باب العين - علي عبد الله بن أحمد النيسابوري

علي عبد الله بن أحمد النيسابوري

المعروف بابن أبي الطيب، مولده بنيسابور، وموطنه قصبة سابزوار، وكان له معرفة تامة بالقران وبتفسيره، مات في ثامن شوالٍ سنة ثمان وخمسين وأربعمائةٍ، ودفن في مقبرة سابزوار، وقد عمل أبو القاسم علي بن محمد أبن الحسين بن عمروٍ من دهاقين وميمولان مدرسةً باسمه في محلة اسفريس في رمضان سنة عشرٍ وأربعمائةٍ، وأثرها إلى الآن باقٍ، وكان له تلاميذ كثيرة منهم أبو القاسم علي بن محمد بن الحسن بن عمروٍ وغيره، وله عدة تصانيف في تفسير القران المجيد منها: كتاب التفسير الكبير في ثلاثين مجلداً، وكتاب التفسير الأوسط أحد عشر مجلداً، وكتاب التفسير الصغير ثلاث مجلداتٍ. وكان يملي ذلك من حفظه، ولما مات رحمه الله لم يوجد في خزانة كتبه إلا أربع مجلداتٍ، أحدها فقهي، وآخر أدبي، ومجلدان في التاريخ، ودفن في مقبرة سابزوار، وعنده دعوة مستجابة مجربة، وحمل في سنة أربع عشرة وأربعمائةٍ إلى السلطان محمود بن سبكتكين، فلما دخل عليه جلس بغير إذنٍ وشرع في رواية خبرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير أمرٍ من السلطان، فقال السلطان لغلامٍ: يا غلام ده رأسه، فلكمه على رأسه لكمةً كانت سبباً إلى قلة سمعه وطرشه، ثم عرف السلطان منزلته من الدين والعلم والنزاهة والورع فاعتذر إليه وأمر له بمالٍ فلم يقبله وقال: لاحاجة لى في المال، فإن استطعت أن ترد على ماأخذته مني قبلته وهو سمعي، فقال له السلطان: أيها الرجل، إن للملك صولةً وهو مفتقر إلى السياسة، ورأيتك قد تعديت الواجب فجرى مني ماجرى، والآن فأحب أن تجعلني في حلٍ. فقال: الله بيني وبينك بالمرصاد، ثم قال له: إنما أحضرتني لسماع الواعظ وأخبار الرسول والخشوع، لالإقامة قوانين الملك واستعمال السياسة، فإن ذلك يتعلق بالملوك وأمثالهم لابالعلماء، فخجل السلطان وجبذ برأسه إليه وعانقه. ومن كلامه في خطبة التفسير: الزمان زمان سفهاء السفل، والقران قران انقلاب النحل والفضل في أبنائه فضول، وطلوع التمييز فيهم أفول، والدين دين، والدنيا عين، وإن تحلى أحدهم بالعلوم، وادعى أنه في الخصوص من العموم، فغايته أن يقرأ القران وهو غافل عن معانيه، ويتحلى بالفضل وهو لايدانيه، ويجمع الأحاديث والأخبار، وهو فيها مثل الحمار يحمل الأسفار. وله ديوان شعرٍ ومن شعره في دمية القصر:

فلك الأفاضل أرض نيسابـور

 

مرسى الأنام وليس مرسى بور

دعيت أبرشهر البـلاد لأنـهـا

 

قطب وسائرها رسوم السـور

هي قبة الإسلام نائرة الصـوى

 

فكأنها الأقمار في الـديجـور

من تلق منهم تلقه بـمـهـابةٍ

 

زفت عليه بفضله المـوفـور

لهم الأوامر والنواهي كلـهـا

 

ومدى سواههم رتبة المأمـور

نقلت جميع ذلك من تاريخ بيهق لأبي الحسن بن أبي القاسم البيهقي مصنف كتاب وشاح الدمية.