حمزة بن حبيب بن عمارة
ابن إسماعيل الإمام أبو عمارة التيمي تيم الله ولاءً وقيل نسباً، الكوفي المعروف بالزيات، وقيل له الزيات لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة: وهو الإمام الحبر شيخ القراء وأحد السبعة الأئمة، ولد سنة ثمانين وأدرك الصحابة بالسن، فيحتمل أن يكون رأى بعضهم. أخذ القراءة عرضاً عن الأعمش والإمام جعفر بن محمدٍ الصادق وابن أبي ليلى، وحمران بن أعين. وروى عن الحكم وعدي ابن ثابت وحبيب بن أبي ثابتٍ وطلحة بن مطرفٍ. وأخذ القراءة عنه إبراهيم بن أدهم، وسفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وعلي بن حمزة الكسائي وغيرهم. وروى عنه يحيى ابن آدم، وحسين الجعفي وخلق، وإليه المنتهى في الصدق والورع والتقوى، وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصمٍ والأعمش، وكان إماماً حجةً ثقةً ثبتاً رضياً قيماً بكتاب الله، بصيراً بالفرائض، خبيراً بالعربية، حافظاً للحديث، عابداً زاهداً خاشعاً قانتاً لله ورعاً عديم النظير. قال الأعمش يوماً وقد رأى حمزة مقبلاً: (وبشر المحسنين) وقال ابن فضيلٍ: ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة. وعن شعيب بن حربٍ أنه قال: ألا تسألوني عن الدر يعني قراءة حمزة؟ وكان شيخه إذا رآه مقبلاً يقول: هذا حبر القرآن. وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض. وقال له أبو حنيفة: شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما: القرآن والفرائض. وقد وثقه يحيى بن معينٍ وقال: حسن الحديث عن ابن إسحاق يعني ابن أبي ليلى، ووثقه آخرون. وقال النسائي: ليس به بأس. وأما ما ذكر عن أحمد بن حنبلٍ وأبي بكر بن عياشٍ ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهديٍ وعبد الله بن إدريس وحماد بن زيدٍ من كراهتهم لقراءة حمزة لما فيها من المد المفرط والسكت واعتبار الهمزة في الوقف والإمالة ونحو ذلك من التكلف، فإن حمزة أيضاً كان يكره ذلك وينهى عنه، وروي أنه كان يقول لمن يفرط في المد والهمز لا تفعل، أما علمت أن ما فوق البياض فهو برص، وما فوق الجعودة فهو قطط، وما فوق القراءة فهو ليس بقراءةٍ. وبعدٍ: فقد انعقد الإجماع على تلقي قراءة حمزة بالقبول والإنكار على من تكلم فيها. توفي حمزة بحلوان مدينته في آخر سأواد العراق سنة ستٍ وخمسين ومائةٍ، وقيل سنة ثمانٍ وخمسين ومائةٍ، وله ست وسبعون سنة.