باب الميم - محمد بن أحمد بن محمد المغربي

محمد بن أحمد بن محمد المغربي

أبو الحسن راوية المتنبي، أحد الأئمة الأدباء والأعيان الشعراء، خدم سيف الدولة ولقي المتنبي وصنف تصانيف حسنة وله ذكر في مصر والعراق والجبل وما وراء النهر والشاش، وجالس الصاحب ابن عباد، ولقي أيا الفرج الأصبهاني وروي عنه، وله معه أخبار. ومن تصانيفه التي شاهدتها: كتاب الانتصار المنبئ عن فضائل المتنبئ، كتاب النبيه المنبئ عن رذائل المتنبئ، كتاب تحفة الكتاب في الرسائل - مبوب -، كتاب تذكرة النديم - مجموع حسن جيد ممتع -، كتاب الرسالة الممتعة كتاب بقية الانتصار المكثر للاختصار. وغير ذلك من الرسائل والكتب. قال: وأخذت قول المتنبئ:

كفى بجسمي نحولاً أنني رجل

 

لولا مخاطبتي إياك لم ترني

فزدت عليه فلم أدع لغيري فيه زيادة وقلت من قصيدة:

عدمت من النحول فلا بلمس

 

يكفيني الوجود ولا عـيان

ولولا أنني أذكى الـبـرايا

 

لكنت خفيت عني لا أراني

قال: واختفائي عني أبدع من اختفائي من غيري وأبلغ في المعنى. وله إلى بعض جلة الكتاب يستهدنه عمامة:

أريد عمامة حسناء عنها

 

أعممك الجميل من الثناء

فوجهـهـا وقـد نـبـلـت

 

بلبسك في صباح أم مسـاء

معافى نشرها من كل عـاب

 

يولد لونـه أيدي الـعـنـاء

أدق من الذكاء إذا اجتلتـهـا

 

على مهل لواحظ ذي ذكـاء

وأضوى لحمة وسدى ولونـاً

 

من الشمس النيرة في ضحاء

لو الغرقى قاربهـا لأربـت

 

عليه في الصفاقة والصفـاء

لبم أو لنيسـابـور تـعـزى

 

فتصلح للمصيف وللشـتـاء

كعرضك إنه عرض نـقـي

 

عن الأدناس جمعاً في عطاء

تتوجني بهاء منـه أكـسـى

 

مدى لبسي لها حلل البهـاء

إذا ما مست فيها معجـبـاً لا

 

أفكر من أمامـي أو ورائي

يقول المبصروهـا أي تـاج

 

به أصبحت فـينـا ذا رواء

وتعلم أن قول العـرب حـق

 

بلا كذب يدوم ولا افـتـراء

عمائمنا لنا تـيجـان فـخـر

 

سناها قد أضيف إلى سنـاء

قرأت في كتاب مذاكرة النديم من تصنيف محمد بن أحمد المغربي هذا: قلت أصف رغيفاً أمرني بوصفه الصاحب الجليل أبو القاسم إسماعيل بن عباد وأنا معه على مائدته، واقترح أن يكون وصفي له ارتجالاً فقلت:

ورغيف كأنه الـتـرس يحـكـى

 

حمرة الشمس بالغدو احـمـراره

خفت أن يكتسي نـهـار مـآقـي

 

ى به الليل مذ تـبـدى نـهـاره

جمعته أنـامـلـي ثـم خـلـت

 

ه فـسـيان طـيه وانـتـشـاره

لم تقع منـه قـطـعة لا ولا بـا

 

ن للحظ شقيقـه وانـكـسـاره

ناعم لين كـمـبـسـم مـن قـا

 

م بعذري عند الـبـرايا عـذارة

لست أنسى به تنعـم ضـرسـي

 

إذ لجزعي وهـج تـوقـد نـاره

كان أحظى إذ ذاك عندي من الوف

 

ر إذا قر في محـلـى قـراره

يعلم اللـه أنـي لـسـت أنـسـا

 

ه وإن شط عن مزاري مـزاره

فاستحسن الأبيات وتعجب من سرعة خاطري بها ثم قال لي مداعباً نفاسة أخلاق فيه: خذه صلة لك، فأخذته وتركته على رأسي إلى أن قمنا عن المائدة، ثم خرجت ماراً إلى منزلي وكنت أنزل بعيداً من منزله، فعرف خروجي على تلك الحال فقال: ردوه، فرجعت فقال لي: عزمت أن تشق الأسواق والشوارع وهذا على رأسك؟ فقلت: نعم لأسأل فأقول: هذا صلة مولانا وأذكر الأبيات، فضحك ثم قال: بعناه. فقلت: قد بعته من مولانا بخمسمائة دينار فقال: أنقضنا واجعلها دراهم، فقلت: قد فعلت، فأمري لي بخمسمائة درهم وخلعة من ثياب جسده. وقال في هذا الكتاب: ولي في وصف مضيرة وصفتها وأنا على مائدة أبي عبد الله بن جيهان وزير صاحب خراسان:

نعم الغذاء إذا ما أينع الـعـشـب

 

وراقت العين أبراد لـه قـشـب

مضيرة كاللجين، السبك يحكمهـا

 

معقودة مصطفى للطبخ منتخـت

تخالها أرض بلور وما حمـلـت

 

من الدسومة نقشاً حشـوة ذهـب

أبرنجها أكـر سـود مـلـبـسة

 

قباطياً عن قريب سوف تستكب؟

ولحمها حلل للزهر قد جعـلـت

 

من أبيض الثلج فيما بينها حجـب

توافق الشيخ والكهل اللذين هـمـا

 

من الرطوبة في حال هي العطب

وللأبازير نفح من دواخلها كالمسك

 

لا بل إليها المسـك ينـتـسـب

يا حسنها وهي بالأيدي تغـار بـلا

 

جرم أتته وبالألحاظ تـنـتـهـب

من حالفته فقد جلت مـواهـبـه

 

ونال من دهره أضعاف ما يجب