باب الحاء - الحسن بن إبراهيم بن زولاق

الحسن بن إبراهيم بن زولاق

أبو محمد، هو الحسن بن إبراهيم، بن الحسين، بن الحسن ابن علي، ب خلف، بن راشد، بن عبد الله، بن سليمان، ابن زولاق المصري الليني، من أعيان علماء أهل مصر، ووجوه أهل العلم فيهم. وله عدة تصانيف في تواريخ المصرية. مات يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة، سنة ست وثمانين وثلاثمائة، في أيام المتلقب بالعزيز بالله. وقيل: إنه مات في ذي القعدة، سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، في أيام الحاكم، والأول أظهر. وكان لمحبته للتواريخ، والحرص على جمعها وكتبها، كثيراً ما ينشد:

مازلت تكتب في التاريخ مجتهداً

 

حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا

 وله من الكتب: كتاب سيرة محمد بن طفج الأخشيد، كتاب سيرة جوهر، كتاب سيرة الماذرائيين، كتاب التاريخ الكبير على السنين، كتاب فضائل مصر، كتاب سيرة كافور، كتاب سيرة المعز، كتاب سيرة العزيز، وغير ذلك. وكان قد سمع الحديث ورواه، فسمع منه عبد الله بن وهبان، بن أيوب، بن صدقة وغيره وحدث ابن زولاق في كتاب سيرة العزيز المتغلب على مصر، المتسب إلى العلويين من تصنيفه، حاكياً عن نفسه قال: لما خلع على الوزير يعقوب بن كلس، وكان يهودياً فأسلم، وكان مكيناً من العزيز، فلما أسلم قلده وزارته، وخلع عليه. قال ابن زولاق: وكنت حاضراً مجلسه، فقلت: أيها الوزير، روى الأعمش عن زيد ابن وهب، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: حدثني الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه). وهذا علو سماوي. فقال الوزير: ليس الأمر كذلك، وإنما أفعالي وتوفيراتي وكفايتي، ونيابتي ونيتي وحرصي، الذي كان يهجى ويعاب. وقد مات قوم ممن كان، وبقي قوم، وكان هذا القول بحضرة القوم الذين حضروا قراءة السجل، الذي خرج من العزيز في ذكر تشريفه. قال ابن زولاق: فأمسكت وقلت: - وفق الله الوزير-، إنما رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً، وقمت وخرجت وهو ينظر إلي، وانصرف الوزير إلى داره بما حباه العزيز به. قال: فحدثني أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الحسيني الزينبي قال: عاتبت الوزير على ما تكلم به وقلت: إنما روى حديثاً صحيحاً بجميع طرقه، وما أراد إلا الخير. فقال لي: خفي عنك، إنما هذا مثل قول المتنبئ:

ولله سر في عـلاك وإنـمـا

 

كلام العدى ضرب من الهذيان

وأجمع الاس على أن ذلك هجو في كافور، لأنه أعلمه أنه تقدم بغير سبب. وابن زولاق هجاني على لسان صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، فما أمكني السكوت. وكان في نفسي شيء، فجعلت كلامه سبباً. قال أبو عبد الله الزينبي: فأشهد أن الوزير لم ينقض يومه، حتى تكلم بمثل كلامي، الذي أوردته عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك أن رجلاً عرض عليه رقعة فقال: كم رقاع، كم حرص هو ذا الرجل، يطوف البلدان، ويتقلب في الدول ويسافر فلا ينجح وآخر يأتيه أمله عفواً، قد فرغ الله من الأرزاق والآجال، والمراتب، ومن الشقاوة والسعادة، ثم التفت إلي وضحك، وقطع كلامه. قال ابن زولاق: وكنت هنأت ابن رشيق بهذه التهنئة، في مجلس عظيم حفل، حي جاءته الخلع من بغداد والتقليد وألبسوه. ورويت له هذا الخبر، فبكى وشكر، وحسدني على ذلك أكثر الحاضرين، وكافأني عليه أحسن مكافأة.