باب العين - عيسى بن عمر الثقفي أبو عمر

عيسى بن عمر الثقفي أبو عمر

مولى خالد بن الوليد، نزل في ثقيف فنسب إليهم، عالم بالنحو والعربية والقراءة مشهور بذلك، أخذ عن عبد الله بن إسحاق الحضرمي، ومات عيسى بن عمر سنة تسع وأربعين ومائة في خلافة المنصور قبل أبي عمرو بن العلاء بخمس سنين أو ست. حدث التاريخي محمد بن عبد الملك عن المبرد قال: أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود الدؤلي، ثم أخذ النحو عن أبي الأسود عنبسة بن معدان المهري الذي يقال له عنبسة الفيل، ثم أخذه عن عنبسة ميمون الأقرن، ثم أخذه عن ميمون ابن أبي إسحاق الحضرمي، ثم أخذه عن ابن أبي إسحاق عيسى بن عمر، ثم أخذه عن الخليل بن أحمد سيبويه، ثم أخذه عن سيبويه الأخفش، واسمه سعيد بن مسعدة. قال التاريخي: حدثنا المبرد مرة أخرى عن التوزي عن أبي عبيدة قال: ووضع عيسى بن عمر كتابين في النحو سمى أحدهما الجامع والآخر المكمل، فقال الخليل بن أحمد:

بطل النحو جمـيعـاً كـلـه

 

غير ما أحدث عيسى بن عمر

ذاك إكمـال وهـذا جـامـع

 

فهما للناس شمـس وقـمـر

قال المؤلف: وهذان كتابان ما علمنا أحداً رآهما ولا عرفهما، غير أن أبا الطيب اللغوي ذكر في كتابه أنهما مبسوط ومختصر. وذكر عن المبرد أنه قال: قرأت أوراقاً من أحد كتابي عيسى بن عمر وذكر أيضاً أن عيسى بن عمر أخذ النحو عن أبي عمرو بن العلاء. وحدث المرزباني فيما أسنده إلى الأصمعي قال: كان عيسى بن عمر صاحب تقصير في كلامه، وكان عمر بن هبيرة قد اتهمه بوديعة لبعض العمال فضربه مقطعاً نحواً من ألف سوط فجعل يقول: والله ما كان إلا أثياب في أسيفاط قبضها عشاروك فيقول له: إنك لخبيث. قال:وكان دقيق الصوت. قال: فكان طول دهره يحمل في كمه خرقة فيها سكر العشر والإجاص اليابس، وربما رأيته واقفاً أو سائراً أو عند بعض ولاة البصرة فتصيبه نهكة في فؤاده، فيخفق عليه حتى يكاد يغلب فيستغيث بإجاصة وسكرة يلقيها في فيه ثم يتمصصها، فإذا فعل ذلك سكن عليه فسئل عن ذلك فقال: أصابني هذا من الضرب الذي ضربني عمر بن هبيرة، فعالجته بكل شيء فما رأيت له أصلح من هذا.

وحدث التاريخي عن المبرد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عيسى بن عمر النحوي بصري، وعيسى بن عمر الكوفي همذاني وهو صاحب الحروف. وحدث عن يوسف بن يعقوب بن السكيت عن الجماز قال: عيسى بن عمر أخو حاجب بن عمر، ويكنى حاجب أبا خشينة، روى عنه الحديث وهما موليان لبني مخزوم، وهما من ولد الحكم بن عبد الله بن الأعرج الذي روى عنه الحديث. وحدث عن أحمد بن عبيد النحوي عن الأصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: قدمت من سفر فدخل علي ذو الرمة فعرضت ألا أكون أعطيته شيئاً فقال لا، أنا وأنت نأخذ ولا نعطي. قال الأصمعي: وحدثني عيسى بن عمر قال: لقد كنت أكتب بالليل حتى ينقطع سوئي أي وسطي. وحدث عن أحمد بن عبيد عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: اللهازم قيس بن ثعلبة وعجل وعنزة وتيم الله. قال عيسى بن عمر: أرى اللهازم تجمعوا كما تجمع لهازم الدابة. قال: والرباب ثور وعكل وتيم الله، والرباب ثور وعكل وتيم عدي وضبة وأطحل كلهم إخوة، وإنما سموا الرباب لأنهم تجمعوا وتحالفوا، والربابة: جماعة القداح إذا ضمت، وجشم بن بكر وإخوتهم الأراقم وليس بنسب ولكن شبهت عيونهم بعيون الأراقم من الحيات فبقي عليهم. قال مؤلف الكتاب: أما قوله وأطحل فهو عجب من مثله، لأن أطحل اسم جبل سكنه ثور فنسب إليه فقيل: ثور أطحل ولا يفرد في اسم القبيلة. وأما قوله: إنهم تجمعوا مثل الربابة فأكثر أهل هذا الشأن يزعمون أنهم تجمعوا وغمسوا أيديهم في الرب وتحالفوا على بني تميم.

قال أبو العباس ثعلب: جمع الحسن بن قحطبة عند مقدمه مدينة السلام الكسائي والأصمعي وعيسى بن عمر، فألقى عيسى على الكسائي هذه المسألة: همك ما أهمك، فذهب الكسائي يقول: يجوز كذا ويجوز كذا. فقال له عيسى: عافاك الله، إنما أريد كلام العرب، وليس هذا الذي تأتي به كلام العرب قال أبو العباس: وليس يقدر أحد أن يخطئ في هذه المسألة لأنه كيف أعرب هذه الكلمة فهو مصيب، وإنما أراد عيسى بن عمر من الكسائي أن يأتيه باللفظة التي وقعت إليه.