ابن سعيد بن
يحيى، بن مهران، أبو هلال اللغوي العسكري. قال أبو طاهر السلفي: وكان لأبي
أحمد تلميذ وافق اسمه اسمه، واسم أبيه اسم أبيه، وهو عسكري أيضاً، فربما
اشتبه ذكره بذكره إذا قيل الحسن بن عبد الله العسكري الأديب، فهو أبو هلال
الحسن بن عبد الله ابن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران اللغوي العسكري، سألت
الرئيس أبا المظفر محمد بن أبي العباس الأبيوردي - رحمه الله - بهمذان عنه،
فأثنى عليه ووصفه بالعلم والفقه معاً وقال: كان يبرز احترازاً من الطمع
والدناءة والتبذل، وذك فيه فصلاً هو في سؤالاتي عنه، وكان الغالب عليه
الأدب والشعر. وله في اللغة: كتاب سماه بالتلخيص وهو كتاب مفيد، وكتاب
صناعتي النظم والنثر وهو أيضاً كتاب مفيد جداً، ومن جملة من روى عنه أبو
سعد السمان الحافظ بالري، وأبو الغنائم بن حماد المقرئ إملاء.
وأنشدني أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري لنفسه:
قد تخطاك شبـاب |
|
وتغشاك مـشـيب |
فأتى ما ليس يمضي |
|
ومضى ما لا يئوب |
فتأهب لـسـقـام |
|
ليس يشفيه طبـيب |
لا توهمه بـعـيداً |
|
إنما الآتي قـريب |
ومما أنشدنا القاضي أبو أحمد الموحد بن محمد بن عبد الواحد الحنفي بتستر قال: أنشدنا ابو حكيم أحمد ابن إسماعيل العسكري قال: أنشدناه أبو هلال الحسن ابن عبد الله بن سهل اللغوي لنفسه بالعسكر:
إذا كان مالي مال من يلقط العجـم |
|
وحالي فيكم حال من حاك أو حجم |
فأين انتفاعي بالأصالة والحـجـى |
|
وما ربحت كفي من العلم والحكم؟ |
ومن ذا الذي في الناس يبصر حالتي |
|
فلا يلعن القرطاس والحبر والقلـم |
ومما أنشدنا القاضي أبو أحمد الحنفي بتستر قال: أنشدنا أبو حكيم اللغوي قال: أنشدنا أبو هلال العسكري لنفسه:
جلوسي في سوق أبيع وأشتري |
|
دليل على أن الأنـام قـرود |
ولا خير في قوم تذل كرامهـم |
|
ويعظم فيهم نذلـهـم ويسـود |
ويهجوهم عني رثاثة كسوتـي |
|
هجاء قبيحاً ما علـيه مـزيد |
ومما أنشدناه أبو غالب الحسين بن أحمد بن الحسين القاضي بالسوس قال: أنشدنا المظفر بن طاهر بن الجراح الأستراباذي قال: أنشدني أبو هلال الحسن بن عبد الله ابن سهل اللغوي العسكري لنفسه:
يا هلالاً من القصور تـدلـى |
|
صام وجهي لمقلتيه وصلـى |
لست أدري أطال ليلـي أم لا |
|
كيف يدري بذاك من يتقلى؟؟ |
لو تفرغت لاستطالة لـيلـى |
|
ولرعي النجوم كنت مخـلاً |
هذا آخر ما ذكره السلفي من حال أبي هلال. قال مؤلف الكتاب: وهذه الأبيات الأخيرة التي منها:
لست أدري أطال ليلي أم لا |
والبيت الذي بعده رأيته في بعض الكتب منسوباً إلى خالد الكاتب والله أعلم. هذا عن السلفي. وذكر غيره: أن أبا هلال كان ابن أخت أبي أحمد، وله من الكتب بعد ما ذكره السلفي: كتاب جمهرة الأمثال، كتاب معاني الأدب، كتاب من احتكم من الخلفاء إلى القضاة، كتاب التبصرة وهو كتاب مفيد، كتاب شرح الحماسة، كتاب الدرهم والدينار، كتاب المحاسن في تفسير القرآن خمس مجلدات، كتاب العمدة، كتاب فضل العطاء على العسر، كتاب ما تحلن فيه الخاصة، كتاب أعلام المعاني في معاني الشعر، كتاب الأوائل، كتاب ديوان شعره، كتاب الفرق بين المعاني، كتاب نوادر الواحد والجمع. قال المؤلف: وأما وفاته فلم يبلغني فيها شيء، غير أني وجدت في آخر كتاب الأوائل من تصنيفه: وفرغنا من إملاء هذا الكتاب يوم الأربعاء لعشر خلت من شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. ولبعضهم:
وأحسن ما قرأت على كتاب |
|
بخط العسكري أبي هلال |
فلو أني جعلت أمير جـيش |
|
لما قاتلت إلا بـالـسـؤال |
فإن الناس ينهزمون مـنـه |
|
وقد ثبتوا لأطراف العوالي |
وقال أبو هلال العسكري في تفضيل الشتاء على غيره من الأزمة:
فترت صبوتي وأقصر شجـوي |
|
وأتاني السرور من كل نـحـو |
إن روح الشتاء خلص روحـي |
|
من حرور تشوي الوجوه وتكوي |
برد الماء والـهـوا وكـأن قـد |
|
سرق البرد من جوانح خـلـو |
ريحه تلمس الصدور فتشـفـي |
|
وغماماته تصـوب فـتـروي |
لست أنسى منـه دمـاثة دجـن |
|
ثم من بعده نضـارة صـحـو |
وجنوباً يبشر الأرض بـالـقـط |
|
ر كما بشر العـلـيل بـبـرو |
وغيوماً مطرزات الـحـواشـي |
|
بوميض من البـروق وخـفـو |
كلما أرخت السمـاء عـراهـا |
|
جمع القطر بين سفل وعـلـو |
وهي تعطيك حين هبت شمـالاً |
|
برد مـاء فـيهـا ورقة جـو |
وترى الأرض في ملاءة ثـلـج |
|
مثل ريط لبستـه فـوق فـرو |
فاستعار العرار منها لـبـاسـاً |
|
سوف يمنى من الرياح بنضـو |
فكأن الكافور مـوضـع تـرب |
|
وكأن الجمان مـوضـع فـرو |
ولـيال أطـلـن مـدة درسـي |
|
مثلما قد مددن في عمر لهـوي |
مر لي بعضها بفقـه وبـعـض |
|
بين شعر أخذت فـيه ونـحـو |
وحـديث كـأنـه عـقــد ريا |
|
بت أرويه للـرجـال وتـروى |
في حديث الرجال روضة أنـس |
|
بات يرعى بأهل نبـل وسـرو |