باب الميم - محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي

محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي

يكنى أبا جعفر، هو ابن أخي معاذ الهراء، وهم من موالي محمد بن كعب القرظي قال: وسمي الرؤاسي لكبر رأسه، وكان ينزل النيل فقيل له النيلي، وكان أول من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو، ومات في أيام الرشيد.

قال أحمد بن يحيى تغلب: كان الرؤاسي أستاذ علي بن حمزة الكسائي والفراء. قال الفراء: فلما خرج الكسائي إلى بغداد قال لي الرؤاسي: قد خرج الكسائي وأنت أسن منه، فجئت إلى بغداد فرأيت الكسائي فسألته عن مسائل الرؤاسي فأجابني بخلاف ما عندي، فغمرت عليه قوماً كوفيين كانوا معي فرآني فقال لي: مالك قد أنكرت؟ لعلك من أهل الكوفة، قلت نعم. قال: الرؤاسي يقول كذا وكذا وليس صواباً. وسمعت العرب تقول كذا وكذا حتى أتى على مسائلي فلزمته. قال: وكان الرؤاسي رجلاً صالحاً وقال: بعث الخليل إلي يطلب كتابي فبعثت به إليه فقرأه قال: وكل ما في كتاب سيبويه وقال الكوفي كذاً فإنما يعني الرؤاسي. قال: وكتاب الرؤاسي يقال له الفيصل. وزعم ثعلب أن أول من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو أبو جعفر الرؤاسي، وكان له كتاب معروف عندهم يقدمونه. وقال سلمة: سئل الفراء عن الرؤاسي فأثنى عليه وقال: قد كان دخل البصرة دخلتين، وقل مقامه بالكوفة فلذلك قل أخذ الناس عنه قال: وقال المبرد: ما عرف الرؤاسي بالبصرة، وقد زعم بعض الناس أنه صنف كتاباً في النحو فدخل البصرة ليعرضه على أصحابنا فلم يلتفت إليه، أو لم يجسر على إظهاره ولما سمع كلامهم.

وقال ابن درستويه: وزعم جماعة من البصريين أن الكوفي الذي يذكره الأخفش في آخر كتاب المسائل ويرد عليه هو الرؤاسي.

حدث محمد بن جعفر الأشعثي عن الرؤاسي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي: إن لي تجارة بالنيل أفأشتري بالنيل داراً؟ فقال: اشتر ما ينفعك، فرب عزلة كانت داعية خير، وإياك وجميع ما يعنيك، فأما لا يعنيك فإياك وإياه.

وحدث عبد الله بن جعفر عن علي بن المبارك الأحمر عن الكسائي قال: كان للرؤاسي امرأة من أهل النيل تزوجها بالكوفة وانتقلت إليه من النيل وشرطت عليه أنها تلم بأهلها في كل مدة فكانت لا تقيم عنده إلا القليل، ثم يحتاج إلى إخراجها وردها فمل ذلك منها وفارقها وقال فيها:

بانت لمن تهوى حمول

 

فأسفت في أثر الحمول

أتبعتهم عينـاً عـلـي

 

هم ما تفيق من الهمول

ثم ارعويت كما ارعوى

 

عنها المسائل للطلـول

لاحت مخائل خلفـهـا

 

وخلافها دون القبـول

ملت وأبـدت جـفـوة

 

لا تركنن إلى مـلـول

ولأبي جعفر الرؤاسي قصيدة منها:

ألا يا نفس هل لك في صـيام

 

عن الدنيا لعلك تـهـتـدينـا

يكون الفطر وقت الموت منها

 

لعلك عنده تستـبـشـرينـا

أجيبيني هديت وأسعـفـينـي

 

لعلك في الجنان تخـلـدينـا

وحدث أبو الطيب اللغوي في كتاب المراتب قال: وممن أخذ عن أبي عمرو بن العلاء من أهل الكوفة أبو جعفر الرؤاسي عالم أهل الكوفة إلا أنه ليس بنظير لمن ذكرنا ولا قريباً منهم، وكان ذكر يونس بن حبيب وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد ونظائرهم قال: وقال أبو حاتم: كان بالكوفة نحوي يقال له أبو جعفر الرؤاسي وهو مطروح العلم ليس بشيء.

وقال محمد بن إسحاق في الكتاب الذي ألفه في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة: وللرؤاسي من الكتب: كتاب الفيصل رواه جماعة وهو يروي إلى اليوم، كتاب معاني القرآن، كتاب التصغير، كتاب الوقف والابتداء الكبير، كتاب الوقف والابتداء الصغير.