باب العين - على بن حمزة بن علي بن طلحة

على بن حمزة بن علي بن طلحة

ابن علىٍ الرزاي الأصل البغدادي المولد والدار، ويعرف بابن بقشلان مات بمصر، أخبرني الحافظ أبو عبد الله محب الدين محمد بن النجار: إن علي بن حمزة بن طلحة مات في غرة شعبان سنة تسع وتسعين وخمسمائةٍ، ويكنى أبا الحسين، وتلقب بعلم الدين، ولى حجبة الباب في أيام المستضئ بالله ثم نيابة المقام ببغداد، فسافر إلى الشام وتنقل إلى إن حصل بمصر فمات بها، وعلم الدين هذا: هو صاحب الخط المليح الغاية على طريقة على بن هلال بن البواب خصوصاً قلم المصاحف، فإنه لم يكتبه أحد مثله فيمن تقدم أو تأخر، ولذلك ذكرناه في هذا الكتاب، ولما ولى حجبة الباب كان يتقعر في كلامه ويستعمل السجع وحوشى اللغة، فمن ذلك ماحدثني به جماعة أهل بغداد إلا أنني كتبته من لفظ الصدر أبي محمدٍ عبد الله بن الهروي الشاعر قال: لما ولى علم الدين حجبة باب النوبي حظر على العامة سماع الملاهي وشرب الخمر وارتكاب الفواحش، وتشدد في ذلك تشدداً عظيماً، وأرد بعض العامة المثرين ختان ولد له فاستشفع إليه بمن يعز عليه في أن يمكنه من إحضار بعض الملاهي لذلك، فأذن فيه ثم قال: جيئوني به أشرط عليه، فلما مثل بين يديه قال له: قد أذن لك في ختان ولدك على ألايكون عندك مزهر ولا مزمر ولابربط ولادف ولاطنبور ولاعود ولامحظور ولاالشيء الملقب بالشنك، ولا من يجول الغناء له ببالٍ ولايحظر في خيالٍ. فقال له العامي: فيأذن لي مولانا أن أحضر وريدة المخنث يلطم عندي دورين أو ثلاثة. قال: فغضب ابن طلحة وقال له: كأنك من الذين تشرئب نفوسهم إلى ما حرم الله، أيها العوام الجهلة، والوضعاء السفلة، يا أهالي الجهل والغواية. ويا أصحاب الضلالة والعماية: أما فيكم من له عقل يرده؟ ولادين يصده، فينبذ الآثام وراء ظهره، ويسعى إلى الخير بانشراح صدره، تتهافتون على الفواحش والمآثم، ولا تأخذكم في المعصية لومة لائمٍ، بدلني الله بكم غيركم، وكفاني شركم وخيركم. فقال الرجل: الله أكبر، يريد تكبير الصلاة. فقال ابن طلحة: وهذا أيضا من جهلك وقلة معرفتك وعقلك، ارجع إلى الله بقلبك، واستغفر لذنبك، ولاحول ولاقوة إلا بالله.
وكان أبو حمزة بن عليٍ وهو الملقب بكمال الدين ويكنى أبا الفتوح، من الأعيان الأماثل، ولى حجبة الباب للمسترشد، ووكله وكالةً مطلقةً، فلما استخلف المقتضى لأمرالله ولاه صدرية المخزن، وأكثر الحج وجاور بمكة، وهو الذي عمر المدرسة التي بباب العامة لأصحاب الشافعي، تعرف إلى الآن بالكمالية، ووقف على المتفقهين بها ثلث ملكه، ومات في صفرٍ سنة ست وخمسين وخمسمائةٍ ودفن بالحربية