باب الظاء - ظالم بن عمرو

ظالم بن عمرو

ابن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثةً ابن عدي بن الدئل بن بكر بن كنانة الدؤلي أبو الأسود، وفي اسمه ونسبه خلاف، أحد سادات التابعين والمحدثين والفقهاء والشعراء والفرسان والأمراء والأشراف والدهاة والحاضري الجواب والصلع الأشراف والبخر الأشراف، ومن مشاهير البخلاء. والأكثر على أنه أول من وضع العربية ونقط المصحف، روى عن عر وعليٍ وأبي ذرٍ وابن عباس وغيرهم. وعنه أمية ويحيى بن يعمر، وصحبه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وشهد معه صفين، ومات بالطاعون الجارف سنة سبعٍ وستين على الأصح. روى عاصم قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد بن أبيه وكان يعلم أولاده وقال: إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ فقال له زياد: لا تفعل. قال: فجاء رجل إلى زيادٍ فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا وترك بنون، فقال زياد: توفي أبانا وترك بنون! ادعوا لي أبا الأسود، فلما جاءه قال له: ضع للعناس ما كنت نهيتك عنه ففعل. وروى في وضع العربية غير ذلك، ولأبي الأسود أخبار كثيرة مع الخلفاء والأمراء، ولطائف في البخل والإمساك، وقد استقصى أخباره أبو الفرج في كتابه، ومن شعره يعاتب ابنه أبا حربٍ وقد انقطع عن العمل وطلب الرزق:

وما طلب المعيشة بالتمنـى

 

ولكن ألق دلوك في الدلاء

تجئك بملئهـا يومـاً يومـاً

 

تجئ بحمأةٍ وقـلـيل مـاء

ولا تقعد على كسل التمنـي

 

تحيل على المقادر والقضاء

فإن مقادر الرحمن تجـري

 

بأرزاق الرجال من السماء

مقدرةً بقبضٍ أو بـبـسـطٍ

 

وعجز المرء أسباب البلاء

وقال:

ألعلم زين وتشريف لصاحبهفاطلب هديت فنون العلم والأدبا

 

كم سيدٍ بطلٍ آباؤه نجب

 

كانوا رؤوساً فـأضحـى بـعدهــم ذنـبـا

ومـقـرف خـامـل الآبـاء ذي أدبٍ

 

نال الـمعالـي بـالآداب والـرتــبـــا

ألـعل ذخر وكــنـز لا نفـاد لــه

 

نعـم القـرين ونـعـم الـخدن إن صـحبـا

قد يجمع الـمال شـخص ثـم يحرمـه

 

عما قلـيلٍ فيلـقـى الذل والـحـربـــا

وجامـع العلـم مغـبـوط بـه أبـداً

 

فلا يحـاذر فـيه الـفـوت والـسـلـبـا

يا جامع الـعلم نعـم الـذخر تـجمـعـه

 

لا تـعـدلـن بـه دراً ولا ذهــبـــا

وقال:

فلا تشعرن النفس يأساً فإنمـا

 

يعيش بجـدٍ حـازم وبـلـيد

ولا تطمعن في مال جارٍ لقربه

 

فكل قريبٍ لا ينـال بـعـيد

وقال:

تعودت مس الضر حتى ألفـتـه

 

وأسلمني طول البلاء إلى الصبر

ووسع صدري للأذى كثرة الأذى

 

وكان قديماً قد يضيق به صدري

إذا أنا لم أقبل من الدهر كل مـا

 

ألاقيه منه طال عتبي على الدهر

وقال:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم

 

والمنكرون لكل أمرٍ منكـر

وبقيت في خلفٍ يزكى بعضهم

 

بعضاً ليدفع معور عن معود

فطنٍ لكل مصيبةٍ في مـالـه

 

وإذا أصيب بعرضه لم يشعر