باب الحاء - الحسن بن الحسين بن عبيد الله

الحسن بن الحسين بن عبيد الله

ابن عبد الرحمن، ابن العلاء بن أبي صفرة، المعروف بالسكري، أبو سعيد النحوي اللغوي، الراوية الثقة المكثر. مات في سنة خمس وسبعين ومائتين، ومولده في سنة اثنتي عشرة ومائتي. سمع يحيى بن معين، وأبا حاتم السجستاني، والعباس بن الفرج الرياشي، ومحمد بن حبيب، والحارث اب أبي أسامة، وأحمد بن الحارث الخزاز وخلقاً سواهم. وأخذ عنه محمد بن عبد الملك التاريخي وكان ثقة صادقاً يقرئ القرآن، وانتشر عنه من كتب الأدب ما لم ينتشر عن أحد من نظرائه. وكان إذا جمع جمعاً فهو الغاية في الاستيعاب والكثرة.

حدث أبو الكرم خميس بن علي الحوزي النحوي الحافظ الواسطي في أماليه، - وله في هذا الكتاب باب - قال: قدم أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري بغداد، فحضر مجلس أبي زكريا الفراء وهو يومئذ شيخ الناس بها، فأملى الفراء باباً في التصغير قال فيه: العرب تقول: هو الهن وتصغيره الهنى وتثنيته في الرفع الهنيان، وفي النصب والجر الهنيين، وأنشد عليه قول القتال الكلابي:

يا قاتل لله صلعاناً تجئ بهـم

 

أم الهنيين من زند لها وارى

فأمسك أبو سعيد حتى إذا انقضى المجلس، ولم يبق فيه أحد سوى الفراء، تقدم أبو سعيد حتى جلس بين يديه وقال له: - أكرمك الله - أنا رجل غريب وقد مر شيء، أتأذن لي في ذكره؟ فقال اذكره. فقال: إنك قلت هو الهن، وتثنيته في الرفع الهنيان، وفي النصب والجر الهنيين، وهذا جميعه كما قلت، ثم أنشدت قول الكلابي:

يا قاتل الله صلعاناً تجئ بهم

 

أم الهنيين من زد لها وارى

وليس هكذا أنشدناه أشياخنا. قال الفراء: ومن أشياخك؟ قال: أبو عبيدة، وأبو زيد، والأصمعي. قال الفراء: وكيف أنشده أشياخك؟ فقال: زعموا أن الهنبر بوزن الخنصر: ولد الضبع. وأن القتال قال:

يا قاتل الله صلعاناً تجئ بهم

 

أم الهنيبر من زد لها وارى

على التصغير. ففكر الفراء ساعة وقال: - أحسن الله عن الإفادة بحسن الأدب جزاءك -.قال المؤلف ياقوت بن عبد الله: هكذا وجدت هذا الخبر في أمالي اجوزي، وهو ما علمت من الحفاظ، إلا أنه غلط فيه من وجوه، وذلك أن السكري لم يلق الأصمعي ولا أبا عبيدة، ولا أبا زيد، وإنما روى عمن روى عنهم: كابن حبيب، وابن أبي أسامة، والخزاز وطبقتهم. ثم إن السكري ولد في سنة اثنتي عشرة ومائتين. وأبو عبيدة مات سنة تسع عشرة ومائتين وأبو زيد مات سنة خمس عشرة ومائتين. والأصمعي مات في سنة ثلاث عشرة ومائتين، أو خمس عشرة ومائتين، فمتى قرأ عليهم؟ وهذه الجماعة المذكورة هم في طبقة الفراء، لأن الفراء مات في سنة سبع ومائتين، ولعل هذه الحكاية عن غير السكري، وأوردها خميس عنه سهواً، وأوردتها أنا كما وجدتها.

وللسكري من الكتب على ما ذكره محمد بن إسحاق النديم: كتاب أشعار هذيل، كتاب النقائص، كتاب النبات، كتاب الوحوش جود في تصنيفه، كتاب المناهل والقرى، كتاب الأبيات السائرة. وعمل أشعار جماعة من الشعراء، منهم: امرؤ القيس، النابغة الذيباني، النابغة الجعدي، زهير، الحطيئة، لبيد، تميم بن مقبل، دريد بن الصمة، الأعشى، مهلهل، متمم بن نويرة، أعشى باهلة، الزبرقان بن بدر، بشر بن أبي حازم، المتلمس، الراعي، الشماخ، الكميت، ذو الرمة، الفرزدق. ولم يعمل شعر جرير، وعمل شعر أبي نواس، وتكلم على معانيه وغريبه في نحو ألف ورقة ولم يتم، وإنما عمل مقدار ثلثيه.

قال محمد بن إسحاق النديم: ورأيته بخط الحلواني، وكان الحلواني قريب أبي سعيد السكري. وعمل شعر قيس بن الخطيم، وهدبة بن خشرم، وابن أحمر العقيلي، والأخطل، وغير هؤلاء.

وأما أشعار القبائل فإنه عمل منهم: أشعار بني هذيل، أشعار بني شيبان، وبني ربيعة، أشعار بني يربوع، أشعار بني طيء، أشعار بني كنانة، أشعار بني ضبة، أشعار بجيلة، أشعار بني العين، أشعار بني يشكر، أشعار بني حنيفة، أشعار بني محارب، أشعار الأزد، أشعار بني نهشل، أشعار بني عدي، أشعار بني أشجع، أشعار بني نمير، أشعار بني عبد ود، أشعار بني مخزوم، أشعار بني سعد، أشعار بني الحارث، أشعار الضباب، أشعار فهم وعدوان، أشعار مزينة.

وحدث الصولي قال: كنت عند أحمد بن يحيى ثعلب فنعي إليه السكري فتمثل:

المـرء يخـلـق وحـده

 

ويموت يوم يموت وحده

والناس بـعـد هـالـك

 

هل من رأيت الناس بعده