باب العين - علي بن عبيد الله السمسمي

علي بن عبيد الله السمسمي

أبو الحسن اللغوي النحوي. كان جيد المعرفة بفنون علم العربية، صحيح الخط غايةً في إتقان الضبط، قرأ على أبي عليٍ الفارسي وأبي سعيدٍ السيرافي. وكان ثقةً في روايته، مات في المحرم سنة خمس عشرة وأربعمائةٍ في خلافة القادر بالله. حدث ابن نصرٍ قال: حدثني الشيخ أبو القاسم بن برهان النحوي قال: قال لنا أبو الحسن السمسمي - وقد سأله رجل مسألةً من مسائل النوكي - وحضر مجلس أبي عبيدة رجل فقال: - رحمك الله - أبا عبيدة ما العنجيد؟ قال: - رحمك الله - ما أعرف هذا، قال: سبحان الله أين يذهب عن قول الأعشى؟:

يوم تبدى لنا قتيله عن جي

 

دٍ تليعٍ يزينه الأطـواق

فقال: - عافاك الله - عن حرف جاء لمعنىً. والجيد: العنق. ثم قام آخر في المجلس فقال: أبا عبيدة - رحمك الله - ما الأودع؟ قال: - عافاك الله - ما أعرفه. قال: سبحان الله أين أنت عن قول العرب زاحم بعودٍ أودع؟ فقال: ويحك، هاتان كلمتان. والمعنى أو اترك أو ذر، ثم استغفر الله وجعل يدرس فقام رجل فقال: - رحمك الله - أخبرني عن كوفا، أمن المهاجرين أم من الأنصار؟ قال: قد رويت أنساب الجميع وأسماؤهم ولست أعرف فيهم كوفا. قال: فأين أنت عن قوله تعالى؟: (والهدى معكوفاً). قال: فأخذ أبو عبيدة نعليه واشتد ساعياً في مسجد البصرة يصيح بأعلى صوته: من أين حشرت البهائم على اليوم؟. ورأيت جماعةً من أهل العلم يزعمون أن النسبة إلى السمسمي والسمسماني واحد يقال هذا ويقال هذا. وكان أبو الحسن هذا مليح الخط صحيح الضبط حجةً فيما يكتبه، ومن هذا البيت جماعة كتاب مجيدون نذكر منهم في مواضعهم من يقع إلينا حسب الطاقة.

وحدث غرس النعمة بن الصابئ في كتاب الهفوات قال: كان أبو الحسن السمسماني متطيراً فخرج يوم عيدٍ من داره فلقيه بعض الناس فقال له مهنئاً: عرف الله سيدنا الشيخ بركة هذا اليوم فقال: وإياك يا سيدي، وعاد فأغلق بابه ولم يخرج يومه. وجدت في بعض الكتب هذه الأبيات المنسوبة إلى أبي الحسن السمسمي:

دع مقلتي تبكي علـيك بـأربـع

 

إن البكاء شفاء قلب الـمـوجـع

ودع الدموع تكف جفني في الهوى

 

من غاب عنه حبيبه لم يهـجـع

ولقد بكيت عليك حتـى رق لـي

 

من كان فيك يلومني وبكى معي

ووجدت بخط أبي الحسن السمسماني على ظهر كتاب المزني صاحب الشافعي رحمهما الله أنه كان كثيراً ما يتمثل:

يصون الفتى أثوابه حذر الـبـلـى

 

ونفسك أحرى يا فتى لو تصونـهـا

فمن ذاك الذي يرعاك بالغيب أو يرى

 

لنفسك إكراماً وأنت تـهـينـهـا؟

قرأت بخط الشيخ أبي محمد بن الخشاب النحوي، أنشدنا أبو بكر الخطيب، أنشدنا علي بن عبيد الله السمسمي النحوي:

أترى الجـيرة الـذين تـنـادوا

 

بكرةً للنزال قـبـل الـزوال؟

علموا أنني مـقـيم وقـلـبـي

 

معهم راحل أمام الـجـمـال

مثل صاع العزيز في أرحل القو

 

م ولا يعلمون ما في الرحـال