باب الألف - إسماعيل بن محمد، بن أحمد الوثابي

إسماعيل بن محمد، بن أحمد الوثابي

أبو طاهر، من أهل أصبهان، له معرفة تامة بالأدب، وطبع جواد بالشعر، مات في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. قال السمعاني: ومن خطه نقلت: ما رأيت بأصفهان في صنعة الشعر والترسل، أفضل منه، أضر في آخر عمره، وافتقر وظهر الخلل في أحواله، حتى كاد أن يختلط، دخلت عليه داره بأصبهان، وما رأيت أسرع بديهة منه في النظم والنثر. افترحت عليه رسالة فقال لي: خذ القلم واكتب، وأملى علي في الحال بلا ترو ولا تفكر، كأحسن ما يكون، إلا أني سمعت الناس يقولون: إنه يخل بالصلوات المفروضة، والله أعلم بحاله.
وأنشد عنه السمعاني أشعاراً له منها:

أشاعوا فقالـوا وقـفة ووداع

 

وزمت مطايا للرحيل سـراع

فقلت: وداع لا أطيق عـيانـه

 

كفاني من البين المشتت سماع

ولم يملك الكتمان قلب ملكتـه

 

وعند النوى سر الكتوم مـذاع

وأنشد عنه له:

فو الله لا أنسى مدى الدهر قولها

 

ونحن على حد الوداع وقـوف

وللنار من تحت الضلوع تلهـب

 

وللماء من فوق الخدود وكـيف

ألا قاتل الله الصورف فإنـمـا

 

تفرق بين للصاحبين صـروف

وأنشد له عنه أيضاً:

طابت لعمري على الهجرا ذكراهـا

 

كأن نفسي ترى الحرمان ذكراهـا

تحيا بيأس وتفنـيهـا طـمـاعـية

 

هل مهجة برد يأس الوصل أحياها؟

قامت لها دون دعوى الحـب بـينة

 

بشاهدين أبانـا صـدق دعـواهـا

إرسال شكوى وإجراء الدموع معـاً

 

وإن تحقبت مجراها ومـرسـاهـا

وأنشد عنه له م قصيدة.

فعج صاح بالعوج الطلاح إلى الحمى

 

وزر أثلات القاع طال بها العـهـد

تعوض عيناُ بـعـد عـين أوانـسـاً

 

وأوحش أحشاء تضمنهـا الـوجـد

وما ساءني وجد ولا ضرنـي هـوى

 

كما ساءني هج تـعـقـبـه صـد

تبصر خليلـي مـن ثـنـية بـارق

 

بريقاً كسقط النار عالجـه الـزنـد

يدق وأحـيانـاً يرق ويرتـقـــي

 

ويخفى كرأي الغمر إمـضـاؤه رد

فيقضى بها من ذكر حـزوى لـيانة

 

ويطفى بها م نار وجد بـهـا وقـد

وإن كان عهد لاوصل أضحى نسـيئة

 

فهاك أليل البرق إذ عـهـده نـقـد

وشم لي نسيم الريح من أفق الحمـى

 

فقد عبق الوادي وفاح بـهـالارنـد