باب القاف - القاسم بن عمر بن منصور

القاسم بن عمر بن منصور

الواسطي أبو محمد، مولده بواسط العراق في سنة خمسين وخمسمائة في ذي الحجة، ومات بحلب يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة ست وعشرين وستمائة، أديب نحوي لغوي فاضل أريب، له تصانيف حسان، ومعرفة بهذا الشأن. قرأ النحو بواسط وبغداد على الشيخ مصدق بن شبيب، واللغة على عميد الرؤساء هبة الله بن أيوب، وقرأ القرآن على الشيخ أبي بكر الباقلاني بواسط، وعلى الشيخ علي بن هياب الجماجي بواسط أيضاً، وسمع كثيراً من كتب اللغة والنحو والحديث على جماعة يطول شرحهم علي، منهم: أبو الفتح محمد بن احمد بن بختيار الماندائي، واحمد بن الحسين بن المبارك بن نغوبا، سمع عليه المقامات عن الحريري، فانتقل من بغداد إلى حلب في سنة تسع وثمانين وخمسمائة، فأقام بها يقرئ العلم ويفيد أهلها نحواً ولغةً وفنون علوم الأدب، وصنف بها عدة تصانيف، وهي على ما أملاه علي هو بباب داره من حاضر حلب في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة: كتاب شرح اللمع لابن جني، كتاب التصريف الملوكي لابن جني أيضاً، كتاب فعلت أو أفعلت بمعنى على حروف المعجم، كتاب في اللغة لم يتم إلى هذه المدة، كتاب شرح المقامات على حروف المعجم ترتيب العزيزي، كتاب شرح المقامات آخر على ترتيب آخر، كتاب خطب قليلة، كتاب رسالة فيما أخذ على ابن النابلسي الشاعر في قصيدة نظمها في الإمام الناصر لدين الله أبي العباس صلوات الله عليه أولها: الحمد لله على نعمه المتظاهرة، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرة، وبعد: فإنه لما أخرت الفضائل عن الرذائل، وقدمت الأواخر على الأوائل، ونبذ عهد القدماء، وجهل قدر العلماء، وصار عطاء الأموال باعتبار الأحوال لا باختيار الأقوال، وظهر عظيم الإجلال بالأسماء لا بالأفعال، علمت أن الأقدار هي التي تعطي وتمنع، وتخفض وترفع، فأخملت عند ذلك من ذكري وقدري، وأخفيت من نظمي ونثري، ولأمر ما جدع قصير أنفه ومن شعر فقه:

ومالي إلى العلياء ذنب علمتـه

 

ولا أنا عن كسب المحامد باعد

وقلت: اصبر على كبد الزمان وكده، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده:

فلو لم يعل إلا ذو مـحـل

 

تعالى الجيش وانحط القتام

إلى أن بلغني ممن يعول عليه، ويرجع في القول إليه عن بعض شعراء هذا الزمان ممن يشار إليه بالبنان، أنه أنشد عنده بيت الوليد، يشهد له بالفصاحة والتجويد وهو قوله:

إذا محاسـنـي الـلائي أدل بـهـا

 

صارت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر؟

فقال مقال المفتري: كم قد خرينا على البحتري؟ فصبرت قلبي على أذاته وأغضيت جفني على قذاته حتى ابتدرني بالبادرة، التي يقصر عنها لسان الحادرة، فلو كان النابلسي كابن هانئ الأندلسي، لزلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، فيا لله العجب، متى أشرفت الظلمة على الضياء، أو علت الأرض على السماء؟ وأين السها من القمر؟ وكيف يضاهى الغمر بالغمر؟ فإنا لله، وأفوض أمري إلى الله، أفي كل سحاية أراع برعد؟ وفي كل واد بنو سعد:

وإني شقي باللئام ولا ترى

 

شقياً بهم إلا كريم الشمائل

لقد تحككت العقرب بالأفعى، واستنت الفصال حتى القرعى:

وطاولت الأرض السماء سفـاهة

 

وفاخرت الشهب الحصا والجنادل

وما ذلك التيه والصلف؟ والتجاوز للحد والسرف، إلا لأنه كلما جر جريراً اعتقد أنه قد جر جريراً، وكلما ركب الكميت ظن انه ارتكب الكميت، وكلما أعظم من غير عظم، وأكرم من غير كرم، شمخ بأنفه وطال، وتطاول إلى ما لن ينال، وزعم أنه قد بلد لبيداً، وعبد عبيداً ولا والله ليس الأمر كما زعم، ولا الشعر كما نظم، ولكنها المكارم السلطانية الملكية الظاهرية التي نوهت بذكره فسترها، ورفعت من قدره فكفرها بقول سأذكره إذا انتهيت إليه. ولما طلب العبد كراعاً فأعطي ذراعاً، خرج على من يعرفه، وبهرج على من يكشفه، فقلت: لا مخبأ بعد بوس، ولا عطر بعد عروس:

وما أنا بالغيران من دون جـاره

 

إذا أنا لم أصبح غيوراً على العلم

وقصدت قصيداً من شعره، يزعم أنها من قلائد دره، قد هذبها في مدة سنين، ومدح بها أمير المؤمنين. وقال فيها:

فانظر لنفسك أي در تـنـظـم؟

 

فكان لعمري ناظماً غير أنه

 

كحاطب ليل فاته مـنـه طـائل

فوا عجباً كم يدعي الفضل ناقص؟

 

ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل؟

وتتبعت ما فيها من غلطاته، وأظهرت ما خفي فيها من سقطاته، ولبست له جلد النمر. واندفقت عليه كالسيل المنهمر. بعد ان كتبها بخطه. وزينها بإعرابه وضبطه:

وابن اللبون إذا مالز فـي قـرن

 

لم يستطع صولة البزل القناعيس

فوجدته قد أخطأ منها في واحد وعشرين مكاناً، عدم فيها تمكناً من العلم وإمكاناً، فمنها ستة عشر موضعاً توضحها الكتابة والنظر، ومنها خمسة توضحها المجادلة والنظر فهذا من جيد مختاره وما يظهر على اختياره. وإن وقع إلى شيء من مزوق شعره أو منوق مستعاره، لأعصبنه فيه عصب السلمة، ولأعذبنه تعذيب الظلمة:

فإن قلتم: إنا ظلمنا فلم نكن

 

بدأنا ولكنا أسأنا التقاضـيا

ولو أنه اقتصر على قصوره، وأنفق من ميسوره، وستر عواره ولم يبد شواره لطويته على غره، ولم أنبه على عاره وعره فإن من سلك الجدد أمن العثار وسلم من سالم النقع المثار، ولكن كان كالباحث عن حتفه بظلفه، فلحق بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وخطؤه في هذه القصيدة ينقسم قسمين: قسم فاته فيه أدب الدرس، فيقسم أيضاً قسمين: قسم لغوي، وقسم صناعي، فأما القسم اللغوي: فإنه كذا وكذا لم يحتمل هذا المختصر ذكره. وأنشدني لنفسه من قصيدة:

ديباج وجهك بالـعـذار مـطـرز

 

برزت محاسنه وأنـت مـبـرز

وبدت على غصن الصبا لك روضة

 

والغصن ينبت في الرياض ويغرز

وجنت على وجنات خدك حـمـرة

 

خجل الشقيق بها وحار القـرمـز

لو كنت مـدعـياً نـبـوة يوسـف

 

لقضى القياس بأن حسنك معجـز

وأنشدني لنفسه من قصيدة:

زهر الحسن فوق زهر الرياض

 

منه للغصن حمرة في بـياض

قد حمى ورده ونرجسه الغـض

 

ض سيوف من الجفون مواض

فإذا ما اجتنيت باللحظ فـاحـذر

 

ما جنت صحة العيون المراض

فلها في القلـوب فـتـكة بـاغ

 

رويت عنه فتـكة الـبـراض

وإذا فوقت سهاماً مـن الـهـد

 

ب رمين السهام بـالأغـراض

واغتنم بهجة الـزمـان وبـادر

 

شمس أيامه الطوال العـراض

بشموس الكئوس تحت نـجـوم

 

في طلوع من أفقها وانقضاض

واجل من جوهر الدنان عروساً

 

نطقت عن جواهر الأعـراض

كلما أبرزت أرتـك لـهـا وج

 

ه انبساط يعطيك وجه انقبـاض

فعلى الأفق للـغـمـام مـلاء

 

طرزتها البروق بـالإيمـاض

وكـأن الـرعـود إرزام نـوق

 

فصلت دونها بنات المـخـاض

أو صهيل الجياد للمـلـك الـظ

 

ظاهر تسري بالجحفل النهاض

وأنشدني لنفسه يهجو ابن النابلسي المذكور:

لا تعجـبـن لـمـدلـوي

 

ه إذا بدا شبه الـمـريض

قد ذاب من بخـر بـفـي

 

ه بدا من الخلق البغـيض

وتـكـسـرت أسـنـانـه

 

بالعض في جعس القريض

وتقـطـعـت أنـفـاسـه

 

عرضاً بتقطيع العـروض

وأنشدني لنفسه يهجو ابن النابلسي المذكور:

يا من تأمل مدلوي

 

ه وشك فيما يسقمه

أنظر إلى بخر بفي

 

ه وما أظنك تفهمه

ولا تحسبن بـأنـه

 

نفس يغيره فمـه

لكنمـا أنـفـاسـه

 

نتنت بشعر ينظمه

وأنشدنا لنفسه في ذي الحجة سنة عشرين وستمائة بحلب:

أرى بغضي على الجهلاء داء

 

يموت ببغضه القلب العلـيل

فهم موتى النفوس بغير دفـن

 

وأحـياء عـزيزهـم ذلـيل

يغطون السماء بـكـل كـف

 

لها في الطول تصير طويل

ويبدون الطلاقة. من وجـوه

 

كما يبدو لك الحجر الصقيل

إذا قاموا لمجد أقـعـدتـهـم

 

مسالك ما لهم فيها سـبـيل

وإن طلبوا الصعود فمستحيل

 

وإن لزموا النزول فما يزول

كذاك السجل في الدولاب يعلو

 

صعوداً والصعود له نـزول

وأنشدنا لنفسه بالتاريخ:

لنا صديق به انقبـاض

 

ونحن بالبسط نستـلـذ

لا يعرف الفتح في يديه

 

إلا إذا ما أتـاه أخـذ

فكفه كيف حين يعطي

 

شيئاً وبعد العطاء منذ

وأنشدني لنفسه أيضاً:

لا ترد من خيار دهرك خـيراً

 

فبعيد من السراب الشـراب

رونق كالحباب يعلو على الكا

 

س ولكن تحت الحباب الحباب

عذبت في النفاق ألسنة القـو

 

م وفي الألسن العذاب العذاب

وأنشدني لنفسه أيضاً موشحة على طريقة المغاربة:

في زهـرة وطــيب

 

بستاني من أوجه ملاح

أجلو على الـقـضـيب

 

ريحاني والورد والأقاح

ما روضة الـربــيع

 

في حـلة الـكـمـال

تزهـو عـلـى ربـيع

 

مرت به الـشـمـال

في الحسن كـالـبـديع

 

بالحسن والـجـمـال

ناهـيك مـن حـبـيب

 

نشوان بالدل وهو صاح

إن قلـت وا لـهـيبـي

 

حياني من ثغره بـراح

كم بـت والـكــئوس

 

تجلـى مـن الـدنـان

كأنـهـا عـــروس

 

زفت من الـجـنـان

تبدو لنـا الـشـمـوس

 

منها علـى الـبـنـان

لم أخـش مـن رقـيب

 

ينهاني ألهو إلى الصباح

من شـادن ربـــيب

 

فتان زندي له وشـاح

خيل الصبا بركـضـي

 

تجري مـع الـغـواه

في سنتـي وفـرضـي

 

لا أبـتـغـي ســواه

وحجتـي لـعـرضـي

 

ما تـنـقـل الـرواه

عن عـاقـل لـبــيب

 

أفتاني أن الهوى مبـاح

والرشف من شـنـيب

 

ريان ما فيه من جنـاح

وأنشدني لنفسه أيضاً موشحة:

أي عـنــبـــرية

 

في غلائل الغـلـس

من زبــرجـــديه

 

تنـبـه الـنـعـس

جادهـا الـغـمــام

 

فانتشى بها الـزهـر

وابـتـدا الـكـمـام

 

أعيناً بـهـا سـهـر

وشـدا الـحـمــام

 

حين صفق النـهـر

وارتـدت عـشــيه

 

كملابـس الـعـرس

حلـلا ســنـــيه

 

ما دنت من الـدنـس

وامـلإ الـكـئوسـا

 

فضة على الـذهـب

واجلـهـا عـروسـاً

 

توجت من الشـهـب

تطلع الـشـمـوسـا

 

في سناً من اللـهـب

فلـهــا مـــزيه

 

في الدجى على القبس

بحـلـىً شـهـــيه

 

كمحاسن الـلـعـس

مخـبـر سـنـاهـا

 

عن تطاير الـشـرر

فاز مـن جـنـاهـا

 

من قـلائد الــدرر

فإن تـنــاهـــى

 

في الخلائق الغـرر

قلـت ظـهـــريه

 

أظهرت لملتـمـس

من عــلا أبـــيه

 

ما تنال بالـخـلـس

وأنشدني لنفسه أيضاً:

لا خير في أوجه صباح

 

تسفر عن أنفس قبـاح

كالجرح يبني على فساد

 

بظاهر ظاهر الصلاح

فقـل لـمـن مـا لـه مـصــون

 

أصبت في عـرضـك الـمـبـاح

وأنشـدنـي أيضـاً لـنـفـسـه:

 

 

جد الصبا في أباطيل الهوى لعب

 

وراحة اللهو في حكم النهي تـعـب

وأقرب الناس مـن مـجـد يؤثـلـه

 

من أبعدته مرامي العزم والطـلـب

وقادها كـظـلام الـلـيل حـامـلة

 

أهلة طلعت من بينهـا الـشـهـب

منقضة من سماء النقـع فـي أفـق

 

شيطانه بغمام الدرع مـحـتـجـب

واسود وجه الضحى ممـا أثـار بـه

 

وأشرق الأبيضان الوجه والنـسـب

في موقف يسلب الأرواح سالـبـهـا

 

حيث المواضي قواض والقنا سلـب

لا يرهب المرء ما لم تبد سطـوتـه

 

لو لا السنان استوى الخطي القصـب

إن النهوض إلى العلـياء مـكـرمة

 

لها التذاذان مشهـود ومـرتـقـب

والملك صنفان محصول وملتـمـس

 

والمجد نوعان موروث ومكتـسـب

والناس ضدان مرزوق ومـحـتـرم

 

تحت الخمول ومغصوب ومغتصـب

والطاهر النفس لا ترضيه مـرتـبة

 

في الأرض إلا إذا انحطت لها الرتب

والفضل كسب فمن يقعد به نـسـب

 

ينهض به الأفضلان العلم والحسـب

لله در المساعي ما اسـتـدر بـهـا

 

خلف السيادة إلا أمكـن الـحـلـب

وحبذا همة في العزم ما انـتـدبـت

 

لمبهم الخطب إلا زالت الـحـجـب

وموطن يستفاد العـز مـنـه كـمـا

 

أفادت العز من سلطانـهـا حـلـب

         

ومنها:

مؤيد الرأي والـرايات قـد ألـفـت

 

ذوائب القوم من راياتهـا الـعـذب

إن نازلوه وقد حق النـزال فـمـن

 

أنصاره الخاذلان الجبن والـرعـب

أو كاتبوه فـخـيل مـن كـتـائبـه

 

تجيب لا المخبران الرسل والكتـب

مغاور ينهـب الأعـمـار ذابـلـه

 

في غارة الحرب والأموال تنتهـب

في جحفل قابلوا شمس النهار علـى

 

مثل البحار بمثل الموج يضطـرب

حتى كأن شعاع الشمـس بـينـهـم

 

فوق الدروع على غدرانها لـهـب

ما أنكر الهام مـن أسـيافـه ظـبة

 

وإنما أنكـرت أسـيافـه الـقـرب

ما يدفع الخطب إلا كـل مـنـدفـع

 

في مدحه الأفصحان الشعر والخطب

ومن إذا ما انتمى في يوم مفتـخـر

 

أطاعه العاصيان العجم والـعـرب

وأنشدني من قصيدة لنفسه أيضاً:

أفي البان إن بان الخلـيط مـخـبـر؟

 

عسى ما انطوى من عهد لمياء ينشـر

فكم حركات في اعتدال سـكـونـهـا

 

أحاديث يرويها النسيم الـمـعـطـر

يود ظلام الـلـيل وهـو مـمـسـك

 

لذاذتها والصبـح وهـو مـزعـفـر

أحاديث لو أن النـجـوم تـمـتـعـت

 

بأسرارها لم تـدر كـيف تـغـور؟

يموت بها داء الهـوى وهـو قـاتـل

 

ويحيا بها ميت الجوى وهو مـقـبـر

فيا لنسيم صحتـي فـي اعـتـلالـه

 

وصحوي إذا ما مر بي وهو مسكـر

كأن بـه مـشـمـولة بـابـلـــية

 

صفت وهي من غصن الشمائل تعصر

إذا نشأت مـالـت بـلـبـك نـشـوة

 

كما مال مهـزور يمـاح ويمـطـر

وقال يمدح الوزير جمال الدين القاضي الأكرم أبا الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي من صعيد مصر ويلتمس منه أن يرتبه في خدمة:

يا سيدي قد رميت من زمنـي

 

بحادث ضاق عنه محتمـلـي

وأنت في رتبة إذا نـظـرت

 

إلي صار الزمان من قبلـي

والنظم والنثر قد أجدتـهـمـا

 

فيك فلا تترك الإجـادة لـي

فداك قوم إذا وقـفـت بـهـم

 

رأيتني راقفاً علـى طـلـل

تشغل أموالهم مـسـاعـيهـم

 

فهم عن المكرمات في شغل

تحمي حماها أعراضهم فـإذا

 

ماتت حماها سور من البخـل

معاول الـذم فـيه عـامـلة

 

إعمالها في مغائر الـجـبـل

نعلك تـاج إذا رفـعـتـهـم

 

لرأس حاف منهم ومنتـعـل

فاسمع حديثي في مـغـازلة

 

تبث شكوى في موضع الغزل

قد كنت في راحة مـكـمـلة

 

أحيي المعالي بمـيت الأمـل

أرفل في عزة القنـاعة فـي

 

ذيل على النائبات مـنـسـدل

فعند ما طالت البـطـالة بـي

 

وصار لي حاجة إلى العمـل

قال أناس نبه لـهـا عـمـراً

 

فقلت حسبي رأي الوزير علي

يعني عمر بن الوبار أحد حجاب أتابك طغرل شهاب الدين الخادم المستولي في أيامنا على حلب وقلعتها:

قد بت من وعـده عـلـى ثـقة

 

أمنت في حليها من الـعـطـل

فالأكرم ابن الكرام لو سـبـقـت

 

وعوده بالـشـبـاب لـم يحـل

يفر من وعده المـطـال كـمـا

 

تفـر آراؤه مـن الـزلـــل

أخلاقه حلـوة الـمـذاق فـلـو

 

شبهتها ما ارتضيت بالـعـسـل

تنظم دراً على الطـروس كـمـا

 

ينظم در الحلي فـي الـحـلـل

بمنطق لو سرت فـصـاحـتـه

 

في اللكن لاستعصمت من الخطل

تمـج أحـلافـه إذا كـتـبـت

 

ماء المنى مـن أسـنة الأسـل

وإن سطت في ملـمة نـسـيت

 

صفين منها ووقـعة الـجـمـل

مبـين عـلـمـه لـسـائلــه

 

مسائلاً أشكلـت عـلـى الأول

لكل علـم فـي بـابـه عـلـم

 

يهدي إلى قبلة مـن الـقـبـل

أي جمال مـا فـيه أجـمـلـه

 

على وجوه التفصيل والجـمـل؟

جل الـذي أظـهـرت بـدائعـه

 

منه معاني الرجال فـي رجـل