أبو سليمان الهجيمي قالوا: كان يخرج معنا إلى الأعراب فينشدونا، فيكتب في ألواحه غير ما ينشدونا، وينقل من ألواحه إلى الدفاتر غير ما فيها، ثم يحفظ من الدفاتر غير ما نقله إليها، ثم يحدث بغير ما حفظ.
وذكر أبو الطيب في كتاب مراتب النحويين عن الأصمعي قال: كيسان ثقة ليس بمتزيد، وقد أخذ عن الخليل.
وحدث أبو العيناء قال: قال كيسان لخلف الأحمر: يا أبا محرز، المخبل كان شاعراً أو من بني ضبة؟ فقال: يا مجنون صحح المسألة حتى يصح الجواب.
وحدث أبو حاتم قال: قال أبو زيد يوماً في مجلسه وكانت العرب تقول: ليس لحاقن رأي. فقال كيسان: ولا لمنعظ. فقال أبو زيد: ما سمعناه ولكن اكتبوه فإنه حق، وكان كيسان من الطياب المزاحين. قال أبو زيد: جاء صبي إلى كيسان يقرأ عليه شعراً حتى مر ببيت فيه ذكر العيس قال: الإبل البيض التي يخلط بياضها حمرة، قال: وما الإبل؟ قال الجمال: قال: وما الجمال؟ فقام على أربع ورغا في المسجد وقال: الذي تراه طويل الرقبة وهو يقول بوع.
وحدث المبرد عن التوزي قال: حبس عيسى بن سليمان الهاشمي كيسان وكان أحد الطياب، وكان أبو عبيدة يعبث به كثيراً فشفع فيه أبو عبيدة إلى الأمير فأمر بإخراجه.
فقال للجلاوزة: من أخرجني؟ قالوا: تكلم فيك شيخ مخضوب. فقال: أمه زانية إن برح من الحبس، إحبيس ظلم، وطليق ذل، لا يكون ذلك أبداً.
وقرأت في كتاب التصحيف لحمزة الأصفهاني: قال الرياشي: سمعت كيسان يقول: كنت على باب أبي عمرو بن العلاء فجاء أبو عبيدة فجعل ينشد شعراً لأبي شجرة وهو قوله:
ضن علينا أبو عمـرو بـنـائلـه |
|
وكل مختـبـط يومـاً لـه ورق |
ما زلت يضربني حتى جذبت لـه |
|
وحال من دون بعض البغية الشفق |
فقلت: جذبت جذبت وضحكت فغضب وقال: كيف هو؟ فقلت: إنما هو خذيت، فانخزل وما أحار جواباً، خذيت من قولك خذي البازي: إذا ثبت على يد البازيار. قال أبو الحسن على بن سليمان الأخفش: حدثني أبو العباس ثعلب: قرأ بعض أصحاب الأصمعي عليه شعر النابغة الجعدي حتى انتهى إلى قوله:
إنك أنت المخزون في أثر ال |
|
حي فإن تنونـيهـم تـقـم |
قال الأصمعي معناه: فإن تنونيهم: تقم صدور الإبل وتظعن نحوهم كما قال الآخر: أقم لها صدورها يا بسبس. فقال كيسان: كذبت، أما إنك قد سمعت من أبي عمرو بن العلاء ولكن أنسيت، إنما أراد أنهم قد نووا فراقك فذهبوا وتركوك، فإن تنولهم مثل ما نووا فيك من القطيعة نقم في دارك ومكانك، ولا ترحل نحوهم ولا تطلبهم كما قال الآخر:
إذا اختلجت عنك النـوى ذا مـودة |
|
قربن بقطاع من البين ذا شعـب |
أذاقتك مر العيش أو مت حسـرة |
|
كما مات مسقي الصباح على ألب |
ألب يألب، ولاب يلوب واحد. يقول: إذا باعدت بيني وبين من أحب قربن، يعني إبلي قربت إلى منزلي ووطني ومياهي، ولم أتبع من فارقني لأني صبور على الفراق جلد متعود لذلك فقطاع: يعني نفسه هو القطاع، لأني أقطع من قطعي، وأذاقتك من تحب وهي التي فارقتها، فأنت وإن كنت. كذا وعلى هذه الحال فأنت صبور قوي على القطع. وكما قال الراعي:
وإلف صبرت النفس عنه وقد أرى |
|
غداة فراق الحي أن لا تـلاقـيا |
وقد قادني الجيران حيناً وقدتهم |
|
وفارقت حي ما تحن جمالـيا |