باب الميم - محمد بن حبيب أبو جعفر

محمد بن حبيب أبو جعفر

ذكره المرزباني فقال: قال عبد الله بن جعفر: من علماء بغداد باللغة والشعر والأخبار والأنساب الثقات محمد بن حبيب ويكنى أبا جعفر وكان مؤدباً. ولا يعرف أبوه وإنما نسب إلى أمه وهي حبيب، وهو ممن يروي كتب ابن الأعرابي وابن الكلبي، وقطرب وكتبه صحيحة، وله مصنفات في الأخبار منها: كتاب المحبر والموشي وغيرهما. مات ابن حبيب بسامرا في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائتين في أيام المتوكل. قال أبو الحسن بن أبي رؤبة: قال أبو رؤبة: عبرت إلى ابن حبيب في مكتبه وكان يعلم ولد العباس بن محمد في شكوك شككت فيها، وروى محمد بن موسى البربري عن ابن حبيب قال: إذا قلت للرجل ما صناعتك؟ فقال معلم فاصفع، وأنشد ابن حبيب:

إن المعلم لا يزال معلـمـاً

 

لو كان علم آدم الأسـمـاء

من علم الصبيان صبوا عقله

 

حتى بنى الخلفاء والخلفاء

ومحمد بن حبيب مولى لبني هاشم ثم مولى لمحمد بن العباس بن محمد الهاشمي، وأمه مولاة لهم. وقال ابن النديم: نقلت من خط أبي سعيد السكري قال: هو محمد بن حبيب ابن أمية بن عمرو، وكان يروي عن هشام بن الكلبي وابن الأعرابي وقطرب وأبي عبيدة وأبي اليقظان، وأكثر الأخذ عنه أبو سعيد السكري. قال المرزباني: وكان محمد ابن حبيب يغير على كتب الناس فيدعيها ويسقط أسماءهم، فمن ذلك: الكتاب الذي ألفه إسماعيل بن أبي عبيد الله، واسم أبي عبيد الله معاوية، وكنيته هي الغالبة على اسمه فلم يذكرها لئلا يعرف، وابتدأ فساق كتاب الرجل من أوله إلى آخره فلم يخلطه بغيره، ولم يغير منه حرفاً ولا زاد فيه شيئاً، فلما ختمه أتبع ذلك بذكر من لقب من الشعراء ببيت قاله. قال: وما علمت أن أحداً من العلماء صنع صنيعه هذا، ولا من استحسن أن يضع نفسه هذا الموضع القبيح، وأحسب أن الذي حمله على ذلك أن كتاب إسماعيل هذا لم تكثر روايته ولا اتسع ي أيدي الأدباء، فقدر ابن حبيب أن أمره ينستر، وأن إغارته عليه تميت ذكر صاحبه.

وحدث المرزباني عن أحمد بن محمد الكاتب عن علي ابن عبد الله بن المسيب قال: كان علي بن العباس الرومي يختلف إلى محمد بن حبيب، لأن محمداً كان صديقاً لأبيه العباس بن جورجس، وكان يخص علياً لما يرى من ذكائه، فحدث علي عنه أنه كان إذا مر به شيء يستغربه ويستجيده يقول لي: يا أبا الحسن، ضع هذا في تامورك. وحدث أبو بكر بن علي قال: قال أبو طاهر القاضي محمد بن حبيب وهي أمه وهو ولد ملاعنه. وحدث أيضاً فيما أسنده إلى ثعلب قال: حضرت مجلس ابن حبيب فلم يمل فقلت ويحك أمل، مالك؟ فلم يفعل حتى قمت، وكان والله حافظاً صدوقاً، وكان يعقوب أعلم منه، وكان هو أحفظ للأنساب والأخبار منه وهو بغدادي.

وحدث أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الإشبيلي في كتابه قال: قال ثعلب: أتيت ابن حبيب وقد بلغني أنه يملي شعر حسان بن ثابت، فلما عرف موضعي قطع الإملاء فانصرفت وعدت إليه، وترفقت به فأملي وكان لا يقعد في المسجد الجامع، فعذلته على ذلك حتى قعد جمعة من الجمع واجتمع إليه الناس فسأله سائل عن هذه الأبيات:

أزحنة عني تطردين تبـددت

 

بلحمك طير طرن كل مطير

ففي لا تزلي زلة ليس بعدها

 

جبور وزلات النساء كـثـير

وإني وإياه كرجلي نـعـامة

 

على كل حال من غنى وفقير

ففسر ما فيه من اللغة، فقيل له كيف قيل: غني وفقير، ولم يقل من غني وفقر. قال: فاضطرب، فقلت للسائل: هذه غريبة، وأنا أنوب عنه وبينت العلة وانصرف، ثم لم يعد للقعود بعد ذلك وانقطعت عنه. قوله رجلي نعامة: إنما شبه به لأنه لا تنوب إحداهما عن الأخرى لأنه لامخ فيها، وسائر الحيوان إذا أعيت إحدى رجليه استعان بالأخرى فيقال هما رجلا نعامة، أي لا غنى لإحداهما عن الأخرى، والأسماء ترد على المصادر والمصادر على الأسماء، لأن المصادر إنما ظهرت لظهور الأسماء وتمكن الإعراب منها.

قال محمد بن إسحاق: ولابن حبيب من الكتب: كتاب النسب، كتاب الأمثال على أفعل ويسمى المنمق، كتاب السعود والعمود، كتاب العمائر والربائع، كتاب الموشح، كتاب المختلف والمؤتلف في أسماء القبائل، كتاب المحبر وهو من جيد كتبه، كتاب المقتني، كتاب غريب الحديث، كتاب الأنواء، كتاب المشجر، كتاب من استجيب دعوته، كتاب الموشى، كتاب المذهب في أخبار الشعراء وطبقاتهم، كتاب نقائض جرير وعمر بن لجأ، كتاب نقائض جرير والفرزدق، كتاب المفوف، كتاب تاريخ الخلفاء كتاب من سمي ببيت قاله، كتاب مقاتل الفرسان، كتاب الشعراء وأنسابهم، كتاب العقل، كتاب كني الشعراء، كتاب السمات، كتاب أيام جرير التي ذكرها في شعره، كتاب أمهات أعيان بني عند المطلب، كتاب المقتبس، كتاب أمهات السبعة من قريش، كتاب الخيل، كتاب النبات، كتاب ألقاب القبائل كلها، كتاب الأرحام التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سوى العصبة، كتاب ألقاب اليمن ومضر وربيعة، كتاب القبائل الكبير الأيام جمعه للفتح بن خاقان. قال محمد بن إسحاق: ورأيت أنا النسخة بعينها في طلحى نيفاً وعشرين جزءاً، وكانت تنقص ما يدل على أنها كانت نحواً من أربعين جزءاً في كل جزء مائتا ورقة وأكثر، ولهذه النسخة فهرست لما تحتوي عليه من القبائل والأيام في طلحى نحو خمسة عشر ورقة. ومن صنعه في أشعار العرب: كتاب ديوان زفر بن الحارث، كتاب شعر الشماخ، كتاب شعر الأقيشر، كتاب شعر الصمة، كتاب شعر لبيد العامري.