باب العين - علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الأسدي

علي بن محمد بن عبيد بن الزبير الأسدي

المعروف بابن الكوفي صاحب ثعلبٍ والخصيص به. وهو من أسد قريشٍ، وهو أسد بن عبد العزي بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب رهط الزبير ابن العوام، وهوصاحب الخط المعروف بالصحة المشهور باتقان الضبط وحسن الشكل، فإذا قيل: نقلت من خط ابن الكوفي فقد بالغ في الاحتياط، وكان من أجل أصحاب ثعلبٍ. مات في ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائةٍ، ومولده سنة أربعٍ وخمسين ومائتين، وكان ثقةً صادقاً في الرواية وحسن الدراية، وله من الكتب: كتاب الهمز رأيته أنا بخطه، كتاب معاني الشعر واختلاف العلماء فيه، كتاب الفرائد والقلائد في اللغة. قال مؤلف الكتاب: ورأيت بخطه عدة كتبٍ فلم أر أحسن ضبطاً وإتقاناً للكتابة منه، فإنه يجعل الإعراب على الحرف بمقدار الحرف احتياطاً، ويكتب على الكلمة المشكوك فيها عدة مرارٍ: صح صح صح، فكان من جماعي الكتب وأرباب الهوى فيها. وذكره أبو الحسن محمد بن جعفرٍ التميمي المعروف بابن النجار في كتاب الكوفة من تصنيفه قال: ومن أصحاب ثعلبٍ أبو الحسن أحمد بن محمدٍ الكوفي الأسدي الذي خطه اليوم يؤتدم به، وبيع جزازات كتبه ورقاع سؤالاته العلماء، كل رقعةٍ بدرهمٍ، وأنفق على العلم ثلاثين ألف درهمٍ على ثعلبٍ وحده، هكذا قال أحمد بن محمدٍ وأظنه سهواً منه، فإن ابن الكوفي المشهور بجودة الضبط اسمه بخطه على عدةٍ من كتبه، وهو علي ابن محمد بن عبيدٍ الكوفي الأسدي كما قدمنا، فإن صحت رواية ابن النجار فهو غير الذي نعرفه نحن، فإني لم أر لهذا المسمى ذكراً مع كثرة بحثي وتنقيري، ووجدت جزازةً من إملاء أبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي اللغوي - وله في هذا الكتاب ترجمة - ما صورته: ولأبي الهيذام إلى أبي الحسن بن الكوفي النحوي البغدادي رحمه الله:

أبا حسن أراك تمد حبـلـي

 

لتقطعه وأرسله بجـهـدي

وأتبعه إذا قصر احـتـياطـاً

 

وأنت تشد حبـلـك أي شـد

أخي فكم يكون بقاء حـبـلٍ

 

يتلتـل بـين إرسـالٍ ومـد

تعالى الله ما أجفى زمـانـاً

 

بقيت له وأنكد فـيه جـدى

أظن الدهر يقصدنـي لأمـرٍ

 

يحاوله ويطلبنـي بـحـقـدٍ

إذا ذهبت بشكلي عـن ودادي

 

مذاهبه فكيف ألوم ضـدي؟

سأصبر طائعاً وأغض طرفي

 

وأحفظ عهد مطرحٍ لعهدي

وأقصد أن أحصل لي صديقاً

 

أعز به على خطئي وعمدي

فإن أظفر بذاك فأي كـنـزٍ

 

ونيل غنيمةٍ وثقـوب زنـد

وإلا كان حسن الصبر أحرى

 

بحسن مثوبةٍ وبنـاء مـجـد

ألا لله ما أصـبـحـت فـيه

 

من الخلطاء من تعبٍ وكـد

لقاء بالجميل وحسن بـشـرٍ

 

وإنصاف يشاب بخلف وعـد

وعلم لا يقاس إلـيه عـلـم

 

بكل طريقةٍ وبـكـل حـد

وإغفال لما أولى وأحـجـى

 

تفقده بـذي أدبٍ وحـشـد

فياللـه يا لـلـنـاس يا لـل

 

عجائب بين تقـربةٍ وبـعـد

ومن الأخلاق إذ مزجت فصارت

 

علاقمها مـجـدحةً بـشـهـد

أراني بين منزلـتـين مـا لـي

 

سوى أحداهما ثـقة لـقـصـد

فإن أرد الأنـيس أعـش ذلـيلاً

 

وإن أرد التعزز أبـق وحـدي