باب الحاء - الحسين بن محمد بن عبد الوهاب

الحسين بن محمد بن عبد الوهاب

ابن محمد نب الحسين بن عبيد الله بن القاسم بن عبد الله ابن الوزير سليمان بن وهبٍ الحارثي البكري الدباس المعروف بالبارع البغدادي، كان لغوياً نحوياً مقرئاً قرأ القرآن على أبي علي بن البناء وغيره، وأقرأ خلقاً كثيراً. وسمع القاضي أبي يعلى الموصلي وغيره وروى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وكان حسن المعرفة بصنوف الآداب فاضلاً، وله مصنفات حسان في القراءات وغيرها، وله ديوان شعرٍ جيدٍ. وهو من بيت الوزارة، فإن جده القاسم بن عبيد الله كان وزير المعتضد والمكتفي بعده، وعبيد الله بن القاسم كان وزير المعتضد أيضاً قبل ابنه القاسم. وكان بين البارع وابن الهبارية الأديب الشاعر مداعبات، فإنهما كانا رفيقين منذ نشأا، وأضر البارع في آخر حياته، وسمع منه الحافظ أبو الفرج بن الجوزي، وأبو عبد الله الحسيني بن علي بن مهجلٍ الضرير الباقدرائي، وقرأ عليه بالروايات أبو جعفرٍ عبد الله بن أحمد بن جعفرٍ الواسطي المقرئ الضرير وغيره. وكان مولده سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائةٍ ببغداد، وتوفي صبيحة يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائةٍ، ومن شعره:

لم لا أهيم إلى الرياض وحسنها

 

وأظل منها تحت ظلٍ ضافي؟

والزهر حياني بثغـرٍ بـاسـمٍ

 

والباء وافاني بقلبٍ صـافـي

وقال:

يوم من الزمهرير مقـرور

 

عليه ثوب الضباب مزرور

كأنما حـشـو جـوه إبـر

 

وأرضه فرشهـا قـوارير

وشمسه حـرة مـخـدرة

 

ليس لها من ضبابه نـور

وحج البارع بن الدباس، فلما رجع من الحج ذهب إليه الشريف أبو يعلى بن الهبارية مرةً فلم يجده، فكتب إليه بقصيدةٍ طويلةٍ يعاتبه بها مطلعها:

يابن ودي وأين مني ابن ودي

 

غيرت طبعه الرياسة بعدي؟

وفيها مداعبة بلغت حد السخف، فأجابه البارع بقصيدةٍ طويلةٍ أيضاً مطلعها:

وصلت وقعة الشريف أبي يع

 

لى فحلت محل لقياه عنـدي

فتلقيتهـا بـأهـلاً وسـهـلاً

 

ثم ألصقتها بعينـي وخـدي

وفضضت الختام عنها فما ظن

 

نك بالصاب إذ يشاب بشهـد

بين حلوٍ من العـتـاب ومـرٍ

 

هو أولى به وهـزلٍ وجـد

وتجنى علي من غـير جـرمٍ

 

بملامٍ يكاد يحـرق جـلـدي

يدعي أنني احتجبت وقـد زا

 

ر مراراً حاشاه من قبـح رد

دعك من ذمك الرياسة والحج

 

ج وقل لي بغير حلٍ وعقـد

فبماذا علمت بـالـلـه أنـي

 

قد تنكرت أو تغير عهـدي؟

من تراني أعـامـل أم وزير

 

لأميرٍ أم قائد جيش جـنـد؟

أنا ذاك الخل الخليع الـذي تـع

 

رف أرضي ولو بخبـزٍ ودردي

وإذا صح لـي نـديم فـذاك ال

 

يوم عيدي وصاحب الدست عبدي

أتراني لو كنت في النار مع هـا

 

مان أنساك أو بـجـنة خـلـد؟

أو لو أتى عصبت بالتاج أسـلـو

 

ك ولو كنت غائباً عـن رشـدي

أنا أضعاف ما عهدت على العـه

 

د وإن كنت لا تـكـافـي بـود

وفي القصيدة أبيات تتضمن سخفاً فاحشاً ضربنا عن ذكرها صفحاً. ومنها:

أم لأني قنعت من سائر الـنـا

 

س بفردٍ بين الأكـارم فـرد

صان وجهي عن اللـئام وأولا

 

ني جميلاً منه إلى غير حـد

أم لأني قنعت حتى لقد صـر

 

ت بقنعي نسيج دهري ووحدي

أم لأني أنفت مع ذا من الكـد

 

ية أين الكرام قل لي لأكدي؟

وقال:

إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت

 

ولم ينهها تاقت إلى كـل بـاطـل

وساقت إليه الإثم والعـار بـالـذي

 

دعته إليه مـن حـلاوة عـاجـل

وقال أيضاً:

أفنيت ماء الوجه من طول ما

 

أسأل من لا ماء في وجهـه

أنهي إلـيه حـالـي الـذي

 

يا ليتني مت ولـم أنـهـه

فلم ينـلـنـي أبـداً رفـده

 

ولم أكد أسلم من جـبـهـه

والدهر إذ مات مـمـاريده

 

قد مد أيديه إلـى بـلـهـه

وقال:

تنازعني النفس أعلى مقامٍ

 

ولست من العجز لا أنشط

ولكن بقدر علو المـكـان

 

يكون هبوط الذي يسقـط