باب العين - علي بن عبد الله بن محمد

علي بن عبد الله بن محمد

ابن عبد الباقي بن أبي جرادة العقيلي أبو الحسن الأنطاكي من أهل حلب يسكن باب أنطاكية، غزير الفضل، وافر العقل، دمث الأخلاق، حسن العشرة، له معرفة بالأدب واللغة والحساب والنجوم، ويكتب خطاً حسناً، وله أصول حسنة، ورد بغداد سنة سبع عشرة وخمسمائةٍ وسمع بها وغيرها، وسمع بحلب أبا الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن أبي عيسى الحلبي، وأبا الفتيان محمد بن سلطان بن حبوسٍ الغنوى.

قال ابن السمعاني: قرأت عليه بحلب وخرجت يوماً من عنده فراني بعض الصالحين فقال لي: أين كنت؟ قلت عند أبي الحسن بن أبي جرادة، قرأت عليه شيئاً من الحديث فأنكر علي وقال: ذاك يقرأ عليه الحديث؟ قلت: ولم؟ هل هو إلا متشيع يرى رأي الحلبيين؟ فقال لي: ليته اقتصر على هذا، بل يقول بالنجوم ويروى رأي الأوائل، وسمعت بعض الحلبيين يتهمه بذلك. وسألته عن مولده فقال: في محرمٍ سنة إحدى وستين وأربعمائةٍ بحلب، وأنشدني لنفسه:

يا ظباء البـان قـولاً بـينـاً

 

من لنا منكم بظبيٍ ملـنـا؟

يشبه البدر بـعـاداً وسـنـا

 

من نفى عن مقلتي الوسنا؟

فتكت ألحاظه في مهجـتـى

 

فتك بيض الهند أو سمر القنا

يصرع الأبطال في نجـدتـه

 

إن رمي عن قوسه أو إن رنا

دان أهل الدل والحسـن لـه

 

مثل ما دأنت لمولانا الـدنـا

قال: ومات سنة نيفٍ وأربعين وخمسمائة. قلت: وكان لأبي الحسن هذا ابن فاضل أديب شاعر اسمه الحسن؟ وكنيته أبو عليٍ، سافر إلى مصر في أيام ابن رزيك ومدحه وحظى عنده، ثم مات بمصر سنة احدى وخمسين وخمسمائةٍ وهو القائل:

يا صاحبي أطيلا في مؤانـسـتـي

 

وذكـرانـي بـخـلانٍ وعـشـاق

وحدثاني حـديث الـخـيف إن بـه

 

روحاً لقلبي وتسهـيلاً لأخـلاقـي

ما ضر ريح الصبا لو ناسمت حرقي

 

واستنقذت مهجتي من أسر أشواقي

داء تقادم عندي، مـن يعـالـجـه؟

 

ونفثه بلغت منى، مـن الـراقـي؟

يفنى الزمان وآمـالـي مـصـرمة

 

ممن أحب على مـطـلٍ وإمـلاق

واضيعه العمر لا الماضي أنتفعت به

 

ولاحصلت على أمرٍ من البـاقـي