باب الدال - داود بن سلم

داود بن سلم

مولى بني تميم بن مرة شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان يسكن المدينة، وكان يقال له: الآدم لشدة سواده، وكان من أقبح الناس وجهاً وأشدهم بخلاً، طرقه قوم بالعقيق فصاحوا به العشاء والقرى يا بن سلمٍ، فقال لهم: لا عشاء لكم عندي ولا قرىً، قالوا: فأين قولك إذ تقول؟

يا دار هندٍ ألا حـييت مـن دار

 

لم أقض منك لباناتي وأوطاري

عودت فيها إذا ما الضيف نبهني

 

عقر العشار على يسر وإعسار

قال: لستم من أولئك الذين عنيت.

وقدم داود دمشق فنزل على حرب بن خالد بن يزيد ابن معاوية، فلما دخل داره قام غلمانه إلى متاعه فأدخلوه وحطوا عن راحلته، ثم دخل على حربٍ فأنشده:

فلـمـا دفـعـت لأبـوابـهـم

 

ولاقيت حرباً لقيت النجـاحـا

وجدناه يحمـده الـمـجـتـدو

 

ن، ويابي على العسر إلا سماحا

يغشون حتى ترى كـلـبـهـم

 

يهاب الهرير وينسى النـياحـا

فأنزله وأكرمه وأجازه بجائزة عظيمةٍ، ثم استأذنه للخروج فأذن له وأعطاه ألف دينار وقال له: لا إذن لك علي متى جئت، فوده وخرج من عنده وغلمانه جلوس فلم يقم إليه منهم أحد، فظن أن حرباً ساخط فرجع فقال له: إنك على موجدةٍ؟ قال: لا وما ذاك؟ فأخبره أن غلمانه لم يعينوه على رحله، فقال له: ارجع إليهم فسلهم، فرجع إليهم فقالوا له: إنا ننزل من جاءنا ولا نخرج من خرج من عندنا. وكان داود منقطعاً إلى قثم بن العباس وفيه يقول:

نجوت من حلٍ ومن رحـلةٍ

 

يا ناق إن قربتني من قثـم

إنك إن بلـغـتـنـيه غـداً

 

حالفني اليسر ومات العدم

لم يدر ما لا وبلى قـد درى

 

فعافها واعتاض منها نعـم

أصم عن قيل الخنا سمعـه

 

وما عن الخير به من صمم

توفي داود بن سلمٍ في حدود سنة عشرين ومائةٍ.