جعفر بن محمد، بن خالد، بن ثوابة
أبو الحسين الكاتب، أحد البلغاء الفصحاء، قال أبو علي: حدثني أبو الحسين بن قيراط قال: حدثني أبو الحسن الإيادي الكاتب، صديق الكرخيين، قال أبو محمد عبد الوهاب، بن الحسن، بن عبيد الله، بن سليمان ابن وهب، وعبيد الله بن سليمان، هما الوزيران قال: كان إلى والدي الحسن بن عبيد الله ديوان الرسائل، وديوان المعاون وجملة الدواوين التي كانت إليه في أيام وزارة أبيه للمعتضد فأمر عبيد الله ابنه، أن يستخلف أبا الحسين ابن ثوابة على ديوان الرسائل، وديوان المعاون، فصار كالمتقلد له من قبل الوزير، لكثرة استخدامه له فيه، ثم مات أبي، فأقره جدي الوزير عبد الله على الديوان رياسة، وبقي عليهم يتوارثونه، مرة رياسة ومرة خلافة، إلى أن تسلمه الصابئ أبو إسحاق من ابن ابنه أحمد.
وكتب جعفر بن محمد هذا، رقعة إلى عبيد الله بن سليمان الوزير في نسختها: قد فتحت للمظلوم بابك، ورفعت عنه حجابك، فأا أحاكم الأيام إلى عدلك، وأشكو صرفها إلى عطفك، وأستجير من لؤم غلبتها بكرم قدرتك، فإنها توخرني إذا قدمت، وتحرمني إذا قسمت، فإن أعطت أعطت يسيراً، وإن ارتجعت ارتجعت كثيراً، ولم أشكها إلى أحد قبلك، ولا أعددت لإنصافها إلا فضلك، ودفع زمام المسألة وحق الظلامة حق التأميل، وقدم صدق الموالاة والمحبة، والذي يملأ يدي من النصفة، ويسبغ العدل علي، حتى تكون إلي محسناً، وأكون بك للأيام معدياً، أن تخلطني بخواص خدمك، الذين نقلتهم من حال الفراغ إلى الشغل ومن الخمول إلى النباهة والذكر، فإن رأيت أن تعديني فقد استعديت، وتجيرني فقد عذت بك، وتوسع علي كنفك، فقد أويت إليه، وتشملني بإحسانك، فقد عولت عليه، وتستعمل بدني ولساني فيما يصلحان لخدمتك فيه، فقد درست كتب أسلافك، وهم الأئمة في البيان، واستضأت برأيهم، واقتفيت آثارهم اقتفاء جعلني بين وحشي كلام وأنيسه، ووقفني منه على جادة متوسطة، يرجع غليها الغالي، ويسمو نحوها المقصر، فعلت إن شاء الله تعالى، فكانت هذه الرقعة سبب استخلافه لأبي.