باب الميم - محمد بن عبد الله بن قادم

محمد بن عبد الله بن قادم

أبو جعفر النحوي، كان حسن النظر في علل النحو، وكان يؤدب ولد سعيد بن قتيبة الباهلي، وكان من أعيان أصحاب الفراء وأخذ عنه ثعلب. حكى عنه قال: وجه إلي إسحاق ابن إبراهيم المصعبي يوماً فأحضرني ولم أدر ما السبب، فلما قربت من مجلسه تلقاني ميمون بن إبراهيم كاتبه على الرسائل وهو على غاية الهلع والجزع، فقال لي بصوت خفي: إنه إسحاق، ومر غير متلبث حتى رجع إلى مجلس إسحاق فراعني ذلك، فلما مثلت بين يديه قال لي: كيف يقال: وهذا المال مال أوهذا المال مالاً؟ قال: فعلمت ما أراد ميمون، فقلت: الوجه مال، ويجوز مالاً، فأقبل إسحاق على ميمون يغلطه وقال: الزم الوجه في كتبك ودعنا من يجوز ويجوز ورمى بكتاب كان في يده، فسألت عن الخبر، فإذا ميمون قد كتب إلى المأمون - وهو ببلاد الروم عن إسحاق وذكر مالاً حمله إليه - وهذا المال مالاً. فخط المأمون على الموضع من الكتاب ووقع بخطه على الحاشية: تخاطبني بلحن؟ فقامت القيامة على إسحاق، فكان ميمون بعد ذلك يقول: لا أدري كيف ابن قادم أبقى على روحي ونعمتي. وحكى عن أحمد بن إسحاق بن بهلول: أنه دخل هو وأخوه بغداد فدار على الحلق يوم الجمعة فوقف على رجل يتلهب ذكاء ويجيب عن كل مت يسأل عنه من مسائل الأدب والقرآن فقلنا: من هذا؟ قالوا ثعلب، فبين نحن كذلك، إذ ورد شيخ يتوكأ على عصا فقال لأهل الحلقة أفرجوا للشيخ فأفرجوا له حتى جلس إلى جانبه، ثم إن سائلاً سأل ثعلباً عن مسألة فقال: الرؤاسي فيها كذا، وقال الكسائي كذا، وقال الفراء كذا، وقال هشام كذا، وقلت أنا كذا، فقال له الشيخ: لا أراني اعتقد فيها إلا جوابك، فالحمد لله الذي بلغني فيك هذه المنزلة. فقلنا: من هذا الشيخ؟ فقيل: أستاذه ابن قادم، وكان ابن قادم يعلم المعتز قبل الخلافة، فلما ولي بعث إليه فقيل له: أجب أمير المؤمنين، فقال أليس هو ببغداد يعني المستعين؟ فقالوا: لا وقد ولي المعتز، وكان قد حقد عليه بطريق تأديبه له، فخشي من بادرته، فقال لعياله: عليكم السلام، فخرج ولم يرجع إليهم وذلك في سنة إحدى وخمسين ومائتين، وله من الكتب: الكافي في النحو، المختصر فيه أيضاً، وكتاب غرائب الحديث.