باب العين - باب العين - علي بن عبيدة الريحاني

علي بن عبيدة الريحاني

أحد البلغاء الفصحاء، من الناس من يفضله على الجاحظ، في البلاغة وحسن التصنيف مات - أخلي مكانه - وكان له اختصاص بالمأمون ويسلك في تأليفاته وتصنيفاته طريقة الحكمة، وكان يرمى بالزندقة، وله مع المأمون أخبار منها: أنه كان بحضرة المأمون فجمش غلاما فرآهما المأمون فأحب أن يعلم هل علم علي أم لا؟ فقال له: أرأيت؟ فأشار علي بيده وفرق أصابعه أي خمسة وتصحيف خمسةٍ جمشة، وغير ذلك من الأخبار المتعلقة بالفطنة والذكاء.

وقال جحظة في أماليه: حدثني أبو حرملة قال: قال علي بن عبيدة الريحاني: حضرني ثلاثة تلاميذ لي فجرى لي كلام حسن فقال أحدهم: حق هذا الكلام أن يكتب بالغوالي على خدود الغواني. وقال الأخر: بل حقه إن يكتب بانامل الحور على النور. وقال الآخر: بل حقه أن يكتب بقلم الشكر في ورق النعم. ومن مستحسن أخباره المطربة أنه قال: أتيت باب الحسن ابن سهلٍ فأقمت ببابه ثلاثة أشهرٍ لا أحظى منه بطائلٍ فكتبت إليه:

مدحت ابن سهل ذا الأيادي وماله

 

بذاك يد عندي ولا قـدم بـعـد

وما ذنبه والنـاس إلا أقـلـهـم

 

عيال له إن كان لم يك لي جـد

سأحمده للناس حـتـى إذا بـدا

 

له في رأي عاد لي ذلك الحمد

فبعث إلى: - باب السلطان يحتاج إلى ثلاث خلالٍ: مالٍ وعقلٍ وصبرٍ - فقلت للواسطة: تؤدي عني؟ قلت تقول له: ولو كان لي مالي لأغناني عن الطلب منك، أو صبر لصبرت على الذل ببابك، أو عقل لاستدللت به على النزاهة عن رفدك، فأمر لي بثلاثين ألف درهمٍ. قرأت بخط أبي الفضل العباس بن علي بن بردٍ الخباز: أخبرني أبو الفضل أحمد بن طاهرٍ قال: كنت في مجلس بعض أصدقائي يوماً وكان معي علي بن عبيدة الريحاني في المجلس، وفي المجلس جارية كان علي يحبها فجاء وقت الظهر فقمنا إلى الصلاه وعلي والجارية في الحديث فأطال حتى كادت الصلاه تفوت، فقلت له يا أبا الحسن: قم إلى الصلاه فأومأ بيده إلى الجارية وقال: حتى تغرب الشمس، أي حتى تقوم الجارية. قال: فجعلت أتعجب من حسن جوابه وسرعته وكنايته. وله من الكتب: كتاب المصون، كتاب التدرج، كتاب رائد الرد، كتاب المخاطب، كتاب الطارف، كتاب الهاشمي، كتاب الناشئ، كتاب الموشح، كتاب الجد، كتاب شمل الألفة، كتاب الزمام، كتاب المتحلي، كتاب الصبر، كتاب سباريها، كتاب مهرزاد خشيش، كتاب صفة الدنيا، كتاب روشنائدل، كتاب سفر الجنة، كتاب الأنواع، كتاب الوشيج، كتاب العقل والجمال، كتاب أديب جوانشير، كتاب شرح الهوى، كتاب الطارس، كتاب المسجى، كتاب أخلاق هارون، كتاب الأسنان، كتاب الخطب، كتاب الناجم، كتاب صفة الفرس، كتاب النبيه، كتاب المشاكل، كتاب فضائل إسحاق، كتاب صفة الموت، كتاب السمع والبصر، كتاب اليأس والرجاء، كتاب صفة العلماء، كتاب أنيس الملك، كتاب المؤمل والمهيب، كتاب ورودٍ وودودٍ الملكتين، كتاب النملة والبعوضة، كتاب المعاقبات، كتاب مدح النديم، كتاب الجمل، كتاب خطب المنابر، كتاب النكاح، كتاب الإيقاع، كتاب الأوصاف، كتاب امتحان الدهر، كتاب الأجواد، كتاب المجالسات، كتاب المنادمات.

قال: سأل المأمون يحيى بن أكثم وثمامة بن أشرس وعلي بن عبيدة الريحاني عن العشق ما هو؟ فقال علي بن عبيدة الريحاني عن العشق ما هو؟ فقال علي بن عبيدة: العشق ارتياح في الخلقة، وفكرة تجول في الروح، وسرور منشؤه الخواطر، له مستقر غامض، ومحل لطيف المسالك، يتصل بأجزاء القوى، ينساب في الحركات. وقال يحيى: العشق سوانح تسنح للمرء فيهتم لها ويؤثرها. قال ثمامة: يا يحيى، إنما عليك أن تجيب في مسألةٍ في الطلاق أو عن محرم يصطاد ظبياً، وأما هذه فمسألتنا. قال له المأمون: فما العشق يا ثمامة؟ فقال: إذا تقادمت جواهر النفوس بوصف الشكالة أحدثت لمع برقٍ ساطعٍ تستضيء به نواظر العقول، وتشرق له طبائع الحياه فيتولد من ذلك البرق نور خاص بالنفس متصل بجوهريتها يسمى عشقاً. قال المأمون: يا ثمامة أحسنت، وأمر له بآلاف دينارٍ.