باب العين - علي بن زيد

علي بن زيد

أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي. مات سنة خمسٍ وستين وخمسمائةٍ، قال هو في كتاب مشارب التجارب: أنا أبو الحسن علي بن الإمام أبي القاسم زيد بن الحاكم الإمام أميرك، محمد بن الحاكم أبي علىٍ الحسين بن أبي سليمان الإمام فندق بن الإمام أيوب بن الحسن بن أحمد بن ابن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عمرو بن الحسن بن عثمان ابن أيوب بن خزيمة بن عمرو بن خزيمة بن عمرو بن خزيمة بن ثابت بن ذي الشهادتين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر ابن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس، ورفع نسبة إلى آدم وذلك يسير كما ذكرناه في عدة مواضع من كتبنا. قال: ومولدي يوم السبت سابع عشرين شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائةٍ، في قصبة السابزوار من ناحية بيهق وهي بلدة بناها ساسان بن ساسان بن بابك ابن ساسان فأسلمني أبي بها إلى الكتاب، ثم رحلنا إلى ناحية ششتمذ من قرى تلك الناحية، ولوالدي بها ضياع، فحفظت في عهد الصبا كتاب الهادي للشاري تصنيف الميداني، وكتاب السامي في الأسامي له، وكتاب المصادر للقاضي الزوزني، وكتاب غريب القران للعزيزي، وكتاب إصلاح المنطق، وكتاب المنتحل للميكالي، وأشعار المتنبي، والحماسة، والسبعيات، وكتاب التلخيص في النحو. ثم بعد ذلك حفظت كتاب المجمل في اللغة، وحضرت في شهور سنة أربع عشرة وخمسمائةٍ كتاب أبي جعفرٍ المقرئ إمام الجامع القديم بنيسابور مصنف كتاب ينابيع اللغة وغير ذلك، وحفظت في كتابه كتاب تاج المصادر من تصنيفه، وقرأت عليه نحو ابن فضالٍ، وفصلاً من كتاب المقتصد، والأمثال لأبي عبيدٍ، والأمثال للأمير أبي الفضل الميكالي، ثم حضرت درس الإمام صدر الآفاضل أحمد بن محمدٍ الميداني في محرم سنة ست عشرة وخمسمائةٍ، وصححت عليه كتاب السامي في الأسامي من تصنيفه، وكتاب المصادر للقاضي، وكتاب المنتحل، وكتاب غريب الحديث لأبي عبيد، وكتاب إصلاح المنطق ومجموع الأمثال من تصنيفه، وكتاب صحاح اللغة للجوهري. وفي أثناء ذلك كنت أختلف إلى الإمام إبراهيم الخراز المتكلم وأقتبس منه أنوار علوم الكلام، وإلى الإمام محمدٍ الفزاري وسمعت منه غريب الحديث للخطابي وغيرهم، ثم مات والدي في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وخمسمائةٍ، فانتقلت في ذي الحجة سنة ثماني عشرة إلى مرو، فقرأت على تاج القضاة أبي سعد يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعدٍ، وكان ملكاً في صورة إنسان، وعلقت من لفظه كتاب الزكاة، والمسائل الخلافية، ثم سائر المسائل على غير الترتيب، وخضت في المناظرة والمجادلة سنةً جردةً حتى رضيت عن نفسي فيه ورضي عني أستاذي، وكنت أعقد جلس الوعظ في تلك المدرسة وفي الجامع، ثم انصرفت عن مرو في ربيعٍ الأول سنة احدى وعشرين وخمسمائةٍ، واشتغلت بمرو بتزويجٍ صدني عن التحصيل صداً، وعدت إلى نيسابور ثم عدت إلى مسقط الرأس وزيارة الوالدة ببيهق، وأقمت بها ثلاثة أشهر وذلك في سنة  إحدى وعشرين، ورجعت إلى نيسابور ثم رجعت إلى بيهق، واتفقت بيني وبين الأجل شهاب الدين محمد ابن مسعودٍ المختار وإلى الري ثم مشرف المملكة مصاهرة، وصرت مشدوداً بوثاق الأهل والأولاد سنين، وفوض إلى قضاء بيهق في جمادى الأولى سنة ستٍ وعشرين وخمسمائةٍ، فبخلت بزماني وعمري على إنفاقه في مثل هذه الأمور التي قصاراها ماقال شريح القاضي: أصبحت ونصف الناس علي غضبان، فضقت ذرعاً ولم أجد بداً من الأنتقال حتى يتقلص عني ظل ذلك الأمر، فقصدت كورة الري ليلة العيد من شوال سنة ست وعشرين وخمسمائةٍ، والوالي بها شهاب الدين صهري، فتلقاني أكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء، وأقمت بها إلى السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبعٍ وستين وخمسمائةٍ، وكنت في تلك المدة أنظر في الحساب والجبر والمقابلة وطرفاً من الأحكام، فلما رجعت إلى خراسان أتممت تلك الصناعة على الحكيم أستاذ خراسان عثمان بن جاذوكار، وحصلت كتباً من الأحكام، وصرت في تلك الصناعة مشاراً إلى، وانتقلت إلى نيسابور في غرة ربيعٍ الآخر سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائةٍ، وكان علم الحكمة عندي غير نضيجٍ وعدت إلى بيهق وفي العين قذىً من نقصان الصناعة، فرأيت في المنام سنة ثلاثين قائلاً يقول: عليك بقطب الدين محمدٍ المروزي الملقب بالطبسي النصيري، فمضيت إلى سرخس وأقمت عنده وأنفقت ما عندي من الدنانير والدراهم، وعالجت جروح الحرص بتلك المراهم، وعدت إلى نيسابور في السابع والعشرين من شوال سنة اثنتين وثلاثين، وأقمت معه بنيسابور حتى أصابه الفالج وذلك في رجبٍ سنة ستٍ وثلاثين، فعدت إلى بيهق في شعبانها فأزعجني عنها حسد الأقارب، فخرجت منها خائفا أترقب في رمضان سنة سبعٍ وثلاثين إلى نيسابور، فأكرمني أكابرها، فكنت أعقد المجلس في يوم الجمعة بجامع نيسابور القديم، ويوم الأربعاء في مسجد المربع، ويوم الاثنين في مسجد الحاج، وتفد على وفود إكرام الوزير ملك الوزراء طاهر بن فخر الملك، وإكرام أكابر الحضرة، فألقيت العصا بنيسابور وأقمت بها إلى غرة رجب سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ثم ارتحلت عنها لزيارة والدتي، ومات ولدي أحمد ووالدتي في هذه السنة، وكانت حافظةً للقران عالمة بوجوه تفاسيره.

وهأنا أذكر تصانيفي في هذه المدة: كتاب أسئلة القران مع الأجوبة مجلدة، كتاب إعجاز القرآنمجلد، كتاب الإفادة من كلمة الشهادة مجلدة، كتاب المختصر من الفرائض مجلد، كتاب الفرائض بالجدول مجلد، كتاب أصول الفقه مجلد، كتاب قرائن آيات القران مجلد، كتاب معارج نهج البلاغة وهو شرح الكتاب مجلد، كتاب نهج الرشاد في الأصول مجلد، كتاب كنز الحجج في الأصول مجلد، كتاب جلاء صدأ الشك في الأصول، كتاب إيضاح البراهين في الأصول مجلد، كتاب الإفادة في إثبات الحشر والإعادة مجلد، كتاب تحفة السادة مجلد، كتاب التحرير في التذكير مجلدان، كتاب الوقيعة في منكر الشريعة مجلد، كتاب تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء، كتاب أزاهير الرياض المريعة وتفسير ألفاظ المحاورة والشريعة مجلد، كتاب أشعاره مجلد، كتاب درر السخاب ودرر السحاب في الرسائل مجلد، كتاب ملح البلاغة مجلد، كتاب البلاغة الخفية مجلد، كتاب طرائق الوسائل إلى حدائق الرسائل مجلد، كتاب الرسائل بالفارسي مجلد، كتاب رسائله المتفرقة مجلد، كتاب عقود اللآلئ مجلد، كتاب غرر الأمثال مجلدان، كتاب الانتصار من الأشرار مجلد، كتاب الاعتبار بالإقبال والإدبار مجلد، كتاب وشاح دمية القصر مجلد ضخم، كتاب أسرار الاعتذار مجلد، كتاب شرح مشكلات المقامات الحريرية مجلد، كتاب درة الوشاح مجلد خفيف، كتاب العروض مجلد، كتاب أزهار أشجار الأشعار مجلد، كتاب عقود المضاحك بالفارسي مجلد، كتاب نصائح الكبراء بالفارسية مجلد، كتاب آداب السفر مجلدة، كتاب مجامع الأمثال وبدائع الأقوال أربع مجلدات، كتاب مشارب التجارب أربع مجلداتٍ، كتاب ذخائر الحكم مجلدة، كتاب شرح الموجز المعجز مجلد، كتاب أسرار الحكم مجلدة، كتاب عرائس النفائس مجلدة، كتاب أطعمة المرضى مجلد، كتاب المعالجات الاعتبارية مجلد، كتاب تتمة صوان الحكمة مجلد، كتاب السموم مجلد، كتاب الحساب مجلد، كتاب خلاصة الزيجة مجلد، كتاب أسامي الأدوية وخواصها ومنافعها مجلد وهو معنون بتفاسير العقاقير مجلد ضخم، كتاب جوامع الأحكام ثلاث مجلدات، كتاب أمثلة الأعمال النجومية مجلد، كتاب مؤامرات الأعمال النجومية مجلد، كتاب غرر الأقيسة مجلد، كتاب معرفة ذات الحلق والكرة والأصطرلاب مجلد، كتاب أحكام القرانات مجلد، كتاب ربيع العارفين مجلد، كتاب رياحين العقول مجلد، كتاب الإراحة عن شدائد المساحة مجلد، كتاب حصص الأصفياء في قصص الأنبياء على طريق البلغاء بالفارسية مجلدان، كتاب المشتهر في نقض المعتبر الذي صنفه الحكيم أبو البركات مجلد، كتاب بساتين الأنس ودساتين الحدس في براهين النفس مجلد، كتاب مناهج الدرجات في شرح كتاب النجاة ثلاث مجلدات، كتاب الأمانات في شرح الإشارات، كتاب رقيات التشبيهات على خفايا المختلطات بالجداول مجلد، كتاب شرح رسالة الطر مجلد، كتاب شرح الحماسة مجلد، كتاب رسالة العطارة في مدح بني الزنارة، كتاب تعليقات فصول بقراط، كتاب شرح شعر البحتري وأبي تمام مجلد، كتاب شرح شهاب الأخبار مجلد.

قال المؤلف: هذا ماذكره في كتاب مشارب التجارب، ووجدت له تاريخ بيهق بالفارسية، وكتاب لباب الأنساب.

قال المؤلف: وقفت بنيسابور عند أول ورودي إليها في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وستمائةٍ على كتاب وشاح الدمية فقال فيه: إن أبا القاسم الباخرزي فرغ من تصنيف كتاب دمية القصر في جمادى الآخرة سنة ستٍ وستين وأربعمائةٍ، وإنه هو بدأ بتصنيف الوشاح في غرة جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائةٍ، وفرغ منه في رمضان سنة خمسٍ وثلاثين.

وأنشد لنفسه في كتاب الوشاح أشعاراً منها في مخلص الدين أبي الفضل محمد بن عاصمٍ كاتب الإنشاء في ديوان السلطان سنجر قال: وهو ابن أخت أبي إسماعيل الطغرائى:

كريم علا أوج النـجـوم عـلاه

 

وأيقـظ نـوام الـمـديح نــداه

سرى واهتدى طبعي بنجم كما له

 

وأحمد في وقت الصباح سـراه

له روضة أبدت من الفضل نرجساً

 

وغصناً من الإقبال طاب جـنـاه

أعاد رساغ القلب في حـبـل وده

 

وغادر قلبي في صـراع هـواه

يفرق أشجان الأفاضـل يمـنـه

 

ويجمع كل الصيد جـوف فـراه

لقد زرت أشراف الزمان وإنمـا

 

أبى الفضل إلا أن أزور فـنـاه

وذكره العماد الأصفهاني في كتاب الخريدة ووصفه بالرياسة والشرف وقال: حدثني والدي أنه لما مضى إلى الري عقيب النكبة أصبح ذات يومٍ وشرف الدين البيهقي قد قصده في مركبه وهو حينئذٍ والي الري ونقله إلى منزله وتكفل بتسديد خلله، وكان حينئذٍ يترشح لوزارة السلطان وهو كبير الشان، ومازالا بالري مقيمين متوانسين حتى فرق بينهما محتوم البين، وذلك في سنة ثلاثٍ وثلاثين وخمسمائةٍ.

قال: وأظنه نكب في وقعة السلطان سنجر مع الكفار الخطائية، وكان والدي يثني عليه أبدا ويقول: إنه ما نظر إلى نظيره، ولامثلت لعينه عين مثله، صنف كتاب وشاح الدميه، ذيله على كتاب أبي الحسن الباخرزي وهو موجود بخراسان، وأورد فيه لنفسه:

تراجعت الأمور على قفاها

 

كما يتراجع البغل الرموح

وتستبق الحوادث مقدمـاتٍ

 

كما يتقدم الكبش النطـوح

وقوله:

يشير بأطرافٍ لطافٍ كأنـهـا

 

أنابيب مسكٍ أو أساريع إسحل

وتومي بلحظٍ فاتر الطرف فاتنٍ

 

بمرود سحرٍ بابليٍ مكـحـل

ينم على مابيننا مـن تـجـاذبٍ

 

نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

وله:

يا خالق العرش حملت الورى

 

لما طغى الماء على جـارية

وعبدك الآن طـغـى مـاؤه

 

في صلبه فاحمل على جارية

قال المؤلف: هكذا ذكر العماد في كتابه، وإذا عارضت قوله بما ذكره البيهقي عن نفسه في كتبه الذي نقلت لفظه منه من خطة، وجدت فيه اختلافاً في التاريخ وغيره والله أعلم.

ومن شعر أبي الحسن البيهقي الذي أورده لنفسه في كتاب الوشاح في عزيز الدين أبي الفتوح على بن فضل الله المستوفي الطغرائي ونقلته من خطه:

شموسي في أفق الحياه هـلال

 

وأمنى من صرف الزمان محال

وأطلب والمطلوب عز وجـوده

 

وأرجو وتحقيق الرجاء محـال

إلى كم أرجى من زماني مسرةً

 

وقد شاب من رأس الزمان قذال

وبال الطـاووس ألـوان ريشـه

 

وعلم الفتى حقاً عـلـيه وبـال

وللدهر تفـريق الأحـبة عـادة

 

وللجهل داء في الطباع عضال

لقد ساد بالمال المصون معاشـر

 

وأخلاقهم للمـخـزيات عـيال

وبينهم ذل المـطـامـع عـزة

 

وعندهم كسب الحـرام حـلال

وله:

ضجيعي في ليلى جوىً ونحـيب

 

وإلفى في نومي ضنىً ولغـوب

دجا ليل آمالي وأبطأ صـبـحـه

 

وللمنذرات السود فـيه نـعـيب

وتلسعنـي الأيام فـهـي أراقـم

 

وتخدعني الآمال فهـي كـذوب

ألا ليت شعري هل أبيتـن لـيلة

 

وباعي في ظل الوصال رحيب؟

خليلي لاتركن إلى الدهر آمـنـاً

 

فإحسانه بالـسـيئات مـشـوب

وكم جاهلٍ قد قال لي أنت ناقص

 

فهيج ليث الحقد وهو غضـوب

وعيرني بالعلم والحلم والنـهـى

 

قبائل من أهل الهوى وشعـوب

فقلت لهم: لاتعذلوني فـإنـنـي

 

لصفو زجاجات العلوم شـروب

وماضرني أني عليم بمـشـكـلٍ

 

وقد مس أهل الدهر منه لغوب

لئن عد علم المرء جرماً لـديكـم

 

فذلك جرم لست مـنـه أتـوب

كفى حزناً أني مقـيم بـبـلـدةٍ

 

بها صاحب العلم الرصين غريب

وذكر أيضاً في هذا الكتاب قال: دخلت على الأمير يعقوب بن اسحاق المظفر بن نظام الملك، فأكرمني وقابلني بالتعظيم والتفخيم فقلت بديهةً:

يعقوب يظهر دائماً في لـفـظـه

 

عسلاً لديه يطـمـه يعـسـوبـه

وغدا بحمد الله صدراً مـكـرمـاً

 

يعلو نطاق المشتري عـرقـوبـه

فسقى أناملـه حـدائق لـفـظـه

 

وجرى على نهج العلا يعبـوبـه

قد غاب يوسف خاطري عن مصره

 

ويشم ريح قمـيصـه يعـقـوبـه

فأشار إلى وقال: هل لك أن تنسج على منوالي فيما قلت؟ فأنشدني لنفسه:

أعاذل مـهـلاً لـيس عـذلـك ينـفـع

 

وقولـك فـينـا دائمـاً لـيس ينـجـع

وهل يصبر الصب المشوق على الجوى

 

وفي الوصل مشتاق وفي الهجر مجزع؟

يقولون: إن الهجر يشفي من الجوى

 

وإن فؤاد الصب في القرب أجزع

 

بكل تداوينا فلـم يشـف مـابـنـا

 

على أن قرب الدار أجدى وأنفـع

 

تحن إلى ظلٍ من الـعـيشٍ وارفٍ

 

وعهدٍ مضى منه مصيف ومربـع

 

           

فقلت أيها الصدر: ليس للخل حلاوة العسل، وللتكحل طلاوة الكحل، ومن أين للسراج نور الشمس؟ وللكون سبق الخيل الشمس؟ ومن أين للضباب منفعة السحاب؟ فقال: لابد من ذلك، فجمعت العجالة والبداهة هنالك، وقلت في الحال في مقام الارتحال، وكتبت بقلم الارتحال على قرطاس الاستعجال:

سرى طيفه وهناً ولى فيه مـطـمـع

 

وبرق الأماني في دجى الهجر يلمـع

ويأبى حقين الهجـر عـذرة طـيفـه

 

فلم أدر في مهوى الهوى كيف أصنع؟

لقد يحمد القوم السرى في صباحـهـم

 

زمان تلاقٍ عنده الشـمـل يجـمـع

وهانا أسرى في ظـلامـي وإنـنـي

 

أذم صباحـي والـخـلائق هـجـع

أقول لصبري أنت ذخرى لدى النـوى

 

وذخر الفتى حقاً شـفـيع مـشـفـع

وأسكن ماء الـعـين نـارى وإنـمـا

 

هواء الهوى من تربة الطيف أنـفـع

رأيت معيدي الـخـيال فـقـال مـن

 

جهينة أخبار المـعـيدي تـسـمـع

دعوت إلى جيش الهوى جندب الهـوى

 

فولى وطرف العين في النـوم يرتـع

وقال لنفسي: لاتـمـوتـي صـبـابةً

 

لعل زماناً قد مـضـى لـك يرجـع

ولم يبق مني غير ماقلـت مـنـشـداً

 

حشاشة نـفـسٍ ودعـت يوم ودعـوا

فلاذ بشمس الدين يعـقـوب مـن لـه

 

نجوم لها في مشرق المجد مطـلـع

أجلك يا يعقوب عن كنـه مـدحـتـي

 

لأنك عـن مـدحـي أجـل وأرفـع

قال: ثم شرفني بعد ذلك بقصيدةٍ أولها: ألا أبلغ إلى سلمى السلاما فأجبت وقلت بعد الجواب علاوةً للتصديع والإبرام، على طريق أداء شكر المنعم اللائق بأحوال الخدم:

يا صاحبي كسدت أسـواق أشـواقـي

 

والتفت الساق يوم الهجر بـالـسـاق

باليت شعري هل سعـد يسـاعـدنـي

 

أم هل لداء الهوى من الناس من راق؟

أم هل سبيل إلى سلـوان مـكـتـئبٍ

 

أم هل طريق إلى إيناس مـشـتـاق؟

يا نجل اسحاق يا مـن ثـوب سـودده

 

قد جل في الدهر عن وهي ابن اسحاق

فما تمهلت في يومـي وغـىً ونـدىً

 

إلا قـضـيت بـآجـــالٍ وأرزاق

وكل ذكـرٍ وإن طـال الـزمـان بـه

 

فانٍ وذكرك في نادي الـنـدى بـاق