باب العين - عوانة بن الحكم بن عياض بن وزر

عوانة بن الحكم بن عياض بن وزر

ابن عبد الحارث بن أبي حصن بن ثعلبة بن جبير بن عامر بن النعمان. كان عالماً بالأخبار والآثار ثقة، روى عنه الأصمعي والهيثم بن عدي وكثير من أعيان أهل العلم. وقال أبو عبيدة في كتاب المثالب: يقال في الحكم بن عوانة الكلبي: إن أباه كان عبداً خياطاً ادعي بعد ما احتلم، وكانت أمه أمة سوداء لآل أيمن بن خزيم بن فاتك الأسدي، وله إخوة موال، قال في ذلك ذو الرمة:

ألكني فإني مـرسـل بـرسـالة

 

إلى حكم من غير حب ولا قرب

فلو كنت من كلب صميماً هجوتها

 

ولكن لعمري لا إخالك من كلـب

ولكنما أخبرت أنـك مـلـصـق

 

كما ألصقت من غيره ثلمة القعب

تدهدى فخرت ثلمة من صحيحه

 

فلز بأخرى بالغراء وبالشعـب

حدث أحمد بن يحيى قال: أنشدني ذو الرمة شعراً وعوانة ابن الحكم حاضر، فعاب شيئاً منه فقال فيه هذه الأبيات المتقدمة. قال: وقال محمد بن احمد الكاتب: وقال عياض بن وزر في ابنه عوانة:

عجباً عجبت لمعشر لم يرشدوا

 

جعلوا عوانة لي بغيب إبنمـا

إني إلى الرحمن أبرأ صادقـاً

 

ما نكت أمك يا عوانة محرما

أنكرت منك جعودة في حـوة

 

ومشافراً هدلاً وأنفاً أخثـمـا

ما كان لي في آل حام والـد

 

عبد فأصبح في كنانة أكشمـا

واكن يكنى أبا الحكم وكان ضريراً، مات فيما ذكره المرزباني عن الصولي سنة سبع وأربعين ومائة في الشهر الذي مات فيه الأعمش. قال المدائني: مات عوانة سنة ثمان وخمسين ومائة في السنة التي مات فيها المنصور.

حدث الهيثم بن عدي قال: كنت عند عبد الله بن عياش الهمذاني وعنده عوانة بن الحكم فذاكروا أمر النساء فقلت: حدثني ابن الظلمة عن أمه أنها قالت: والله ما أتى النساء مثل أعمى عفيف، فضرب عوانة بيده على فخذي وقال: حفظك الله يا أبا عبد الرحمن، فإنك تحفظ غريب الحديث وحسنه. قال: وكان عوانة ضريراً. قال: قال عبد الله بن جعفر: عوانة بن الحكم من علماء الكوفة بالأخبار خاصة والفتوح مع علم بالشعر والفصاحة، وله إخوة وأخبار ظريفة، وكان موثقاً وعامة أخبار المدائني عنه.

قال: وروى عبد الله بن المعتز عن الحسن بن عليل العنزي أن عوانة بن الحكم كان عثمانياً وكان يضع أخباراً لبني أمية. قال: وحدث أبو العيناء عن الأصمعي قال: أنشد عوانة بيتين فقيل له لمن هما؟ قال: أنا تركت الحديث بغضاً مني للإسناد وليس أراكم تعفوني منه في الشعر.

وحدث هشام بن الكلبي عن عوانة قال: خطبنا عتبة بن النهاس العجلي فقال: ما أحسن شيئاً قال الله عز وجل في كتابه:

ليس حي على المنون بباق

 

غير وجه المسبح الخلاق

فقمت إليه فقلت: أيها الرجل، إن الله عز وجل لم يقل هذا، إنما قاله عدي بن زيد ثم نزل عن المنبر، وأتى بامرأة من الخوارج فقال: يا عدوة الله، ما خروجك على أمير المؤمنين؟ ألم تسمعي قول الله عز وجل:

كتب القتل والقتـال عـلـينـا

 

وعلى المحصنات جر الذيول؟

فحركت رأسها وقالت: يا عدو الله حملني على الخروج جهلكم بكتاب الله عز وجل. وحدث الهيثم بن عدي قال: كنا عند عوانة فورد الخبر بأن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قد قتل بالمدينة، فترحم عليه عوانة وذكر فضله ثم قال: أخطأ الرأي في استهدافه لهم ومقابلته إياهم بالقرب منهم، ولو تباعد عنهم حتى يجتمع أمره، ويرى رأيه لكالت مدته، فقيل له: قد أشير عليه بذلك فلم يقبله، فتمثل عوانة ببقول زهير:

أضاعت فلم تغفر لها غفلاتهـا

 

فلاقت تباباً عند آخر معـهـد

دماً حول شلو تحجل الطير حوله

 

وبضع لحام في إهاب مـقـدد

قال: ثم قال: هل علينا عين؟. قالوا لا فقل ما شئت، فقال: محمد والله من الذين قال الله فيهم: (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله).

وحدث التاريخي عن إسماعيل بن إسحاق عن نصر بن علي عن الأصمعي عن عوانة قال: كان ابن زياد يأكل بعد الشبع أربع جرادق أصبهانية وجبنة ورطلاً عسلاً. وحدث عنه أحمد بن عبيد عن الأصمعي عن عوانة قال: لقي رجلاً أعرابياً فقال: ممن الرجل؟ قال: من قوم إذا نسي الناس علمهم حفظوه عليهم. قال: فأنت إذاً من كلب، قال أجل. وكان لعوانة أخ يقال له عياض نحوي أديب أقام بإفريقية وانتقل إليها من الكوفة، فحدث المرزباني بإسناده قال: كان عوانة بن الحكم يقول لأخ له - يقال عياض - نحوي: لا تعمق في النحو، فإنه لم يتعمق فيه أحد إلا صار معلماً، قال: فصار عياض بعد ذلك معلماً بإفريقية لولد المعلى.