باب العين - علي بن محمد بن علي بن أحمد بن مروان

علي بن محمد بن علي بن أحمد بن مروان

العمراني الخوارزمي أبو الحسن الأديب، يلقب حجة الأفاضل وفخر المشايخ، مات فيما يقارب سنة ستين وخمسمائة. ذكره أبو محمد بن أرسلان في تاريخ خوارزم من خطه فقال: العمراني حجة الأفاضل سيد الأدباء، قدوة مشايخ الفضلاء، المحيط بأسرار الأدب، والمطلع على غوامض كلام العرب، قرأ الأدب على فخر خوارزم محمود بن عمر الزمخشري فصار أكبر أصحابه، وأوفرهم حظاً من غرائب آدابه، لا يشق غباره في حسن الحظ واللفظ، ولا يسمح عذاره في كثرة السماع والحفظ، سمع الحديث من فخر خوارزم والإمام عمر الترجماني ولد الإمام أبي الحسن علي بن أحمد المخي، والإمام الحسن بن سليمان الخجندي، والقاضي عبد الواحد الباقرجي وغيرهم، وكان ولوعاً بالسماع كتوباً، وجعل في آخر عمره أيامه مقصورة وأوقاته موقوفة على نشر العلم وإفادته لطالبيه، وإفاضته على الراغبين فيه. فحول العلماء يرجعون إليه ويقرؤون عليه، ويفزعون في حل المشكلات وشرح المعضلات إليه، وهو مع العلم الغزير والفضل الكثير علم في الدين والصلاح المتين، وإنه في الزهادة والسداد وحسن الاعتقاد أطهر أقرانه ذيلاً من العيوب، وأنقاهم جيباً عن اقتراف الذنوب، وكان يذهب مذهب الرأي والعدل، وله شعر حسن، فمن قوله في صباه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين يعارض قصيدة كعب ابن زهير:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبـول

 

أضاء برق وسجف الليل مسدول

 كما يهز اليماني وهو مصقـول

 

فهاج وجدي بسعدي وهي نـائية

 عني وقلبي بالأشواق متـبـول

 

لم يبق لي مذ تولى الظعن باكرة

 صبر، ولم يبق لي قلب ومعقول

 

مهما تذكرتها فاض الجمان على

 

خدي حتى نجاد السيف مبلـول

ما أنس لا أنس إذ تجلو عوارضها

 

والجفن بالإثمد الهندي مكحـول

ظمأى الموشح ريان مخلخلـهـا

 

عيل مؤزرها والمتن مـجـدول

كأنما هي إذ ترخـى ذوائبـهـا

 

بدر عليها رواق الليل مسـدول

كأنما ثغرها در إذا ابتـسـمـت

 

وريقها سحراً بالراح معـلـول

يا حبذا زمن فيه نـسـر بـهـا

 

والشعب ملتئم والحبل موصـول

       

ومنها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:

هدى إلى دين إبـراهـيم أمـتـه

 

وكلهم بعقال الشرك مـعـقـول

وكل أصحابه أهوى وأمنـحـهـم

 

ودي، ومبغضهم في الدين مدخول

وصاحب المصطفى في الغار يتبعه

 

وهو الذي ماله في الله مـبـذول

وتلوه عمر الفـاروق أزهـر، إن

 

رآه إبليس ولى وهـو مـخـذول

وأفتدي بابن عفـان الـذي فـريت

 

أوداجه وهو بالقرآن مـشـغـول

وبالوصي ابن عم المصطفى فلـه

 

مناقب جمة في شرحهـا طـول

وإن أقضاهم قد كان أفضـلـهـم

 

فانظر فذا عن رسول الله منقـول

محبتي لهم دينـي ومـعـتـقـدي

 

فإن أزغ عنهم غالتنـي الـغـول

ولهذا الإمام أشعار من هذا النمط ترك الكاغد أبيض حير من تسويده بها، وله تصانيف حسان منها: كتاب المواضع والبلدان، كتاب في تفسير القرآن، كتاب اشتقاق الأسماء.

ومن شعره الذي أورده لنفسه في كتاب البلدان:

رأيتك تدعي علـم الـعـروض

 

كأنك لست منها في عـروض

فكم تزري بشعر مـسـتـقـيم

 

صحيح في موازين العـروض

كأنك لم تحط مذ كنت عـلـمـاً

 

بمخبون الضروب ولا العروض