باب الحاء - حماد بن عمر بن يونس بن كليب

حماد بن عمر بن يونس بن كليبٍ

الكوفي المعروف بحماد عجردٍ مولى بني سوءة بن عامر بن صعصعة، شاعر مجيد من طبقة بشارٍ، وكان بينهما مهاجاة، وهو أحد الحمادين الثلاثة، قال إبراهيم العامري: كان بالكوفة ثلاثة نفرٍ يقال لهم الحمادون: حماد عجردٍ، وحماد الراوية، وحماد بن الزبرقان، يتنادمون ويتعاشرون معاشرةً جميلةً ويتناشدون الأشعار، وكانوا كأنهم نفس واحدة، وكان يرمون بالزندقة جميعاً، وحماد عجردٍ من مخضرمي الدولتين، نادم الوليد بن يزيد ولم يشتهر إلا في الدولة العباسية، قدم بغداد في أيام المهدي هو ومطيع بن إياسٍ ويحيى بن زيادٍ فاشتهروا بها، وكان حماد ماجناً ظريفاً متهماً في دينه، وكان أحد الأئمة ينتقصه فلما بلغه ذلك كتب إليه:

إن كان نسكك لا يتم بغير شتمي وانتقاصي

فاقعد وقم بي حيث شئت لدى الأداني والأقاصي

فلطالما زكيتني وأنا المقيم على المعاصي

أيام تأخذها وتعطى في أباريق الرصاص

وسبب تسميته بعجردٍ أن إعرابياً مر به وهو غلام يلعب مع الصبيان في يومٍ شديد البرد وهو عريان فقال له الأعرابي: تعجردت يا غلام فسمي عجرداً، والمتعجرد: المتعري. وكتب لأبو النضير الجمحي الشاعر إلى حمادٍ يسأله عن حاله في الشراب ومن يعاشر عليه، فكتب إليه حماد:

أبا النضير اسمع كلامـي ولا

 

تجعل سوى الإنصاف في بالكا

سألت ما حالي وما حال مـن

 

لم يلق إلا عابـداً نـاسـكـا؟

يظهر نسكاً ومتى يفـتـرص

 

يكن علـي عـادياً فـاتـكـا

ومرض حماد فعاده أصدقاؤه جميعاً إلا مطيع بن إياسٍ، فكتب إليه حماد:

كفاك عيادتي من كان يرجـو

 

ثواب الله في صلة المريض

فإن تحدث لك الأيام سقـمـاً

 

يحول جريضه دون القريض

 

يكن طول التأوه منك عندي

 

بمنزلة الطنين من البعوض

ومن شعر حماد عجردٍ:

إني أجحبك فاعلمي

 

إن لم تكوني تعلمينا

حباً أقـل قـلـيلـه

 

كجميع حب العالمينا

وقال:

فأقسمت لو أصبحت في قبضة الهـوى

 

لأقصرت عن لومي وأطنبت في عذري

ولكن بـلائي مـنـك أنـك نـاصـح

 

وأنـك لا تـدري بـأنـك لا تــدري

وقال في أبي العباس الطوسي:

أرجوك بعد أبي العباس إذ بـانـا

 

يا أكرم الناس أعزاقاً وعـيدانـا

فأنت أكرم من يمشي على قـدمٍ

 

وأنضر الناس عند المحل أغصانا

لو مج عود على قومٍ عصارتـه

 

لمج عودك فينا المسك والبـانـا

وكان بين حمادٍ وبشار بن بردٍ ومطيع بن إياسٍ أهاجٍ كثيرة أعرضنا عن ذكرها لما فيها من السخف والمجون وتوفي حماد عجردٍ بالبصرة سنة إحدى وستين ومائةٍ في أصح الروايات.