باب الحاء - حسان بن مالك،اللغوي الأندلسي

حسان بن مالك،اللغوي الأندلسي

بن أبي عبيدة، اللغوي الأندلسي كنيته أبو عبدة الوزير، من أئمة اللغة والأدب، وأهل بيت جلالة ووزارة. مات عن سن عالية. قيل: سنة عشرين وثلاثمائة. له كتاب على مثال كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب، الذي ألفه في أيام الرشيد، وسماه كتاب ربيعة وعقيل، وهو من أحسن ما ألف في هذا المعنى، وفيه من أشعاره ثلاثمائة بيت. وذاك أنه دخل على المنصور بن أبي عامر، وبين يديه كتاب السري، وهو معجب به، فخرج من عنده وعمل هذا الكتاب، وفرغ منه تأليفاً ونسخاً، وجاء به في مثل ذلك اليوم من الجمعة الأخرى، وأراه إياه، فسر به ووصله عليه. وكتب أبو عبدة للمستظهر عبد الرحمن ابن هشام، بن عبد الجبار، بن عبد الرحمن التاجر، المسمى بالخلافة أيام الفتنة، وكان استوزره:

إذا غبت لم أحضر وإن جئت لم أسل

 

فسيان مني مـشـهـد ومـغـيب

فأصبحت تيمياً وما كنت قبـلـهـا

 

لتيم ولكـن الـشـبـيه نـسـيب

أشار في هذا لابيت إلى قول الشاعر:

ويقضى الأمر حين تغيب تيم

 

ولا يسأذنون وهم شـهـود

قال ابن خاقان: وكان لأبي عبدة أيام الفتنة حين أدجت الفتنة ليلها، وأزجت إبلها وخيلها. اغتراب كاغتراب الحارث بن مضاض، واضطراب بين الموالي والمواض، كالحية النضناض، ثم اشتهر بعد، وافتر له السعد، وفي تلك المدة يقول يتشوق إلى أهله:

سقى بلداً أهلي بـه وأقـاربـي

 

غواد بأثـقـال الـحـيا وروائح

وهبت عليهم بالعشي وبالضحـى

 

نواسم من برد الظـلال فـوائح

تذكرتهم، والنأي قد حال دونـهـم

 

ولم أنس لكن أوقد القلـب لافـح

ومما شجاني هاتـف فـوق أيكة

 

ينوح ولم يعلم بمـا هـو نـائح

فقلت: اتئد يكفـيك أنـي نـازح

 

وأن الذي أهواه عـنـي نـازح

ولي صبية مثل الفراخ بقـفـرة

 

مضى حاضناها فاطحتها الطوائح

إذا عصفت ريح أقامت رؤوسهـا

 

فلم تلقـهـا إلا طـيور بـوارح