باب الميم - محمد بن علي بن إسماعيل العسكري

محمد بن علي بن إسماعيل العسكري

أبو بكر المعروف بمبرمان النحوي، أخذ عن المبرد وعن أبي إسحاق إبراهيم الزجاج وأكثر عنه، وأخذ عنه أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي وأبو علي الفارسي، وكان إماماً في النحو قيماً به، وكان مع علمه وفضله سخيفاً إذا أراد أن يمضي لمصلحة طرح نفسه في طبق حمال وشده بحبل، وربما كان معه ما يتنقل به نحو نبق وغيره فيأكل ويرمي الناس بالنوى يتعمد رؤوسهم، وربما بال على رأس الحمال فإذا قيل له في ذلك اعتذر، وقال بعض معاصريه يهجوه:

صداع من كلامك يعترينا

 

وما فيه لمستمع بـيان

مكابرة ومخرقة وبهـت

 

لقد أبرمتنا يا مبرمـان

وكان المبرد يقول: تلاميذ أبي رجلان: أحدهما التكلاباذي يقرأ على أبي ثم يقول: قال المازني فيعلو، والآخر مبرمان يقرأ عليه ثم يقول: قال الزجاج فيسفل. وكان أبو بكر مبرمان ضنيناً بالقراءة عليه، لا يقرئ كتاب سيبويه إلا بمائة دينار، فقصده أبو هاشم الجبائي لقراءة الكتاب عليه فقال له مبرمان: قد عرفت الرسم؟ فقال أبو هاشم نعم، ولكن أسألك النظرة وأحمل إليك شيئاً يساوي أضعاف الرسم فأودعه عندك إلى أن يصل إلي مال لي في بغداد فأحمله إليك واسترد الوديعة، فتمنع قليلاً ثم أجابه، فعمد أبو هاشم إلى زنفيلجة حسنة مغشاة بالأدم محلاة فملأها حجارة وقفلها وختمها وحملها إلى مبرمان فوضعها بين يديه، فلما رأى منظرها وثقلها لم يشك في حقيقة ما ذكره، فوضعها عنده وأخذ عنه، فلما ختم الكتاب قال له المبرمان: احمل إلي مالي قبلك. فقال: أنفذ معي غلامك حتى أدفع إليه الرسم. فأنفذه معه إلى منزله، فلما جاء أبو هاشم إلى بيته كتب إلى مبرمان رقعة يقول فيها: قد تأخر حضور المال وأرهقني السفر، وقد أبحت لك التصرف في الزنفيلجة وهذا خطى لك حجة بذلك. وخرج أبو هاشم لوقته إلى البصرة ومنها إلى بغداد، فلما وصلت الرقعة إلى مبرمان استدعى بالزنفيلجة وفتحها فإذا فيها حجارة فقال: سخر منا أبو هاشم - لا حياه الله - واحتال علي بما لم يتم لغيره.

ولمبرمان من الكتب: شرح كتاب سيبويه لم يتم، وشرح شواهد سيبويه، كتاب المجموع على العلل، والتلقين في النحو، والمجاري، كتاب صفة شكر المنعم، وشرح كتاب الأخفش وغير ذلك، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.