باب الراء - الرماح بن أبرد

الرماح بن أبرد

أبن ثوبان بن سراقة بن قيس بن سلمى بن ظالم بن جذيمة بن يربوعٍ أو شرحبيل المري المعروف بابن ميادة وهي أمه وكانت صقلبيةً، وكان يزعم أنها فارسية. وهو شاعر مجيد من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. مات في خلافة المنصور سنة تسعٍ وأربعين ومائةٍ، ومن شعره يفخر بنسب أبيه في العرب ونسب أمه في العجم:

أليس غلام بين كسرى وظالمٍ

 

بأكرم من نيطت عليه التمائم؟

لو أن جميع الناس كانوا بتلعةٍ

 

وجئت بجدي ظالمٍ وابن ظالم

لظلت رقاب الناس خاضعةً لنا

 

سجوداً على أقدامنا بالجماجم

ومن مختار شعره قصيدته البائية التي مدح بها الوليد ابن يزيد ومطلعها:

هل تعرف الدار بالعلـياء غـيرهـا

 

سافي الرياح ومستن لـه طـنـب

دار لبيضاء مسـود مـسـائحـهـا

 

كأنها ظبية ترعى وتـنـتـصـب

تحنو لأكحل ألقـتـه بـمـضـيعةٍ

 

فقلبها شفقـاً مـن حـولـه يجـب

يا أطيب الناس ريقاً بعد هجعتـهـا

 

وأملح الناس عيناً حين تـنـتـقـب

ليست تجود بنـيلٍ حـين أسـألـهـا

 

ولست عند خلاء اللهو أغتـصـب

في مرفقيها إذا ما عولجت حـجـم

 

على الضجيج وفي أنيابها شـنـب

ولـيلةٍ ذات أهـوالٍ كـواكـبـهـا

 

مثل القناديل فيها الزيت واللـهـب

قد جبتها جوب ذي المقراض ممطرةٍ

 

إذا استوى مغفلات البيد والـحـدب

بعنتريسٍ كأن الدبـر يلـسـعـهـا

 

إذا ترنم حادٍ خـلـفـهـا طـرب

إلى الوليد أبي العباس قد عجـلـت

 

ودونه المعط من لبنان والـكـتـب

أعطيتني مائةً صفراً مـدامـعـهـا

 

كالمخل زين أعلى نبته الـشـرب

يسوقها يافـع جـعـد مـفـارقـه

 

مثل الغراب غزاه الصر والحلـب

وذا سبيبٍ صـهـيبـياً لـه عـرف

 

وهامة ذات فرقٍ نابهـا صـخـب

لما أتيتك مـن نـجـد وسـاكـنـه

 

نفحت لي نفحةً طارت بها العـرب

إني امرؤ أعتفي الحاجات أطلبـهـا

 

كما اعتفي سنق يلقي له العـشـب

ولا ألح على الـخـلان أسـألـهـم

 

كما يلح بعظم القـارب الـقـتـب

ولا أخـادع نـدمـانـي لأخـدعـه

 

عن ماله حين يسترخي بـه لـبـب

وأنت وابناك لم يوجد لـكـم مـثـل

 

ثلاثة كلهم بالتـاج مـعـتـصـب

ألطيبون إذا طـابـت نـفـوسـهـم

 

شوس الحواجب والأبصار إن غضبوا

قسني إلى شعراء النـاس كـلـهـم

 

وادع الرواة إذا ما غب ما اجتلـبـوا

إنـي وإن قـال أقـوام مـديحـهـم

 

فأحسنوه وما مانـوا ومـا كـذبـوا

أجري أمامهم جري امـرئٍ فـلـجٍ

 

عنانه حين يجري ليس يضـطـرب

وقال أيضاً:

لقد سبقتك اليوم عـينـاك سـبـقةً

 

وأبكاك من عهد الشباب ملاعبـه

وتذكار عيشٍ قد مضى ليس راجعاً

 

لنا أبداً أو يرجع الـدر حـالـبـه

كأن فؤادي في يدٍ خـبـثـت بـه

 

محاذرةً أن يقضب الحبل قاضبـه

وأشفق من وشك الفراق وإنـنـي

 

أظن لمحمول علـيه فـراكـبـه

فو الله ما أدرى أيغلبني الـهـوى

 

إذا جد جد البين أم أنـا غـالـبـه

فإن أستطيع أغلب وإن يغلب الهوى

 

فمثل الذي لاقيت يغلب صاحـبـه

وشعر ابن ميادة كثير اكتفينا بما ذكرناه منه