باب العين - علي بن مهدي بن علي بن مهدي الكسروي

علي بن مهدي بن علي بن مهدي الكسروي

أبو الحسن الأصفهاني، معلم ولد أبي الحسن علي بن يحيى بن المنجم وأحد الرواة العلماء النحويين الشعراء، مات في أيام بدر المعتضدي على أصبهان. قال حمزة: علي بن مهدي الكسروي وهو ابن أخت علي بن عاصم بن الحريس، وكان متصلاً ببدر المعتضدي، وفي أيامه مات يعني أيامه على أصبهان، وكان قد ولى أصبهان. سنة ثلاث وثمانين ومائتين أيام المعتضد إلى أن ولي ابنه المكتفي سنة تسع وثمانين ومائتين، قال ابن أبي طاهر: وكان الكسروي أديباً ظريفاً حافظاً راوية شاعراً عالماً بكتاب العين خاصة، وكان يؤدب هارون بن علي بن يحيى النديم، واتصل بأبي النجم المعتضدي مولى المعتضد وتوفي في خلافته، وذكره المرزباني فقال: حدثني علي بن هارون عن أبيه وعمه قالا: كان أبو الحسن علي بن يحيى ابن المنجم جالساً يوماً وبحضرته من لا يخلو مجلسه منه من الشعراء كأحمد بن أبي طاهر، وأحمد بن أبي فنن وأبي علي البصير، وأبي هفان المهومي والهدادي، وهو ابن عمه أي أبي هفان، وابن العلاف، وأبي الطريف، وأحمد بن أبي كامل خال ولد أبي الحسن، وعلي بن مهدي الكسروي وكان معلم ولده، فأنشد الجماعة بيتاً ذكر أنه مر به مفرداً فاستحسنه وأحب أن يضاف إليه بيت آخر يصل معناه ويزيد في الإمتاع به وهو:

ليهنك أني لم أجد لك عائبـاً

 

سوى حاسد والحاسدون كثير

فبدره علي بن مهدي من بين الجماعة وقال:

وإنك مثل الغيث أما وقوعه

 

فخصب وأما ماؤه فطهور

فاستحسنه أبو الحسن وضمه إلى البيت الأول، وكان أبو العبيس بن حمدون حاضراً فقال له: الصنعة فيهما عليك، فطلب عوداً وانفرد فصنع فيه رمله المشهور. وحدث عن الصولي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي الأصبهاني:

وما نازح يالصين أدنـى مـحـلـه

 

يقصر عنـه كـل مـاش وطـائر

محا اليأس منه كل ذكر فلم تـكـد

 

تصوره للقلب أيدي الـخـواطـر

بأبعد عندي مـن أنـاس وإن دنـوا

 

وما البعد إلا مثل طول التهـاجـر

ويشغل عني القصف والراح بعضهم

 

مباكرها أو ممسـياً كـمـبـاكـر

إذا طار بين العود والنـاي طـيرة

 

فليس لإخوان الصـفـا بـذاكـر

قال: فأجابه علي بن مهدي:

أيا سيدي عفواً وحـسـن إقـالة

 

فلم يحو أقطار العلا مثل غافر

لعمري لو أن الصين أدنى محلتي

 

لما كنت إلا غائباً مثل حاضـر

ثنائي لكم عمري ومحض مودتي

 

تؤثر آثار الغيوث الـبـواكـر

 

فوالله ما استبهجت بعدك مجلـسـاً

 

ولا بقيت لذاته فـي ضـمـائري

ولست كمن ينسيه أهـل صـفـائه

 

سماع الحسان واصطحاب المزاهر

وكيف تناسـى سـيد لـي ثـنـاؤه

 

منوط بأحشائي وسمعي وناظـري

وحدث عن عبد الله بن يحيى العسكري عن أحمد بن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي الكسروي:

يا باخلاً بكـتـابـه ورسـولـه

 

أأردت تجعل في الفراق فراقاً؟

إن العهود تموت إن لم تحـيهـا

 

والنأي يحدث للفتـى إخـلاقـاً

قال: فكتب إليه علي بن مهدي:

لا والذي أنت أسنى من أمـجـده

 

عندي وأوفاهم عهداً ومـيثـاقـاً

ما حلت عن خير ما قد كنت تعهده

 

ولا تبدلت بعد النـأي أخـلاقـاً

وحدث عن علي عن عبد الله بن المعتز قال: كتب إلى علي بن مهدي الكسروي في يوم مهرجان:

نعمت بما تهوى ونلت الذي ترضى

 

ولقيت ما ترضى ووقيت ما تخشى

ولست بما ألقى من الخـير كـلـه

 

أسر، وأحظى سيدي بالذي تلقـى

ويعلم علام الـخـفـيات أنـنـي

 

أعدك ذخراً للممات وللـمـحـيا

وأني لو أهدي على قـدر نـيتـي

 

لكان الذي أهديه حظي من الدنـيا

وحدث عن العسكري عن ابن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي:

أبا حسن أنت ابن مهدي فارس

 

فرفقاً بنا لست ابن مهدي هاشم

وأنت أخ في يوم لهـو ولـذة

 

ولست أخاً عند الأمور الأعاظم

فأجابه علي:

أيا سيدي إن ابن نهـدي فـارس

 

فداء ومن يهوى لمهدي هـاشـم

بلوت أخاً في كل أمر تـحـبـه

 

ولم تبله عند الأمور الأعـاظـم

وإنك لو نـبـهـتـه لـمـلـمة

 

لأنساك صولات الأسود الضراغم

قال: وقال محمد بن داود: ان علي بن مهدي يؤدب وهو أحد الرواة للأخبار وهو القائل:

ولما أبى أن يستقيم وصـلـتـه

 

على حالتيه مكرهاً غير طائع

حذاراً علـيه أن يمـيل بـوده

 

فأبلى بقلب. لست عنه بنـازع

فأصبح كالظمآن يهريق مـاءه

 

لضوء سراب في المهامه لامع

فلا الماء أبقى للحياة ولا أتـى

 

على منهل يجدي عليه بنافـع

وله:

ومودع يوم الفراق بلحظـه

 

شرق من العبرات ما يتكلم

متقلب نحو الحبيب بطرفـه

 

لا يستطيع إشارة فيسـلـم

نطق الضمير بما أرادا عنهما

 

وكلاهما مما يعاين مفحـم

وقال علي بن مهدي يصف العود:

تجري أصابعها عـلـى

 

ذي منطق أعمى بصير

خرس أصم ونحن مـن

 

نجواه في دهر قصـير

فدم صمـوت لـيس يع

 

رف ما القبيل من الدبير

ميت ولـكـن الأكـف

 

ف تذيقه طعم النشـور

وكأنه في حـجـرهـا

 

طفل تمهد حجر ظـير

يومي إليه بـنـانـهـا

 

فتريك ترجمة الضمير

فيرى النفوس معلـقـا

 

ت منه فـي بـم وزير

فإذا لــوت آذانـــه

 

جاز الأنين إلى الزفـير

قالت له: قل مطـربـاً

 

وعظتك واعظة القتـير

فأجابها من حـجـرهـا

 

وعلتك أبهة الـكـبـير

وله من الكتب: كتاب الخصال وهو مجموع يشتمل على أخبار وحكم وأمثال وأشعار، كتاب مناقضات من زعم أنه لا ينبغي أن يقتدي القضاة في مطامعهم بالأئمة الخلفاء، وقد عزي هذا الكتاب إلى الكسروي الكاتب، كتاب الأعياد والنوازير، كتاب مراسلات الإخوان ومحاورات الخلان وقال الكسروي في ضرطة وهب بن سليمان:

إن وهب بن سلـيمـا

 

ن بن وهب بن سعيد

حمل الضرط إلى الر

 

رى على ظهر البريد

في مهمـات أمـور

 

منه بالركض الشديد

إسته ينطق يوم الحف

 

ل بالأمر الـرشـيد

لم يجد في القول فاحتا

 

ج إلى دبر مـجـيد

ومن كتاب أصبهان: قال هارون بن علي بن يحيى: اجتمعنا مع أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر عند علي بن مهدي، فلما أردنا الانصراف أنشأ أبو الفضل يقول:

لولا علي بن مهدي وخلـتـه

 

لما اهتدينا إلى ظرف ولا أدب

إذا سقي مترع الكاسات أوهمنا

 

بأن غلماننا خير من العـرب