باب العين - عمر بن أبي محمد بن يوسف بن يعقوب

عمر بن أبي محمد بن يوسف بن يعقوب

ابن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم بن القاضي. حدث أبو القاسم التنوخي قال: حدثني أبو الحسين بن عياش القاضي قال: لما قلد المقتدر أبا الحسين بن أبي عمر القاضي المدينة رياسةً في حياة أبيه أبي عمر خلع عليه، واجتمع الخلق من الأشراف والقضاة والشهود والجند والتجار وغيرهم على باب الخليفة حتى خرج أبو الحسين وعليه الخلع، فساروا معه قال: وكنت فيهم - للصهر الذي كان بينه وبينهم، ولأنه كان أحد شهودهم - فصار عمي وأنا معه في أخريات الناس والموكب خوفاً من الزحام، ومعنا شيخ أسن أسماه أبو الحسين وأنسيته أنا، فكنا لا نجتاز بموضع إلا سمعنا ثلب الناس لأبي الحسين وتعجبهم من تقلده رياسةً. فقال عمي للشيخ يا أبا فلان: أما ترى كثرة تعجب الناس من تقلد هذا الصبي مع فضله ونفاسته وعلمه وجلالة سلفه؟! فقال: يا أبا محمد، لا تعجب من هذا، فلعهدي وقد ركبت مع أبي عمر يوم خلع عليه بالحضرة وقد اجتزنا بالناس وهم معجبون من تقلده أضعاف هذا العجب حتى خفنا أن يثبوا علينا، وهذا أبو عمر الآن وقدره في الفضل والنبل، ولكن الناس يسرعون إلى العجب مما لم يألفوه. وله من التصانيف: كتاب غريب الحديث كبير لم يتم، كتاب الفرخ بعد الشدة لطيف، وهو فيما أحسب أول من صنف ذلك.

حدث ابن نصر والخطيب عن أبي الطيب بن زنجي المؤدب قال: كان بين أبي أحمد بن ورقاء وبين القاضي أبي عمر وولده أبي الحسين مودة وكيدة، فعن لأبي أحمد سفرة لم يودع فيها القاضيين، فلما عاد من سفرته لم يقصداه ولم يعرفا خبره، فكتب إليهما:

أأستجفي أبا عمر وأشكـو

 

أم أستجفي فتاه أبا الحسين؟

بأي قضية وبـأي حـكـم

 

ألحا في قطيعة واصلـين؟

فما جاءا ولا بعثـا رسـولاً

 

ولا كانا لحـق قـاضـيين

وإن من المروءة أن يكونـا

 

لمن والاهما مـتـوالـيين

فإن نعتب فحقاً غـير أنـا

 

نجل على العتاب القاضيين

وأنفذ الرقعة إلى أبي عمر، فلما وقف عليها ألقاها إلى ولده أبي الحسين وقال: أجبه، فأنت أقوم بجواب هذا الكلام، فكتب إليه:

تجن واظلم فلست منتقـلاً

 

عن خالص الود أيها الظالم

كتبت تشكو قطيعة سلفـت

 

وخلت أني لحبلكم صـارم

تركت حق الوداع منصرفاً

 

وجئت تبغي زيارة القـادم

كأن حقي عليك مـطـرح

 

وحق ما تبتغيه بـي لازم

أمران لم يذهبا على فطـن

 

وأنت بالحكم فيهما عالـم

وبعد ذا فالعتاب مـن ثـقة

 

وصدره من حفيظة سالـم

فلما وقف عليها ركب إليهما وعاد معهما إلى ما كان عليه من المصافاة.