باب العين - علي بن محمد الشمشاطي

علي بن محمد الشمشاطي

العدوي أبو الحسن وشمشاط من بلاد إرمينية من الثغور. وكان معلم أبي تغلب بن ناصر الدولة بن حمدإن وأخيه ثم نادمهما، وهو شاعر مجيد ومصنف مفيد، كثير الحفظ، واسع الرواية، وفيه تزيد.

قال محمد بن اسحاق النديم: إنني كنت أعرفه قديماً، وبلغني أنه قد ترك كثيراً من أخلاقه عند علو سنه. قال: وهو يحيا في عصرما في سنة سبعٍ وسبعين وثلاثمائةٍ.

قال المؤلف: وهو الذي روى الخبر الذي جرى بين الزجاج وثعلبٍ في حق سيبويه واستدراكه على ثعلبٍ في الفصيح عدة مواضع، وقد ذكر ذلك في ترجمة الزجاج رحمه الله تعالى، وكان رافضياً دجالاً يأتي في كتبه بالأعاجيب من أحاديثهم. ولأبي القاسم الرقي المنجم فيه يهجوه:

حف خديك دل يا شمشاطي

 

أنه دائمـاً لـغـير لـواط

وإنبساط الغلام يعلمنـي إن

 

ك تحت الغلام فوق البساط

وشروطٍ صبرت كرهاً عليها

 

لالها بل للذة الـمـشـراط

قال محمد بن اسحاق: له كتاب النزه والابتهاج وهو مجموع يتضمن غرائب الأخبار ومحاسن الأشعار كالأمالي، كتاب الأنوار محبوب يجري مجرى الملح والتشبيهات والأوصاف عمله قديماً ثم زاد فيه بعد ذلك، كتاب الديارات كبير، كتاب المثلث الصحيح، كتاب أخبار أبي تمام والمختار من شعره، كتاب القلم جيد، كتاب تفضيل أبي نواسٍ على أبي تمامٍ.

وحدث الشمشاطي في كتابه كتاب النزه والابتهاج قال: كنا ليلةً عند أبي تغلب بن حمدان وعنده جماعة بعضهم يلعب النرد فطال الجلوس حتى مضى من الليل هزيع والسماء تهطل، فقال أبو البركات لفتح بن نظيفٍ: يا فتح، كم قد مضي من الليل؟ فقلت له: هذا نصف بيت شعرٍ. فقال: لبعض من في حضرته: أتمه، فقال: هذه قافية صعبة لا تطرد إلا أن نجعل بدل الياء واوً فعملت في الوقت، واستغلقت القافية حتى لا يزاد عليها بيت واحد إلا أن تكرر القافية بلفظٍ مؤتلفٍ ومعنىً مختلفٍ، مثل الغيل: اللبن يرضع من المرأة وهي حامل، قد أتينا بهذه اللفظة ومثلها لفظاً ولم نأت به معنىً، وكالغيل: الساعد الريان. والغيل: ما جرى على وجه الأرض. والغيل: الشحم الملتف ومثل القيل نصف النهار وقد أتينا به. والقيل: الملك ونحو ذلك فقلت:

يا فتح كم قد مضى من الليل؟

 

قل وتجنب مقال ذي الـمـيل

فعارض النوم مسبل خـمـراً

 

وعارض المزن مسبل الـذيل

والليل في البدر كالنـهـار إذا

 

أضحى وهذا السحاب كاللـيل

يسكب دمعاً على الثرى فتر ال

 

ماء بكل الدروب كالـسـيل

والنرد تلهى عن المنـام إذا ال

 

فصوص جالت كجولة الخيل

إذا لذيذ الكرى تـدافـع عـن

 

وقت رقادٍ أضر بـالـحـيل

إن أمير الهيجاء في مأزق ال

 

حرب الهمام الجواد والقـيل

من حزبه السعد طالع لـهـم

 

وحربه موقـنـون بـالـويل

نجيب أمٍ لم تـغـذه سـيء ال

 

قسم ولا أرضعته مـن غـيل

يحمل أعباء كل مـعـضـلة

 

تجل إن تستقـل بـالـشـيل

أمواله والطـعـام قـد بـذلا

 

لآمليه بـالـوزن والـكـيل

جاوز عمراً بأساً وقصر عـن

 

جود يديه السيحان والـسـيل

لا زال في نعـمةٍ مـجـددةٍ

 

يشرب صفو الغبوق والقـيل

وحدث الشمشاطي في كتابه هذا أيضاً قال: أخذت من بين يدي أبي عدنان محمد بن نصر بن حمدان رمانة فكسرتها ودفعت منها إلى من حضر من الشعراء والأدباء وقلت:

يا حسن رمانةٍ تقاسمـهـا

 

كل أديبٍ بالظرف منعوت

كأنها قبل كسرهـا كـرة

 

وبعد كسرٍ حبات ياقـوت