باب الحاء - الحسين بن عبد السلام

الحسين بن عبد السلام

أبو عبد الله المصري المعروف بالجمل، الشاعر المشهور، كان شاعراً مفلقاً مدح الخلفاء والأمراء. توفي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. قدم دمشق وافداً على أحمد بن المدبر، وكان أحمد يقصده الشعراء، فمن مدحه بشعرٍ جيدٍ أجزل صلته، ومن مدحه بشعرٍ رديءٍ وجه به مع خادمٍ له إلى الجامع فلا يفارقه حتى يصلي مائة ركعةٍ ثم يصرفه. فدخل عليه الجمل وأنشده:

أردنا في أبي حـسـنٍ مـديحـاً

 

كما بالمدح تنـتـجـع الـولاة

فقالوا أكرم الـثـقـلـين طـراً

 

ومن جدواه دجـلة والـفـرات

وقالوا يقبل الشـعـراء لـكـن

 

أجل صلات مادحه الـصـلاة

فقلت لهم وما يغنـي عـيالـي

 

صلاتي؟ إنما الشـأن الـزكـاة

فيأمر لي بكسر الصاد مـنـهـا

 

فتصبح لي الصلاة هي الصلات

وروى الجمل عن بشر بن بكرٍ عن الأوزاعي أنه قال: كان قوم كسالى ينامون تحت شجرة كمثرى يقولون: إن سقط في أفواهنا شيء أكلنا وإلا فلا، فسقطت كمثراة إلى جانب أحدهم، فقال له الذي يليه: ضعها في فمي. قال: لو استطعت أن أضعها في فمك وضعتها في فمي. قال ابن يونس في تاريخ مصر: كان الجمل شرهاً في الطعام دنئ النفس وسخ الثوب هجاءً، ولد قبل سنة سبعين ومائةٍ، وعلت سنه، ومدح المأمون بمصر لما ورد إليها لجوب البيمارستان، ومدح الأمراء مثل عبد الله بن طاهرٍ وغيرهم، وتوفي في ربيعٍ الآخر سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين، ومن شعر الجمل أيضاً:

إذا أظمأتك أكف الـلـئام

 

كفتك القناعة شبعـاً وريا

فكن رجلاً رجله في الثرى

 

وهامة همته في الـثـريا

أبـيا لـنـائل ذي ثـروةٍ

 

تراه بمـا فـي يديه أبـيا

فإن إراقة مـاء الـحــيا

 

ة دون إراقة ماء المحـيا