باب الحاء - الحسن بن عثمان بن حماد

الحسن بن عثمان بن حماد

بن حسان بن عبد الرحمن ابن يزيد، أبو حسان الزيادي البغدادي القاضي، من أعيان أصحاب الواقدي، وروى عن الهيثم بن عدي، وهشيم بن بشير وغيرهما، وكان أديباً فاضلاً نسابةً، أخبارياً جواداً كريماً سمحاً. مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين، أو ثلاثٍ وأربعين ومائتين عن تسعً وثمانين سنةً، مات هو والحسن بن علي بن الجعد في وقتٍ واحدٍ، وكان الزيادي حينئذٍ على قضائه مدينة المنصور، وكان الزيادي يصنف الكتب ويصنف له، وكانت له خزانة كتبٍ حسنةٍ كثيرةٍ، وله من الكتب على ما ذكر محمد بن إسحاق: كتاب عروة بن الزبير. كتاب طبقات الشعراء. كتاب الآباء والأمهات. وقال الحافظ أبو القاسم: سمع بدمشق الوليد بن مسلمٍ، وشعيب بن إسحاق، وعمر بن عبد الواحد، وعمر بم سعيدٍ، والوليد بن محمدٍ الموقري، ومعروف بن عبد الله الخياط، وهارون بن عمر الدمشقي، ومحمد بن إسحاق بن بلال بن أبي الدرداء، وسعيد بن عيينة، وشعيب بن صفوان، وابن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وحماد بن زيدٍ، ووكيع بن الجراح، وأبا داود الطيالسي. روى عنه أبو العباس الكديمي، وإسحق بن الحسن الحربي، ومحمد بن محمدٍ الباغندي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وذكر الجهشياري في كتاب الوزراء: أن رجلاً من أهل خراسان أودع أبا حسان الريادي القاضي عشرة آلاف درهمٍ، وأنها صادفت منه خلةً فأنفقها، وقدّر أن يأتي ما يرد على الخراساني مكانها إلى أن ينصرف الخراساني من الحج، فحدث للخراساني أمر قطعه عن الحج وعزم على الانصراف إلى بلده، فصار إلى أبي حسان يلتمس ماله، فتعلل عليه ودافعه وتحير، وضاقت الحيلة عليه، وعاد الخراساني مراراً فدافعه، ثم وعده في يومٍ بعينه، واشتد غمه وقلقه، وأجنع على بذل وجهه إلى بعض إخوانه، فلما كان في ليلة اليوم الذي وعد الرجل فيه، امتنع عليه النوم من شدة قلقه، فقام في بعض الليل فقصد دينار بن عبد الله، فلما صار في بعض الطريق تلقاه رسول لدينارٍ يسأل عن أبي حسان، فلما سمع ذكره سأله عن سببه، وتعرف إليه فقال له: أبو عليٍ دينار يقرأ عليك السلام ويقول لك: قسمت شيئاً على عيالنا، وذكرت من في منزلك منهم، فوجهت إليهم بعشرة آلاف درهمٍ، فقبلها وحمد الله وصار إلى منزله فسلمها إلى الخراساني، وصار إلى دينار بن عبد الله شاكراً له وعرفه خبره. فقال له دينار: فأرانا إنما وجهنا بمال الخراساني، فعلى ماذا يعتمد العيال؟ وأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى.

وفي سنة ثمان عشرة ومائتين: كتب المأمون من الثغر إلى إسحاق بن ابراهيم المصعبي وإلى بغداد، في امتحان القضاة والشهود والمحدثين بالقرآن، فمن أقر أنه خلوق محدث خلى سبيله، ومن أبى عليه أعلمه به ليأمر فيه برأيه، فأحضر إسحاق أبا حسانً الزيادي، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن أبي مقاتلٍ، والفضل بن غانمٍ، والذيال بن هيثمٍ وسجادة، والقواريري، وأحمد بن حنبلٍ، وقتيبة، وسعدويه الواسطي، وعلي بن الجعد، وسعد بن أبي إسرائيل، وابن الهرش، وابن علية الأكبر، ويحيى بن عبد الرحمن الرياشي، وشيخاً آخر من ولد عمر بن الخطاب كان قاضي الرقة، وأبا نصير التمار وأبا معمرٍ القطيعي، ومحمد بن حاتم بن ميمونٍ ومحمد بن نوحٍ المضروب، وابن فرحان وجماعةً، ومنهم النضر ابن شميلٍ، وأبو عليٍ عاصم، وأبو العوام البزاز، وابن شجاعٍ، وعبد الرحمن بن إسحاق، فأدخلوا على إسحاق فقرأ عليهم كتاب المأمون مرتين حتى فهموه، ثم كلم رجلاً رجلاً منهم، فيجيب بما يغالط به أو يصرح، حتى قال لأبي حسانٍ الزيادي: ما عندك؟ وقرأ عليه كتاب المأمون فأقر بما فيه ثم قال: من لم يقل هذا القول فهو كافر. فقال له إسحاق: القرآن مخلوق هو؟ قال: القرآن كلام الله، والله خالق كل شيءٍ، وأمير المؤمنين إمامنا، وبسببه سمعنا عامة العلم، وقد سمع ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، وقد قلده الله أمرنا، فصار يقيم حجنا وصلاتنا، ونؤدي إليه زكوات أموالنا، ونجاهد معه، ونرى إمامته، فإن أمرنا ائتمرنا، وإن نهانا انتهينا. قال: القرآن مخلوق؟ فأعاد مقالته. قال إسحاق: فإن هذه مقالة أمير المؤمنين. قال: قد تكون مقالته ولا يأمر بها الناس، وإن أخبرتني أن أمير المؤمنين أمرك أن أقول: قلت ما أمرتني به، فإنك الثقة فيما أبلغتني عنه. قال: ما أمرني أن أبلغك شيئاً. قال أبو حسان: وما عندي إلا السمع والطاعة، فأمرني آتمر. قال: ما أمرني أن آمركم، وإنما أمرني أن أمتحنكم، فتركه والتفت إلى أحمد بن حنبل فسأله. قال الحافظ أبو القاسم: وليس كما يظنه الناس من ولد زياد بن أبيه، وإنما تزوج أجداده أم ولدٍ لزيادٍ، فقيل له الزيادي، قال ذلك أحمد بن أبي طاهرٍ صاحب كتاب بغداد.