باب الميم - محمد بن أحمد بن غيثة

محمد بن أحمد بن غيثة

بن سليمان بن أيوب بن غيثة النوقاتي بالتاء قبل ياء النسبة، ونوقات محلة بسجستان يقال لها نوها فعربت، يكنى أبا عمر السجستاني وهو والد عمر وعثمان، وصاحب التصانيف المشهورة. ذكره أبو سعد السمعاني في كتاب تاريخ مرو فقال: دخل إلى خراسان وكتب بهراة ومرو وبلخ وما وراء النهر، وسمع الكثير من الشيوخ وأكثر واشتغل بالتصانيف، وبلغ فيها الغاية وكان مرزوقاً فيها محسناً، جمع من كل جنس وفن، وأحسن في كل التصانيف، وسمع أبا عبد الله محمد بن إسحاق القرشي ثم ذكر خلقاً كثيراً، منهم الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن البيع الحافظ، وأبو حاتم محمد بن حيان البستي، وأبو يعلى النسفي، وأبو على حامد بن محمد الرفاء، وأبو سليمان الخطابي.

وروى عنه ابناه عمر وعثمان، وله تصانيف كثيرة منها: كتاب آداب المسافرين، كتاب العتاب والإعتاب، كتاب فضل الرياحين، كتاب العلم، كتاب الشيب، كتاب محنة الظراف في أخبار العشاق، كتاب معاشرة الأهلين. وأنشد لنفسه في كتاب محنة الظراف:

نمت دموعي على سرى وكتماني

 

وشرد النوم عن عيني أحزانـي

وأقلقني عمـا أسـتـعـين بـه

 

على الهوى حسرات منك تغشاني

يا من جفاني وأقصاني وغادرنـي

 

صبا وأشمت بي من كان يلحاني

لا تنس أيام أنس قد مننـت بـهـا

 

وداو غلة قلب فـيك أعـيانـي

ومن كتاب محنة الظراف مما نسبه أبو عمر إلى نفسه ومن خطه نقلت:

سأهجركم ما دمتم في حجابكم

 

على الكره حتى تأمنوا الرقباء

مساعدة مني لكم لا تصـبـراً

 

ولم يصبر العطشان يبصر ماء

وأنشد أيضاً لنفسه:

أصابك أيضاً عين بعد فرطك في حي

 

أم أذنبت فاستحسنت يا سيدي ذنبـي؟

أحين سلبت القلـب مـن صـبـابة

 

وصيرتني عبداً تجافيت عن قربـي؟

سأصبر حتى تعجبوا من تصـبـري

 

وأنتظر الحسنى على ذاك من ربـي

وأنشد السمعاني بإسناد له رفعة إلى النوقاتي عن الحسين بن أحمد عن الصولي عن ثعلب عن أبي العالية:

أرى بصـري فـي كـل يوم ولـيلة

 

يكل وخطوي عن مدى الخطو يقصر

ومن يصحـب الأيام سـتـين حـجة

 

يغـيرنـه والـدهـر لا يتـغــير

لعمري لئن أمسيت أمشـي مـقـيداً

 

لما كنت أمشي مطلق القيد أكـثـر

قال: وحدث أبو عمر بن النوقاتي في رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، فتكون وفاته بعد هذا الشهر.