باب العين - عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان

عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان

ابن داود بن سابق المصري القفطي المعروف بورشٍ المقرئ، وقيل: هو عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو ابن سليمان بن إبراهيم القرشي مولىً لآل الزبير بن العوام وقفط بلد بصعيد مصر وأصله من القيروان، وقيل من ناحية إفريقية والأول أشهر، وأما كنيته فقيل: أبو سعيد، وقيل: أبو القاسم، وقيل: أبو عمرٍ، وأشهرها أبو سعيدٍ، وقيل: أبو القاسم، وقيل: أبو عمروٍ، وأشهرا أبو سعيد، مات فيما نقلناه من كتاب الحافظ أبي العلاء الهمذاني عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الأعلى الصدفي المصري وأبي علي الحسن بن علي الأهوازي في سنة سبع وتسعين ومائةٍ في أيام المأمون الأهوازي خاصةً ومولده بمصر سنة عشرةٍ ومائةٍ في أيام هشام ابن عبد الملك، وقرأ على نافعٍ في سنة خمسٍ وخمسين ومائة في أيام المنصور، ومات وعمره سبع وثمانون سنة، وأما تلقيبه بورشٍ فقيل: إنما لقب به لأنه كان في حداثة سنة رآساً ثم إنه اشتغل بقراءة القرآن وتعلم العربية، ورحل إلى المدينة فقرأ بها على نافعٍ القرآن، وكان أزرق أبيض اللون قصيراً ذا كدنةٍ، وكان نافع يلقبه بالورشان وهو طائر معروف، لأنه كان على قصره يلبس ثياباً قصاراً فكان إذ مشى بدت رجلاه مع اختلاف ألوانه، وكان نافع يقول له: اقرأ يا ورشان وابن الورشان، ثم خفف فقيل: ورش، ولزمه ذلك حتى صار لا يعرف إلا به، وقيل: إن الورش شيء يصنع من اللبن لقب به لبياضه: وحدث الحافظ بإسناده ورفعه إلى محمد بن سلمة العثماني قال: قلت لأبي سلمة، أكان بينك وبين ورش مودة؟ قال: نعم؟ قلت: كيف كان يقرأ ورش على نافعٍ؟ قال: قال لي ورش خرجت من مصر إلى المدينة لأقرأ على نافع فإذا هو لا يطاق القراءة عليه من كثرة أبناء المهاجرين والأنصار، وإنما يقرأ ثلاثين آية، فجلست خلف الحلقة فقلت لإنسان: من أكبر الناس عند نافع؟ فقال: كبير الجعفريين قال: قلت فكيف لي به؟ وقال: أنا أجيء معك إلى منزله، فقام الرجل معي حتى جاء إلى منزل الجعفري فدق الباب، فخرج إلينا شيخ تام من الرجال، قال: فقلت - أعزك الله - أنا رجل من مصر جئت لأقرأ على نافع فلم أصل إليه، وأخبرت أنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامةً، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى منزل نافعٍ، وكان نافع له كنيتان، كان يكنى بأبي رويم وأبي عبد الله، فبأيتهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: إن هذا وسلني إليك، جاءك من مصر ليقرأ عليك، ليس معه تجارة ولا جاء لحجٍ إنما جاء للقراءة خاصةً، فقال لصديقه الجعفري: أفلا ترى ما ألقى من ولد المهاجرين والأنصار؟ قال: فقال له صديقه تحتال له، فقال لي نافع: يمكنك أن تبيت في المسجد؟ قال: قلت: نعم، إنما أنا إنسان غريب، قال: فبت في المسجد، فلما كان الفجر تقاطر الناس ثم قالوا: قد جاء نافع، فلما أن قعد قال: ما فعل الغريب؟ قال: قلت هاأنا - رحمك الله - قال: أبت في المسجد؟ قلت: نعم، قال: فأنت أولى بالقراءة، قال: وكنت مع ذلك حسن الصوت مداداً به، قال: فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأت ثلاثين آية فأشار لي بيده أن اسكت، فقام إليه شاب من الحلقة فقال: يا معلم - أعزك الله - نحن معك وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك، وأنت تقرئ ثلاثين آيةً وأنا أحب - أعزك الله - أن نجعل لي فيه نصيباً، فقد وهبت له عشراً وأقتصر أنا على عشرين، وكان ذلك ابن كبير المهاجرين فقال له: نعم وكرامة ثم قال: اقرأ فقرأت عشراً، ثم أومأ إلي بيده بالسكوت فسكت، فقام إليه فتى آخر فقال: يا معلم - أعزك الله - إني أحب أن أهب لهذا الرجل الغريب عشراً وأقتصر على عشرين، فقد تفضل عليه ابن كبير المهاجرين وأنت تعلم أني ابن كبير الأنصار، فأحببت أن يكون له أيضاً مثل ماله من الثواب، قال لي: اقرأ، فلما أن قرأت خمسين آيةً، قعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة إلا قال لي اقرا، فأقرأ في خمسين، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمات قيل أن أخرج من المدينة.