باب الحاء - الحكم بن معمر بن قنبر

الحكم بن معمر بن قنبر

ابن جحاش بن سلمة بن ثعلبة بن مالك بن طريف بن محارب الخضري شاعر إسلامي، وكان مع تقدمه في الشعر سجاعاً كثير السجع، وكان هجاءً خبيث اللسان، وكان بينه وبين الرماح بن أبرد المعروف بابن ميادة مهاجاة ومواقف كان الغلب في أكثرها على الرماح فتهاجيا زماناً طويلاً، ثم كف ابن ميادة وسلأأله الصلح، فصالحه الحكم. وكان أول ما بدأ الهجاء بينهما أن ابن ميادة مر بالحكم وهو ينشد في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم في جماعةٍ من الناس قوله:

لمن الديار كأنها لم تـعـمـر

 

بين الكناس وبين برق محجر؟

حتى انتهى إلى قوله:

يا صاحبي ألم تشـمـا بـارقـاً

 

نضح الصراد به فهضب المنحر

قد بت أرقبه وبات مـصـعـداً

 

نهض المقيد في الدهاس الموقر

فقال له ابن ميادة: ارفع إلى رأسك أيها المنشد، فرفع الحكم رأسه فقال له: من أنت؟ قال: أنا الحكم ابن معمرٍ الخضري، قال:: فوالله ما أنت في بيت حسبٍ ولا في أرومة الشعر، فقال له الحكم: وماذا عبت في شعري؟ قال: عبت أنك أدهست وأوقرت. قال له الحكم: ومن أنت؟ قال: أنا ابن ميادة. قال: ويحك فلم رغبت عن أبيك وانتسب إلى أمك راعية الضأن، وأما إدهاسي وإيقاري، فإني لم آت خيبر لا ممتاراً ولا متحاملاً وما عدوت أن حكيت حالك وحال قومك، فلو سكت عن هذا كان خيراً لك وأبقى عليك، فلم يفترقا إلا عن هجاء.
وقال الحكم يهجو أم جحدرٍ بنت حسانٍ المرية وكانت فضلت ابن ميادة عليه:

ألا عوقبت في قبرها أم جـحـدرٍ

 

ولا لقيت إلا الكلاليب والجمـرا

كما حادثت عبداً لئيماً وخـلـتـه

 

من الزاد إلا حشو رياطته صفرا

فيا ليت شعري هل رأت أم جحدرٍ

 

أكنك أو ذاقت مغابنك الشقـرا؟

وهل أبصرت أرساغ أبرد أو رأت

 

قفا أم رماحٍ إذا ما استقت دفـرا

وبالغمر قد صرت لقاحاً وحادثـت

 

عبيداً فسل عن ذاك نيان والغمرا

ومما قاله الحكم في ابن ميادة:

خليلي عوجا حييا الدار بـالـجـفـر

 

وقولا لها سقياً لعصرك من عصـر

وماذا تحيي من رسـومٍ تـلاعـبـت

 

بها حرجف تذري بأذيالها الـكـدر

إذا يبست عـيدان قـومٍ وجـدتـنـا

 

وعيداننا تغشى على الورق الخضـر

إذا الناس جاؤوا بالقـروم أتـيتـهـم

 

بقرمٍ يساوي رأسـه غـرة الـبـدر

لنا الغور والأنجاد والخيل والـقـنـا

 

عليكم وأيام المـكـارم والـفـخـر

فيامر قد أخزاك في كـل مـوطـنٍ

 

من اللؤم خلات يزدن على العشـر

فمنهن أن العبد حـامـي ذمـاركـم

 

وبئس المحامي العبد عن حوزة الثغر

ومنهن أن لم تمسحوا وجـه سـابـقٍ

 

جوادٍ ولم تأتوا حصاناً على طـهـر

ومنهن أن المـيت يدفـن مـنـكـم

 

فيقسو على دفانه وهو في القـبـر

ومنهن أن الجار يسكن وسـطـكـم

 

بريئاً فيرمى بالـخـيانة والـغـدر

ومنهن أن عذتـم بـأرقـط كـودنٍ

 

وبئس المحامي أنت يا ضرط الجفر

ومنهن أن الشـيخ يوجـد مـنـكـم

 

يدب إلى الجارت محدودب الظهـر

يبيت ضباب الضغن يخشى احتراشها

 

وإن هي أمست دونها ساحل البحـر