باب الميم - محمد بن إسحاق بن يسار

محمد بن إسحاق بن يسار

صاحب السيرة كنيته أبو عبد الله، وقيل أبو بكر مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، ويسار من سبي عين التمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق. قال ابن أبي خيثمة: وموسى بن يسار أخو إسحاق بن يسارعم محمد بن إسحاق رواية أيضاً علامة. مات محمد بن إسحاق سنة خمسين أو إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة. ودفن بمقادير الخيزران عند قبر أبي حنيفة.

قال المرزباني: ومحمد بن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وألفها، وكان يروي عن عاصم ابن عمر بن قتادة، ويزيد بن رومان، ومحمد بن إبراهيم، وابن شهاب والأعمش، ويروي عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير امرأة هشام بن عروة، فبلغ ذلك هشاماً فقال: هو كان يدخل على امرأتي؟ كأنه أنكر ذلك، وخرج عن المدينة قديماً فلم يرو عنه منهم أحد غير إبراهيم بن سعد. وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة، وكان قصد أبا جعفر المنصور بالحيرة فكتب إليه المغازي فسمع منه أهل الكوفة لذلك السبب، وسمع منه أهل الجزيرة حين كان مع العباس بن محمد، وأتى الري فسمع منه أهلها فرواته، هذه البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة، وأتى بغداد فأقام بها إلى أن مات بها، وكان كثير الحديث، وقد كتب عنه العلماء ومنهم من يستضعفه، وكان له أخوان عمر وأبو بكر ابنا إسحاق، وقد رويا الحديث.

وحدث بإسناد رفعة إلى المفضل بن غسان الغلابي قال: سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق فقال: قال عاصم ابن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق. قال يحيى: وابن إسحاق يسمع من عاصم فكان يقال: وحدث فيما رفعه إلى علي المديني قال: سمعت بن يحيى بن سعيد القطان يقول: كان محمد بن إسحاق والحسن بن ضمرة وإبراهيم بن محمد كل هؤلاء يتشيعون ويقدمون علياً على عثمان.

وقال الشاذكاني: كان محمد بن إسحاق بن يسار يتشيع، وكان قدرياً. وقال أحمد بن يونس: أصحاب المغازي يتشيعون كابن إسحاق وأبي معشر ويحيى بن سعيد الأموي وغيرهم. وأصحاب التفسير السدي والكلبي وغيرهما، وكان له انقطاع إلى عبد الله بن حسن بن حسن، وكان يأتيه بالشيء فيقول له: أثبت هذا في علمك فيثبته ويرويه عنه.

وحدث فيما أسنده إلى الواقدي قال: كان محمد بن إسحاق يجلس قريباً من النساء في مؤخر المسجد فيروي عنه أنه كان يسامر النساء، فرفع إلى هشام وهو أمير المدينة وكانت له شعرة حسنة فرقق رأسه وضربه أسواطاً ونهاه عن الجلوس هنالك وكان حسن الوجه.

وحدث عبد الله بن إدريس قال: كنت عند مالك بن أنس فقال له رجل: إن محمد بن إسحاق يقول: اعرضوا علي علم مالك بن أنس فإني أنا بيطاره. فقال مالك: انظروا إلى دجال من الدجاجلة يقول: اعرضوا على علم مالك. قال إدريس: وما رأيت أحداً جمع الدجال قبله. وحدث هارون بن عبد الله الزهري قال: سمعت ابن أبي خازم قال: كان ابن إسحاق في حلقته فأغفى ثم انتبه فقال: رأيت حماراً اقتيد بحبل حتى خرج من المسجد، فلم يبرح حتى أتته رسل الوالي فاقتادوه بحبل فأخرجوه من المسجد. وقال محمد بن إسحاق: كانت تعمل له الأشعار فيضعها في كتب المغازي فصار بها فضيحة عند رواة الأخبار والأشعار، وأخطأ في كثير من النسب الذي أورده في كتابه، وكان يحمل عن اليهود والنصارى ويسميهم في كتبه أهل العمل الأول، وأصحاب الحديث يضعفونه ويتهمونه. وله من الكتب: كتاب الخلفاء رواه عنه الأموي، كتاب السير والمغازي، كتاب المبدإ رواه عنه إبراهيم بن سعد ومحمد بن عبد الله بن نمير النفيلي، ومات النفيلي بحران سنة أربع وثلاثين ومائتين، وكان يكنى أبا عبد الرحمن.