باب العين - علي بن طلحة بن كردان النحوي

علي بن طلحة بن كردان النحوي

أبو القاسم. قال أبو غالب بن بشران: كان ابن كردان يعرف بابن الصحناتي ولم يبع قط الصحناة، وإنما كان أعداؤه يلقبونه بذلك فغلب عليه قال: وهذا الشيخ أول الشيوخ الذين قرأت عليهم الأدب: قال السلفي الحافظ: سألت خميس بن عليٍ الحوزي عن ابن كردان فقال: صحب أبا علي الفارسي وعلي بن عيسى الرماني، وقرأ عليهما كتاب سيبويه، والواسطيون يفضلونه على ابن جنىٍ والربعي، صنف كتاباً كبيراً في إعراب القران، قال لي شيخنا أبو الفتح: كان يقارب خمسة عشر مجلداً، ثم بدا له فيه فغسله قبل موته، مات سنة أربعٍ وعشرين وأربعمائةٍ، وكان متنزهاً متصوناً، ركب إليه فخر الملك أبو غالبٍ محمد بن علي ابن خلفٍ وزير ابن بهاء الدولة وهو سلطان الوقت، وبذل له فلم يقبل، وكان قد جرت بينه وبين القاضي أبي تغلب أحمد بن عبيد الله العاقولي صديق الوزير المغربي وخليفة السلطان والحكام على واسط في وقته خصومة، وكان معظماً مفخماً، فقال له ابن كردان: إن صلت علينا بمالك صلنا عليك بقناعتنا. وآخر من حدث عنه أبو المعالي محمد بن عبد السلام بن شاندة، وذكره أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيني في نحاة واسط فقال: علي بن طلحة بن كردان النحوي أبو القاسم الواسطى المولد والدار، أخذ النحو عن أبي علي الفارسي وأبي بكر بن الجراح صاحب ابن الأنباري، قال ابن بشران: هو أول شيخٍ قرأت عليه ووصفه بالفضل والمعرفة، وعنه أخذ النحو أبو الفتح محمد بن محمد ابن مختار وغيره من الواسطيين وكان شاعرا، ومن شعره ذم واسط:

سئم الأديب من المقام بواسـطٍ

 

إن الأديب بواسطٍ مهـجـور

يابلدةً فيها الـغـنـى مـكـرم

 

والعلم فيها مـيت مـقـبـور

لاجادك الغيث الهطول ولااجتلى

 

فيك الربيع ولاعلاك حـبـور

شر البلاد أرى فعالك سـاتـراً

 

عني الجميل، وشرك المشهور

حدث أبو الجوائز الحسن بن علي بن باري الكاتب الواسطي قال: اجتمع معنا في حلقة شيخنا أبي القاسم علي بن كردان النحوي سيدوك الشاعر ونحن في الجامع بواسط بعد صلاة الجمعة وجرى في عرض المذكرات ذكر من أحال على قلبه بالعشق، ومن أحال على ناظره به أيضاً ومضت أناشيد في ذلك، فقال أبو طاهرٍ سيدوك: قد حضرني في هذا المعنى شيء وأنشدنا:

ياقلب من هذا حذرت عليكـا

 

ذق ما جنيت فكم نصحت اليكا

إنضج بنارك لاأراحك حرهـا

 

فلطالما ضاع العتاب لـديكـا

لما أطعت الطرف ثم عصيتني

 

علق الهوى ياقلب من طرفيكا

وسمعت أذان العصر فقلت لشيخنا: أكتبها قبل إقامة الصلاة أو إذا صلينا؟ قال: اكتبها ولوأن الإمام على المنبر، وأنشدنا حينئذ لنفسه:

أبصرت في المأتم مقدودةً

 

تقضى ذماماً بتكاليفـهـا

تشير باللطم إلـى وجـنةٍ

 

ضرجها مبدع تأليفـهـا

إذا تبدى الصبح من وجهها

 

جمشة ليل تطاريفـهـا

وحدث أبو غالب بن بشران النحوي. قال: أنشدني أبو القاسم على بن طلحة بن كردان النحوي قال: أنشدني أبو طاهر سيدوك لنفسه وكان يعرض على شعره، وقد ابتكر معنى غريباً وإن كان اللفظ قريباً:

إن دائي الغداة أبرح داء

 

وطبيبي سريرة ماتبوح

يحسبوني إذا تكلمت حياً

 

ربما طار طائر مذبوح

قال ابن كردان وأنشدني سيدوك أيضاً لنفسه:

أستودع الله من بانوا فلا نظـري

 

مني ولاأذنى عندي ولابـصـري

عهدي بنا ورداء الوصل يشملـنـا

 

والليل أطوله كاللمح بالبـصـر

والآن ليلى مذ غابـوا فـديتـهـم

 

ليل الضرير وصبحي غير منتظر