبض ألف دينار من ماله، وتركها عنده مدة، فاتفق أن شرب أبو مليح يوما وسكر، وقال لندمائه: قد اشتهيت سمكا، هاتم المقلى والنار، حتى نقليه بحضرتنا، فجاءه بمقلى حديد وفحم، وتركوه على النار، وجار بتلك السمكة العنبر، فتركها فى المقلى، فجعلت تتقلى وتفوح روائحها، حتى لم يبق بمصر دار، إلا ودخلتها تلك الرائحة، وكان بدر الجمالى جالسا، فشم تلك الرائحة وتزايدت، فاستدعى الخزان، وأمرهم بفتح خزائنه وتفتيشها، خوفا من حريق قد يكون وقع فيها، فوجدوا خزائنه سالمة، فقال. ويحكم، انظروا ما هذا، ففتشوا حتى وقعوا على حقيقة الخبر، فاستعظم الأمر وقال: هذا النصراني، الفاعل الصانع، قد أكل أموالي، واستبد بالدنيا دوني، حت أمكنه أن يفعل مثل هذا، وتركه إلى الغداة، فلما دخل إليه وهو مغضب، قال له ويحك: أستعظم أنا وأنا ملك مصر شرى سمكة من العنبر، فأتركها استكثارا لثمنها، فتشتريها أنت!! ثم لا يقنعك حتى نقليها، وتذهب فى ساعة ألف دينار مصرية، ما فعلت هذا، إلا وقد نقلت بيت أموالي إليك، وفعلت، فقال له: والله ما فعلت هذا إلا غيرة عليك، ومحبة لك، فإنك اليوم سلطان نصف الدنيا، وهذه السمكة لا يشتريها إلا ملك، فخفت أن يذهب بها إلى بعض الملوك، ويخبره بأنك استعظمتها ولم تشترها، فأردت أن أعكس الأمر، وأعلمه أنك ما تركتها إلا احتقارا لها، وأنها لم يكن لها عندك مقدار، وأن كاتبا نصرانيا من كتابك اشتراها، وأحرقها، فيشيع بذك ذكرك، ويعظم عند الملوك قدرك، فاستحسن بدر ذلك منه، وأمر له بضعفى ثمنها، وزاد فى رزقه. وكان مماتي مع ذلك كريما ممدحا، قد مدحه الشعراء، فذكر أبو الصلت في كتاب الرسالة المصرية له، أن أبا طاهر إسماعيل بن محمد النشاع، المعروف بابن مكنسة، كان منقطعا إليه فلما مات مماتي، رثاه ابن مكنسة بقصيدة منها:

ماذا أرجى من حياتـي

 

بعد موت أبي الملـيح

ما كان بالنكس الدنـيى

 

من الرجال ولا الشحيح

كفر النصارى بعد مـا

 

غدروا به دين المسيح

كذا قال، ولعلهم اغتالوه أو قتلوه. ولما ولي الأفضل بن أمير الجيوش، بدر الجمالي بعد أبيه، دخل إليه ابن مكنسة مادحا، فقال له: ذهب رجاؤك بموت أبى المليح، فما الذي جاء بك إلينا، وحرمه ولم يقبل مديحه. وأما المهذب والده، وكان يلقب بالخطير، فإنه كان كاتب ديوان الجيش بمصر، في اواخر أيام المصريين، وأول أيام بني أيوب مدة، فقصده الكتاب، وجعلوا له حديثا عند السلطان، فهم به صلاح الدين يوسف بن أيوب، أو أسد الدين شيركوه، وهو يومئذ المستولي على الديار المصرية، فخاف المهذب، فجمع أولاده ودخل على السلطان، وأسلموا على يده، فقبلهم وأحسن إليهم، وزاد فى ولاياتهم، وجب الإسلام لما قبله. ووجدت على ظهر كتاب من تصانيف ابن مماتي مكتوبا: كان المهذب أبوه، المعروف بالخطير، مرتبا على ديوان الإقطاعات، وهو على دين النصرانية، فلما علم أسد الدين شيركوه، فى بدء أمره بمصر أنه نصراني، وأنه يتصرف في عمله بلا غبار، نهاه وأمره بغيار النصاري، ورفع الذؤابة وشد الزنار، وصرفه عن الديوان، فبادر هو وأولاده، فأسلموا على يده، فأقره على ديوانه مدة، ثم صرفه عنه، فقال فيه ابن الذروى:

لم يسلم الشيخ الخطير

 

لرغبة في دين أحمد

بل ظن أن محـالـه

 

يبقى له الديوان سرمد

والآن قد صرفوه عنه فدينه فالعود أحمد قال: ووجدت بخط ابن مماتى:

صح التمثل فى قـديم

 

الدهر أن العود أحمد

ولما أمر شيركوه النصارى بلبس الغيار، وأن يعمموا بغير عذبة، قال عمارة اليمني:

يا أسد الدين ومن عـدلـه

 

يحفظ فينا سنة المصطفى

كفى غيارا شد أوساطـنـا

 

فما الذى يوجب كشف القفا

وجرى معه حديث النحويين، وأن أحدهم ينفذ عمره فيه، ولا يتجاوز إلى شيء من الأدب - الذي يراد النحو لأجله - من البلاغة، وقول الشعر، ومعرفة الأخبار والآثار، وتصحيح اللغة، وضبط الأحاديث. فقال الأسعد: هؤلاء مثلهم مثل الذي يعمل الموازين، وليس عنده ما يزن فيه، فيأخذها غيرهم، فيزن فيها الدر النفيس، والجوهر الفاخر، والدنانير الحمر، والجواهر البيض، وهذا عندي من حسن التمثيل. أنشدنا سعيد بن أبى الكرم، بن هبة الله المصرى قال: أنشدني الخطير أبو سعيد بن مماتي لنفسه، فى أبى سعيد بن أبي اليمن النحال وزير العادل، وكان نصرانيا واسلم، وكان أملح الناس وجها، أعنى ابن النحال.

وشادن لما أتى مـقـبـلا

 

سبحت رب العرش باريه

ومذ رأيت النمل فى خده

 

أيقنت أن الشهد في فـيه

وأنشدنا سعيد بن أبى الكرم المذكور، قال: أنشدنى الخطير أبو سعيد بن مماتي، في ابن النحال أيضا، وكان يسكن ابن النحال فى أول الدرب، وكان فى آخر الدرب صبى مثله فى الحسن، يعرف بابن زنبور:

حوى درب نور الدين كل شمردل

 

مشددة أوساطهم بـالـزنـانـير

بأوله للشهد والنـحـل مـنـزل

 

وآخره يا سادتـى لـلـزانـير

ومن عجيب ما جرى للخطير: أنه كان يوما جالسا فى انه في حجرة موسومة بديوان الجيش، من قصر السلطان بمصر، وكانت حجرة حسنة مرخمة منمقة، فجاءه قوم وقالوا له: قم من ههنا، فقال لهم: ما الخبر؟ فقالوا: قد تقدم الملك العادل أبو بكر بن أيوب، بأخذ رخام هذه الحجرة، وأن يعمر به موضعا آخر، فخرج منكسرا كاسفا، فقيل له في ذلك: فقال: قد استجيبت فينا دعوة، وما أظننى أجلس فى ديوان بعدها، أما سمعتم إذا بالغوا فى الدعاء علينا قالوا. خرب الله ديوانه، وما بعد الخراب إلا اليباب، ثم دخل منزله، أوحم فلم يخرج منه إلا ميتا، فلما مات خلفه ابنه الأسعد هذا، على ديوان الجيش، وتصدر فيه مدة طويلة، ثم أضيف إليه في الأيام الصلاحية والعزيزية ديوان المال، وهو أجل ديوان من دواوين مصر، وتصدر فيه، واختص بصحبة القاضي الفاضل، عبد الرحيم بن علي البيساني، ونفق عليه، وحظى عنده، وكرم لديه، فقام بأمره، وأشاع من ذكره، ونبه على فضله، وصنف له عدة تصانيف باسمه، ولم يزل على ذلك، إلى أن ملك الملك العادل، أبو بكر ابن أيوب الديار المصرية، وكان وزيره، والمدبر لدولته، الصفي عبيد الله بن علي بن شكر، وكان بينه وبين الأسعد ذحل قديم أيام رياسته عليه، ووقعت من الأسعد إهانة في حق ابن شكر، فحقدها عليه، إلى أن تمكن منه، فلما ورد مصر، أحضر الأسعد إليه، وأقبل بكلينه عليه، وفوض إليه جميع الدواوين، التى كانت باسمه قديما، وبقي على ذلك سنة كاملة، ثم عمل له المؤامرات، ووضع عليه المحالات، وأكثر فيه التأويلات، ولم يلتفت إلى أعذاره ولا اعاره طرفا لاعتذاره، فنكبه نكبة قبيحة، ووجه عليه أموالا كثيرة، وطالبه بها، فلم يكن له وجه، لأنه كان عفيفا ذا مروءة، فأحال عليه الأجناد، فقصدوه وطالبوه، وأكثروا عليه، وآذوه، واشتكوه إلى ابن شكر، فحكمهم فيه. فحدثني المؤيد إبراهيم بن يوسف الشيباني قال: سمعت الأسعد يقول: علقت فى المطالبة على باب دارى بمصر، على ظهر الطريق في يوم واحد، إحدى عشرة مرة، فلما قدم رأوا أننى لا وجه لي، قبل لي تحيل، ونجم هذا المال عليك فى نجوم، فقلت: أما المال فلا وجه له عندي، ولكن إن أطلقت وملكت نفسى، استجديت من الناس، وسألت من يخافني ويرجوني، فلعلي أحصل من هذا الوجه، فأما من وجه حاصل، فليس لى بعد ما أخذتموه مني درهم واحد، فنجم المال على، وأطلقت وبقيت مديدة إلى أن حل بعض نجوم المال على، فاختفيت واستترت، وقصدت القرافة، وأخفيت نفسى فى مقبرة الماذرائيين، وأقمت بها مدة عام كامل، وضاق الأمر على، فهربت قاصدا للشام على اجتهاد من الأستاذ، فلحقنى فى بعض الطريق فارس مجد، فسلم على، وسلم إلى مكتوبا ففضضته، وإذا هو من الصفى بن شكر، يذكر فيه: لاتحسب أن اختفاءك عنى، كان بحيث لا أدرى أين أنت؟ ولا أين مكانك؟ فاعلم أن أخبارك كانت تأتينى يوما يوما، وأنك كنت فى قبور الماذرائيين بالقرافة، منذ يوم كذا، وأننى اجتزت هناك، واطلعت فرأيتك بعينى، وأنك لما خرجت هاربا عرفت خبرك، ولو أردت ردك لفعلت، ولو علمت أنك قد بقى لك مال أو حال لما تركتك، ولم يكن ذنبك عندي مما يبلغ أن أتلف معه نفسك، وإنما كان مقصودي: أن أدعك تعيش خائفا فقيرا، غريا ممججا فى البلاد، فلا تظن أنك هربت مني بمكيدة صحت لك علي، فاذهب إلى غير دعة الله، قال: وتركني القاصد وعاد، فبقيت مبهوتا إلى أن وصلت إلى حلب.

فحدثني الصاحب جمال الدين الأكرم - أدام الله علوه - لما ورد إلى حلب، نزل في داري فأقام عندي مدة، وذلك في سنة أربع وستمائة، وعرف الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، بن أيوب - رحمه الله - خبره فأكرمه، وأجرى عليه فى كل يوم دينارا صوريا، وثلاثة دنانير أخرى أجرة دار، فكان يصل إليه في كل ثلاثة أشهر ثلاثون دينارا، غير بر وألطاف، ما كان يخليه منها، وأقام عنده على قدم العطلة، إلى سنة ست وستمائة، كما ذكرنا، ومات فدفن بظاهر حلب، بمقام بقرب قبر أبي بكر الهروي. وله تصانيف كثيرة يقصد بها قصد التأدب، وفي معرض وقائع تجرى، ويعرضها على الأكابر، لم تكن مفيدة إفادة علمية، إنما كانت شبيهة بتصانيف الثعالبي وأضرابه، فمن ذلك كتاب تلقين التفنن في الفقه، كتاب سر الشعر، كتاب علم النثر، كتاب الشيء بالشيء يذكر، وعرضه على القاضى، فسماه سلاسل الذهب، لأخذ بعضه بشعب بعض، كتاب تهذيب الأفعال لابن ظريف، كتاب قرقرة الدجاج، في ألفاظ ابن الحجاج، كتاب الفاشوش فى أحكام "قراقوش"، كتاب لطائف الذخيرة لابن بسام كتاب ملاذ الأفكار وملاذ الاعتبار، كتاب سيرة صلاح الدين يوسف بن أيوب، كتاب أخاير الذخائر، كتاب كرم النجار في حفظ الجار، عمله للملك الظاهر لما قدم عليه، كتاب ترجمان الجمان، كتب مذاهب المواهب. كتاب باعث الجلد عند حادث الولد، كتاب الحض على الرضى بالحظ، كتاب زواهر السدف وجواهر الصدف، كتاب قرص العتاب، كتاب درة التاج، كتاب ميسور النقد، كتاب المنتحل، كتاب أعلام النصر، كتاب خصائص المعرفة فى المعميات، وكان علم الدين بن الحجاج، شريكه في ديوان الجيش، وكان بينهما ما يكون بين المتماثلين في العمل، فعمل فيه الكتاب المتقدم ذكره، وهجاه بعدة أشعر، منها:

حكى نهرين ما في الأرض

 

من يحـيهـمـا أبـــدا

ففـى أفـعـالـه ثـورى

 

وفي ألـفـاظـه بـردى

وكان له نوادر حسنة حادة، منها ما حدثني به الصاحب القاضي الأكرم، قال: ركبنا وخرجنا يوما نسير بظاهر حلب، فكان خروجنا من أحد أبوابها، ودرنا سور البلد جميعه، ثم دخلنا من ذلك الباب، فقال: اليوم تسييرنا تدليك، قلت: كيف؟ قال من برا برا. وكان السديد بن المنذر، وهو رجل فقيه، اتصل بالسلطان صلاح الدين، يوسف بن أيوب بعض الاتصال، فجعل لنفسه بذلك سوقا، واستجلب بما يمت به من ذلك، وإن كان باطلا رزقا، وكان أعور رديئا، قليل الدين بغيضا، ولما أحدث الملك الظاهر غازي، قناة الماء بحلب، وأجراها في شوارعها ودور الناس، فوض إلى ابن المنذر النظر في مصالحها، ورزق على ذلك رزقا حسنا، نحو ثلاثمائة درهم فى الشهر، فسأل عنه الأمير فارس الدين، ميمون القصري، والأسعد بن مماتي حاضر، فقال له مسرعا: هو اليوم مستخدم على قناة، فأعجب بحسن هذه النادرة الحاضرين.

وقيل للأسعد يوما: أى شيء يشبه ابن المنذر؟ فقال: يشبه الزب، فاستبردوا ذلك، وظنوا أنه إنما ذهب إلى عورة فقط، فقال: مالكم لا تسألوني كيف يشبهه؟ فقالوا: كيف؟ قال: هو أقرع أصلع أعور، يسمع بلا أذن، يدخل المداخل الرديئة بحدة واجتهاد، ويرجع منكسرا، فاستحسن ذلك. وله شعر، من ذلك قوله فى الثلج في رجب، سنة خمس وستمائة:

قد قلت لما رأيت الثلج منبسـطـا

 

على الطريق إلى أن ضل سالكها

ما بيض الله وجه الأرض في حلب

 

إلا لأن غياث الدين مـالـكـهـا

وقال أيضا فيه:

لما رأت عينى الثلج

 

ساقطا كالأقـاحـي

وصار ليل الثرى منه

 

أبيضا كالصـبـاح

حسبت ذلك من ذوب

 

در عقد الـوشـاح

أو من حباب الحمـيا

 

أو من ثغور الملاح

فما على داخل النار

 

بعد ذا من جـنـاح

وقال أيضا فيه:

بسيف غياث الدين غازي بن يوسف بن

 

أيوب دام القتل واتصـل الـفـتـح

وشاهدته في الدست والثـلـج دونـه

 

فقلت: سليمان بن داود والـصـرح

وقال أيضا فيه:

مذ رأينا الصبح يزدان

 

ويزداد انـفـراشـا

وحسبنا نـوره يطـرد

 

من خلف الفـراشـا

نثر الثلـج عـلـينـا

 

ياسمينـا وفـراشـا

ورأى أن يرسل الأسهم

 

بالـبـرد فـراشــا

فغدا الكافور في عنبرة

 

الأرض فـراشــا

وقال أيضا فيه:

لما رأت عينى الثلج

 

خلته الياسـمـينـا

وقلت من عجب منه

 

أصبح الآس مـينـا

وخلته من ثغور الملا

 

ح لـلآثـمـينــا

فما أرادوا من الـدر

 

قط إلا ثـمـينــا

وقال أيضا فيه:

لما رأيت الثـلـج قـد

 

أضحت به الأرض سما

وأنسب الصبا الصـبـا

 

وأذكرت جـهـنـمـا

خفت فما فتحـت مـن

 

تعاظم الخـوف فـمـا

فإن نما صبـرى وهـو

 

ناقـص فـإنـمـــا

وقال أيضا فيه:

لما رأيت الثـلـج قـد

 

غطى الوهاد والقنـن

سألت يأهـل حـلـب

 

هل نمطر السما اللبن؟

نقل من خطه ومن شعره أيضا:

وحياء ذاك الوجه بل وحياتـه

 

قسم يريك الحسن في قسماته

لأرابطن على الغرام بثـغـره

 

لأفوز بالمرجو من حسناتـه

وأجاهدن عواذلي في حـبـه

 

بالمرهفات على من لحظاتـه

قد صيغ من ذهب وقلد جوهرا

 

فلذاك ليس يجوز أخذ زكاتـه

وله أيضا:

يعاهدني ألا يخون وينـكـث

 

ويحلف لي ألا يصد ويحنـث

ومن أعجب الأشياء أنك ساكن

 

بقلبي وأني عن مكانك أبحث

وللحسن يا لله طرف مذكـر

 

يتيه به عجبا وطرف مؤنث

ومنه أيضا:

يا سالب الظبية لحظا وجيد

 

أجر لمن تهجر أجر الشهيد

متى رأى طرفك قتل امرئ

 

بأسهم اللحظ فقيد الفـقـيد

ولد دوييت:

يا غصن، أراك حاملا عود أراك

 

حاشاك إلى السواك يحتاج سواك

قل ي: أنهاك عن محبيك نهـاك

 

لو تم وفاك بست خديك وفـاك

كذا وجدت له في اشعارمجموعة، وأنشدني هذين"الدوييت" بعض أهل الأدب، وذكر أنهما للعماد الأصبهانى الكاتب، وهما به أشبه، لأنهما في غاية الجودة، وابن مماتي، في طبقة شعره انحطاط جدا. ومن شعره أيضا:

قد نهانا عن الغـرام نـهـانـا

 

إذ هوانـا ألا تـذوق هـوانـا

وهجرنا الحبيب خيفة أن يهجـر

 

بدءا فـيسـتـمـر عـنـانـا

وتركـنـا لـلـورى فـكـأنـا

 

قد أدرناه بيننـا دسـتـكـانـا

وأنسنا مـن وحـشة بـفـراق

 

فافترقنا كما ترى بـرضـانـا

وسمعنا من الـعـذول كـلامـا

 

فأنفنا من ضحكه لـبـكـانـا

أى خير يكون في حب من فوق

 

سهما من لـحـظة ورمـانـا

نحن لو لم نكن هجرناه من قبـل

 

لأبـدى صـدوده وجـفـانـا

شيمة في الملاح قد أحسن الدهر

 

بإعـلامـهـا بـنـا وأسـانـا

وصباح المشيب يظهر ما كـان

 

ظلام الشباب عـنـه ثـنـانـا

ما مشينا إلـى الـصـبـابة إلا

 

وخطانا معدودة من خـطـانـا

فأدرها معسـجـدات كـؤوسـا

 

مطلعات من الحباب جـمـانـا