باب الحاء - حمدة ويقال حمدونة

حمدة ويقال حمدونة

بنت زياد بن تقيٍ من قرية بادي من أعمال وادي آشِ، كان أبوها زياد مؤدباً وكانت أديبةً نبيلةً شاعرةً ذات جمالٍ ومالٍ مع العفاف والصون، إلا أن حب الأدب كان يحملها على مخالظة أهله مع نزاهة موثوقٍ بها، وكانت تلقب بخنساء المغرب وشاعرة الأندلس. وروى عنها أبو القاسم بن البراق قال: أنشدتنا حمدة العوفية لنفسها وقد خرجت متنزهةً بالرملة من نواحي وادي آشٍ، فرأت ذات وجهٍ وسيمٍ أعجبها فقالت:

أباح الدمع أسراري بـوادي

 

له في الحسن آثـار بـوادي

فمن نهرٍ يطوف بكل روضٍ

 

ومن روضٍ يرف بكل وادي

ومن بين الظباء مهـاة إنـسٍ

 

سبت لبىً وقد ملكت فؤادي

لها لحـظ تـرقـده لأمـر

 

وذاك الأمر يمنعني رقـادي

إذا سدلت ذوائبها عـلـيهـا

 

رأيت البدر في أفق السـواد

كأن الصبح مات له شـقـيق

 

فمن حزن تسربل بالسـواد

وقد نسب إليها أهل المغرب الأبيات الشهيرة المنسوبة للمنازي الشاعر وهي:

وقانا لفحة الرمـضـاء وادٍ

 

سقاه مضاعف الغيث العميم

حللنا دوحه فحنـا عـلـينـا

 

حنو المرضعات على الفطيم

وأرشفنا على ظـمـإٍ زلالاً

 

ألذ من المـدامة لـلـنـديم

يصد الشمس أنى واجهتـنـا

 

فيحجبها ويأذن لـلـنـسـيم

يروع حصاه حاليةً العـذارى

 

فتلمس جانب العقد النظـيم

أجمع أدباء المشرق على نسبة هذه الأبيات للمنازي وهو أحمد بن يوسف المنازي المتوفي سنة سبعٍ وثلاثين وأربعمائةٍ، وأنه عرضها على أبي العلاء المعري فجعل المنازي كلما أنشده المصراع الأول من كل بيتٍ سبقه أبو العلاء إلى المصراع الثاني كما نظمه المنازي، ونسبها أدباء الأندلس ومؤرخوها إلى حمدة وجزم بذلك طائفة منهم، وفيهم من رواها لها قبل أن يخلق المنازي والله تعالى أعلم. ومن شعر حمدة أيضاً:

ولما أبى الواشون إلا فـراقـنـا

 

وما لهم عندي وعندك من ثـار

وشنوا على أسماعنا كـل غـارةٍ

 

وقل حماتي عند ذاك وأنصـاري

غزوتهم من مقلتـيك وأدمـعـي

 

ومن نفسي بالسيف والسيل والنار