باب العين - علي بن الحسين المسعودي المؤرخ

علي بن الحسين المسعودي المؤرخ

أبو الحسن، من ولد عبد الله بن مسعود صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره محمد بن إسحاق النديم فقال: هو من أهل المغرب، مات فيما بلغني في سنة ست وأربعين وثلاثمائة بمصر، قال مؤلف الكتاب: وقول محمد بن إسحاق: إنه من أهل المغرب غلط، لأن المسعودي ذكر في السفر الثاني من كتابه المعروف بمروج الذهب وقد عدد فضائل الأقاليم، ووصف هواها واعتدالها ثم قال: وأوسط الأقاليم إقليم بابل الذي مولدنا به، وإن كانت ريب الأيام أنات بيننا وبينه، وساحقت مسافتنا عنه، وولدت في قلوبنا الحنين إليه إذ كان وطننا ومسقطنا، وقد كان هذا الإقليم عند ملوك الفرس جليلاً، وكانوا يشتون بالعراق، ويصيفون بالجبال. فقال أبو دلف العجلي:

إني أمرؤ كسروي الفـعـال

 

أصيف الجبال وأشتو العراق

وقد كانت الأوائل تشبهه بالقلب في الجسد، لأن أرضه هي التي كشفت الآراء عن أهله بحكمة الأمور كما يرتفع ذلك عن القلب، ولذلك اعتدلت ألوان أهله وامتدت أجسامهم، فسلموا من شقرة الروم والصقالبة وسواد الحبشة وغلظ البربر، واجتمعت فيهم محاسن جميع الأقطار، وكما اعتدلوا في الخلقة لطفوا في الفطنة، وأشرف هذه الأقاليم مدينة السلام ويعز على ما أصارتني إليه الأقدار من فراق هذا المصر الذي عن بقعته فصلنا، لكنه الدهر الذي من شيمته التشتيت، والزمن الذي من شريطته الآفات، ولقد أحسن أبو دلف في قوله:

أيا نكبة الدهر التي طوحت بنـا

 

أيادي سبا في شرقها والمغارب

ومن علامة وفاء المرء: دوام عهده وحنينه إلى إخوانه، وشوقه إلى أوطانه، ومن علامة الرشد: أن تكون النفس إلى مولدها تائقة، وإلى مسقط رأسها شائقة.

فهذا يدلك على إن الرجل بغدادي الأصل، وإنما أنتقل إلى ديار مصر فأقام فيها. وهو يحكي في كتبه كثيراً ويقول: رأيت أيام كوني بمصر كيت وكيت، وله من الكتب: كتاب مروج الذهب ومعادن الجواهر في تحف الأشراف والملوك، كتاب ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور، كتاب الرسائل، كتاب الاستذكار لما مر في سالف الإعصار، كتاب التاريخ في أخبار الأمم من العرب والعجم، كتاب التنبيه والأشراف، كتاب خزائن الملك وسر العالمين، كتاب المقالات في أصول الديانات، كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان، كتاب البيان في أسماء الأئمة، كتاب أخبار الخوارج.