باب السين - سليمان بن خلف

سليمان بن خلف

ابن سعد بن أيوب بن وارث القاضي، أبو الوليد الباجي الفقيه المتكلم المحدث المفسر الأدب الشاعر، أصل آبائه من بطليوس انتقلوا إلى باجة الأندلس. وثم باجة أخرى بإفريقية وأرى بأصبهان، ولد أبو الوليد سنة ثلاثٍ وأربعمائةٍ، وأخذ بالأندلس عن أبي الأصبغ ومحمد بن إسماعيل وأبي محمدٍ مكي بن حموش وأبي شاكر وغيرهم. ورحل سنة ستٍ وعشرين وأربعمائة إلى المشرق فأقام في الحجاز مجاوراً ثلاثة أعوامٍ ملازماً للحافظ أبي ذرٍ المحدث يخدمه ويسمع منه، وحج أربع حججٍ، وسمع هناك من ابن سحنويه وابن محرزٍ والمطوعي، ورحل إلى بغداد فأخذ فيها عن أبي الطب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي والدامغاني وابن عمروسٍ، وأخذ عن الخطيب البغدادي، وأخذ الخطيب عنه، ورحل إلى الشام فأخذ فيها عن السمسار ودخل الموصل فأخذ بها علم الكلام عن السمناني ثم رجع إلى الأندلس فخاز الرياسة فيها وسمع منه خلق كثير منهم الحافظان الصدفي والجياني والمعافري والسبتي والمرسي وغيرهم، وولى القضاء بمواضع من الأندلس، وله مصنفات منها: الاستيفاء شرح الموطإ، والمنتقي مختصر الاستيفاء، والإيماء مختصر المنتقى، والسراج في ترتيب الحجاج، والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح، وإحكام الفصول في أحكام الأصول، والتسديد إلى معرفة التوحيد، والمعاني في شرح الموطإ عشرون مجلداً، وكتاب اختلاف الموطآتِ، وتفسير القرآن، والمقتبس في علم مالك بن أنسٍ، والمهذب في اختصار المدونة، وكتاب مسائل الخلاف، والحدود في الأصول، والإشارة في الأصول، وكتاب فرق الفقهاء، وكتاب الناسخ والمنسوخ، وكتاب السنن في الدقائق والزهد، وكتاب النصيحة لولده وغير ذلك. مات بالمرية سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة. ومن شعره:

ما طال عهدي بالديار وإنما

 

أنسى معاهدها أسىً وتبلـد

لو كنت أنبأت الديار صبابتي

 

رق الصفا بفنائها والجلمد

وله في المعتضد بالله عبادٍ:

عباد استعبد الـبـرايا

 

بأنعم فاقت النـعـائم

مديحه ضمن كل قلب

 

حتى تغنت به الحمائم

وقال:

إذا كنت أعلم علـم الـيقـين

 

بأن جميع حياتي كـسـاعة

فلم لا أكن ضنـينـاً بـهـا

 

فأجعلها في صلاحٍ وطاعة؟

وقال:

ليس عندي شخص النوى لا بعظيم

 

فيه غم وفيه كـشـف غـمـوم

إن فـيه اعـتـنـاقةً لــوداعٍ

 

وانتظار اعتـنـاقـهٍ لـقـدوم

وقال رثى ولديه وقد ماتا مقبربين:

رعى الله قبرين اسـتـكـانـا بـبـلـدةٍ

 

هما أسكناها في السواد مـن الـقـلـب

لئن غـيبـا عـن نـاظـري وتـبــوءا

 

فؤادي لقد زاد التبـاعـد فـي الـقـرب

يقـر بـعـينـي أن أزور ثـراهـمــا

 

وألصق مكنـون الـتـرائب بـالـتـرب

وأبكى وأبكى سـاكـنـيهـا لـعـلـنـي

 

سأنجد من صحبٍ وأسعد مـن سـحـب

ولا استعذبت عيناي بـعـدهـمـا كـرى

 

ولا ظمئت نفسي إلى الـبـارد الـعـذب

أحن ويثني اليأس نفـسـي عـن الأسـى

 

كما اضطر محمول على المركب الصعب